الحب هو الاهتمام

صورة , Love , الحب , الاهتمام

الحب حالة عاطفية رائعة تفرض سلطتها على المشاعر، فتجعل صاحبها يطير فوق سحائب الواقع، ويتذوق السعادة كما لم يتذوقها من قبل، لكن برغم تلك الحالة السحرية التي تصاحب الشعور بالحب إلا أن الحب في المقام الأول وعي بالمحبوب، وادراك لطباعه وملامحه وأجاعه وسعادته، ومن ثم فنحن بحاجة إلى تصحيح مفهوم الحب والخروج به من حالة المشاعر المرتجلة والكلمات الأخاذة إلى حيث القوة الكبيرة التي تكمن في ثناياه، فتنقل المحب ولمحبوب إلى واقع أجمل من الخيال.

الحب اهتمام

الاهتمام في الحب سبب من أسبابه ونتيجة من نتائجه، فنحن نحب من يهتم بنا ونهتم بمن نحبهم، ولأن الاهتمام لا يتجزأ عن الحب فهو علامة من علامات صدقه ودليل على قوته وعمقه، من ثم فإن من يلخص مشاعر الحب ومعانيه في كلمات يرددها على مسامع من يحبه ليل نهار، فإنه يبخس الحب الحقيقي حقه، ويجرده من جوهره ومعانيه.

والاهتمام يظهر في سؤال المحب ولهفته واقتفائه أثر من يحب، فهو يسأل عن حاله وما يحدث له، ويطمئن على كل ما يخصه من صحته وعمله وعالمه بكل ما يحتويه.

الاهتمام هو تركيز على التفاصيل التي تتعلق بالمحبوب، والانتباه إلى صغائر الأمور التي تخصه كما لو كانت قضايا مهمة وفاصلة، فتراه يعرف ما يحبه المحبوب وما يسعده، وما يثير قلقه، وما يزعجه، وما يحلم به ويتمناه، فالاهتمام هو ان تعرف كل شيء عمن تحب.

والاهتمام تختلف مظاهره وترجمته من محب لآخر انطلاقا من موقعه وصفته في حياة من يحبه، فاهتمام الأم بأبنائها يشمل كل صور الرعاية والخدمة والعناية بتغذيتهم ومظهرهم، والحرص على سلامتهم النفسية والجسدية أيضا، ويشمل تربيتهم وتعليمهم ومساندتهم في رحلتهم نحو صناعة مستقبلهم.

أما اهتمام الزوج بزوجته والذي لا ينفصل عن الحب بأي حال من الأحوال فهو يعني أن يشملها برعايته، ويحق لها الاكتفاء المادي والمعنوي والنفسي، وأن يشبع احتياجاتها العاطفية للحب والتدليل، فالزوجة قد تصبر على الحرمان من بعض احتياجاتها المالية لملابس أو طعام أو نحوه من أسباب الرفاهية، لكنها لا تصبر على الحرمان من الاهتمام والحب، فالمرأة تميل إلى من يشبع انوثتها ويعترف بها ويحسن العزف على أوتارها.

ومن العجيب أن تجد بعض المحبون يتشدقون بالحب ويدعون الاهتمام ولو سألوا عن أحبتهم لا يعرفوا عنهم شيئا، ولا يعلموا من أسرارهم إلا اليسير، وهذا الجهل يتنافى مع معنى الاهتمام ويبطل دعواه.

ومن المفارقات الملفتة أن المرأة دائما هي الأكثر اهتمامًا بحبيبها، والأكثر حرصًا على إرضائه وسعادته.

كيف تهتم بمن تحب؟

على الرغم من أننا لسنا في حاجة إلى من يعلمنا كيف يكون الاهتمام بمن نحبهم، لأن الاهتمام في حد ذاته يقودنا إلى تلك المعرفة، ويعلمنا كيف نعبر عنه ونحوله إلى أفعال ملموسة وأقوال صادقة، إلا إننا سنعرض بعض الطرق الرائعة في توصيل رسائل الاهتمام ومنها:
• تفقد أخبار من تحب، واسأل عن أحواله، وعبر عن اهتمامك بما تعرفه.

• تفاعل مع حبيبك في تفاصيل حياته، عبر له عن اعجابك وسعادتك بما يسعده، وابدي استيائك من كل ما يزعجه ويضايقه.
• استمع إلى مشكلاته بآذان مصغية، ولا تهون من شكواه مهما بدت تافهة أو سطحية.

• من مظاهر الاهتمام أن لا ينحصر دورك في مجرد استماع الشكوى والمشكلات بل شارك في البحث عن حل، وحاول اتخاذ خطوات عملية في هذا الصدد.

• تعامل مع مشكلاته الخاصة كأنها مشكلة مشتركة، تعلم استخدام ضمير الجمع في حديثك، فهذا سر من أسرار الاهتمام وكسر الحواجز.

• إذا رأيت عليه أي مظاهر للتغير أو سوء المزاج أو التعب النفسي والجسدي، لا تتركه أبدا دون أن تعرف سبب هذا التغير، وحاول جاهدا أن تخرجه من تلك الحالة، وتخفف عنه ما ألم به.

• في لحظات السفر أو الوداع لا تنس أن تبثه كل معاني الاهتمام، اسأل عنه كل فترة وودعه بدعوات حارة صادقة من أعماق روحك، تتمن له فيها السلامة والتوفيق، ذكره بأن يهتم بكل التفاصيل وينتبه لنفسه، استودع الله من تحب، وتمنى له عودًا محمودًا، ولقاءً طيبًا.

أخيرًا الاهتمام هو أن ترى ما لا يراه غيرك، وتفعل ما لا يفعله غيرك، أن تشعر حبيبك بأنك معه وإن كانت تفصل بينكما أميال، الاهتمام هو عناق الأرواح الذي لا يقطعه مكان ولا زمان.

أضف تعليق

error: