قصة عن الحب من أول نظرة

صورة , الحب , Love

قصة حب من أول نظرة

لم تكن تلك هي المرة الأول التي تخرج من بيتها، وهي تقصد المكتبة العامة، لتجلب كتبا تستخدمها في أبحاثها، ولكنها كانت المرة الأولى التي يحدثها قلبها أن شيئا ما سوف يحدث اليوم، وفي المكتبة، شيئا ما سوف يغير خارطة الحياة، ويغير ملامحها، كان هذا الخاطر يراودها بشدة، ولكنها مضت في طريقها، وبداخلها سؤال حائر…. ترى ماذا ينتظرها؟

دخلت المكتبة تبحث عما تريد، ووقعت عينها على وجه جديد لم تلتق به من قبل، اكتشفت أنه الموظف الجديد في المكتبة، سألته عن الكتاب التي تريده، ودار بينهما حوار قصير جدا.

وعادت إلى بيتها وهي تشعر أن شيئا ما قد تغير، راحت تذاكر وتراجع ما ورائها ولكن ثمة شيء عالق بذاكرتها، يستوقفها كل فترة، إنه ذلك الوجه الجديد الذي التقته، وتلك النظرة اللامعة التي لمحتها في عينه.

مضت الأيام وتكررت زيارة المكتبة، فأصبح من المنطقي أن تتبادل معه التحية حين تلقاه وحين تخرج من المكتبة، سألها عن اسمها ودراستها، وعرف منطقة السكن، وأصبح الحوار أطول قليلا، لم يمضي إلا أيام قلة.. وإذا بها تدرك إجابة سؤالها القديم.

إنه الحب … نعم عرفت الآن أنه الحب الذي غزا حياتها، وتسرب إلى أعماق روحها، فضبطت روحها وهي تدور في فلكه، تسأل عنه، وتختلق الأسباب لرؤيته، ومحادثته.

والعجيب أنه يفعل الشيء نفسه، لم يعد هناك ما يدع للمداراة ولا الإخفاء.

وصلت رسائل الحب محملة بالشوق واللهفة، والاعتراف بذلك التغيير الذي بدأ ينسج خيوطه حول قلبها، قلبها الذي أضناه الحرمان وخاصمته الفرحة، وبدأ طيفه يلون لحظاتها.

تعلقت به، وصارت تحلم بالمستقبل الذي ينتظرها معه، لم يحادثها في مسألة الزواج ولكنها صارحته بأنها، لا تقبل تضييع الوقت ولا تستهويها القصص مجهولة النهاية أبدا، وكانت المفاجأة.

أخبرها أنه يحبها وأنه قد تعلق بها وأبدى أعجابه الشديد بها، مما أثلج صدرها وأسعدها سعادة لم تكن تعرف مذاقها من قبل.

ولكن لأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد فاجئها بمعلومة صادمة، عصفت بأحلامها وألقت بها في هوة سحيقة، فقد أخبرها أنه متزوج…

يالها من معلومة قاسية كفيلة بهدم كل ما بنته من الأحلام، ولكن لا بأس فهي لا زالت في أول الطريق والموضوع لا زال تحت السيطرة.

هكذا كانت تتوهم، إنها بكلمة يمكنها أن تنهي تفاصيل تلك القصة القصيرة ( أو التي كانت تتصور أنها قصيرة)، لكنها وجدت نفسها تنساق وراء رغبتها في التواصل بهذا الحبيب الذي أضاء ظلمة الحياة فجأة بظهوره، وأظلمها فجأة بتصريحاته.

واستمرت بينهما الاتصالات رغم تصريحها بأنها لن تقبل إكمال تلك العلاقة، وأن أحدا من أهلها لن يوافق أبدا على هذا الزواج، وبدأت المعاناة والصراع منذ تلك اللحظة، فحينا تشعر أنها في حاجة إليه، وتشعر أنها عثرت على كنز لا يمكن أن تتركه يضيع من يديها، تشعر أن هذا الشخص خلق لها، فمنطقه يشبه منطقها، وثقافته نفس ثقافتها، وقناعاتهما متقاربة وأذواقهما وحكمهما كل شيء يكاد يكون واحدًا، يحب ما تحب، ويكره ما تكره، ويرفض ما لا تقبله، فكأنه ذلك النصف الآخر الذي طالما بحثت عنه وانتظرت أن تكتمل به.

إذا كيف تتركه يضيع؟؟ وذلك الإعجاب الذي يزرع في قبلها وكيانها ثقة لم تكن تعرفها من قبل، وذلك التمسك والتعلق الذي يشعرها أنها ملكة متوجة على قلب ملك، وتلك الأوجاع التي تركها الحرمان في فؤادها، مالها تتماثل للشفاء كأن طبيبا ماهرا قد لامسها وقرر أن يداويها.. كيف ترفض تلك المنحة وتتركها تضيع؟؟

وعلى الجانب الثاني راح يراودها خاطر مختلف هو كيف تقبل أن تبدأ الحياة مع رجل في حياته امرأة أخرى، وما مصير العلاقة بينهما؟ ومن يدريها أن تكون المنافسة لصالحها فتظل محتفظة بقبل حبيبها؟ ومن يدريها أنه ستتحمل فكرة الشراكة الغريبة التي تعرض عليها؟

فبين الخاطرين ظلت تتردد، فتقبل عليه حينا وكلها شوق واحتياج، فيلقاها هو بالحب والود والاحتواء، وتبتعد حينا آخر كلما تيقنت أن القصة محكوم عليها بالانتهاء قبل أن تبدأ .. فتبتعد والوجع يعتصرها ومرارة الفقد تعكر صفوها في كل حين، وما أن يشفها الوجد ويضنيها الفقد حتى تعود إليه، تلقي عذرها بين يديه، فيعاود احتوائها واحتضان ضعفها بلا عتاب أو تأنيب.

هكذا تمض سنوات عمرها وهي كما هي، تبتعد أحيانا وتقترب أحيانا، وفي كل مرة يلقاها بكل الشوق الحب اللهفة.

هي بين حاليها تتقلب، وقد صار القرب أصعب والفراق أيضا أصعب، وللمرة المائة تبتعد وتقترب وقد صار الوجع رفيقا ومرارة الفراق مألوفة.

وحانت لحظة الفراق وأسدل الستار على نفس المشهد ” كلاكيت للمرة المائة، وأصبح التعود على الوجع اسلوب حياة.).

أضف تعليق

error: