خطبة عن عيد الأم وتكريم الإسلام للمرأة

ليس لها وقت محدد؛ لكننا نسوقها لكم في هذا التوقيت عمدًا وخصيصًا. إنها خطبة عن عيد الأم وكيف كان تكريم الإسلام للمرأة. هيه الخطبة -المكتوبة- تُساق سوقًا إلى الأئمة والخطباء لينهلوا منها، ويكون إلقائهم لخطبهم عن بر الوالدين وعن فضل الأم ومنزلتها إلى عوام المسلمين رسالة واضحة لتثبيت البارين وتنبيه وإيقاظ العاقّين.

نحن معكم ولكم في ملتقى الخبطاء وصوت الدعاة هنا نحاول أن نوفر لكم ما تريدون من الخطب المكتوبة التي تعينكم على تحضير خطب الجمعة في المساجد التي تتولون إلقاء الخطبة على منابرها؛ آملين أن تنتفعوا بكل ما نقدمه لكم.

خطبة عن عيد الأم وتكريم الإسلام للمرأة

مقدمة الخطبة

الحمد لله رب العالمين. أحمده ﷻ حمد الشاكرين. حمدًا يليق بكماله وجماله وعظمته وكبريائه. حمدًا يستجلب المخزون من نعمائه، ويستلطف المكنون من آلائه. حمدًا يرضيه عنا فنرضى.

ونشهد جميعا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. ولا نِد له. ولا ولا والد ولا خليط ولا شريك، لأن الواحد هو الله.

ونشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا وشفيعنا وقائدنا محمدا رسول الله. نبيُّ الهدى وبحر الندى، وأفضل الخلق جودا وأكرمهم يدا.

قالوا تحب محمدا؟ — فأجبتهم إني بحُب محمد أتعبَّد
أحببت فيه هدايتي وكرامتي — وبراءتي من شر نارٍ تُوقَد
وشفاعةٍ تُرجى ليوم قيامةٍ — وتقلبي بين النعيم مُخَلد
وتفاخري بين الأنام بأنني — من أُمة فيها النبي محمد

اللهم صل وسلم وزِد وبارك وأنعم على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه. ومن تمسك بسُنته وسار على مدرجته المحمدية إلى يوم الدين.

الخطبة الأولى

أما بعد؛ فيا أيها المؤمنون، يقول الحق ﷻ ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾. جعل الحق ﷻ الرجل والمرأة كِلاهما شيئا واحدة. ولذلك يقول سيدنا رسول الله ﷺ «إنما النساء شقائق الرجال». كأنها قطعة منك وأنت قطعة منها.

اهتم المعاصرون من أهل زماننا بإكرام المرأة. يوم المرأة، عيد الأم، احتفالات وانتصارات للمرأة. ولكنني أود أن أصوّب الأنظار إلى إكرام الإسلام للمرأة. وكيف أن هذا التكريم وهذا الإكرام وهذا العطاء لا بد أن يكون مصحوبا بشرطه. فليست المرأة عامة وليس الرجل عاما. بل كل شيء في الشرع له قدر. كل شيء بمقدار. إذا خرج الأمر عن حده انقلب إلى ضده.

عيد الأم

لعلكم تسمعون: عيد الأم. وبعض الناس يعترض على هذا. ويقول لا يوجد شيء اسمه عيد الأم أصلا. وانتبهوا لهذا التفصيل لأنه دقيق جدا. وتزل فيه أقدام. ويُخطئ فيه كثير من الناس.

يا إخوة الإسلام؛ العيد في لغة العرب هو ما يُعاد مرة بعد مرة. يعني الشيء إذا تكرر وكان ذلك فيه مسرَّة. هذا في لغة العرب يسمى بعيد.

الشرع الشريف بهذا المقياس ليس فيه إلا عيد الفطر وعيد الأضحى. أيعني هذا أنه يجوز أن نسمي عيد الأم؟ نعم يجوز.

كيف يجوز؟ قلنا إن العيد له له اعتباران. عيد شرعي وعيد عرفي. العيد الشرعي ليس لنا إلا الأضحى والفطر. احفظوها. أما العيد العرفي، فالعلماء يقولون كل ما كان فيه مسرة، كل ما كان فيه طاعة، كل ما كان فيه إدخال السرور يصح أن تسميه عيدا. عُرفًا.

والرسول فعل ذلك، لكِنه خافي عنا. ألم يقل سيدنا رسول الله عن يوم الجمعة أنه يوم عيد؟ واقرأ في الحديث الشريف «إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل».

وهو غير الأضحى والفطر. إذًا، لماذا هو عيد؟ لأنه يوم طاعة، يوم مسرَّة. فيصِح أن تسميه عيدا عُرفا. ليس له حكم العيد الشرعي. لكن سمى رسول الله يوم الجمعة عيدا.

بل وأعلى من ذلك، قال في الصحيح «إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام». فقد سمّى رسول الله ﷺ يوم عرفة، ويوم النحر -الذي هو يوم العيد نفسه-، وسمى أيام التشريق عيد، التي هي أصلا بعد يوم العيد. وفي لفظ صحيح قال «وأيام منى». أيضًا عيد؟

نعم؛ فكل يوم فيه مسرة، فيه طاعة؛ جاز لك أن تسمه عيدا، لكِن انتبه… عرفا. فالعيد الشرعي ليس إلا الأضحى والفطر فقط. لكن تسميه عيدا من قبيل العرف، جاز لك.

سيدنا علي -رضي الله عنه- كان يقول: اليوم لنا عيد، وغدا لنا عيد، وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد.

فالتسمية ليست قضية، دعونا لا نقف عند أمور من التوافه. بل ننظر إلى المضمون. هل ينبني على ذلك طاعة أم لا؟

إكرام المرأة أو تكريم المرأة في الواقع المعاصر شيء، والشرع الشريف كرمها تكريما ليس له مثيل في تاريخ الإنسانية.

تكريم الإسلام للمرأة

أكرمها بنتًا

أكرم الله ﷻ المرأة بنتا -يعني وهي بنت-، أكرمها الإسلام تكريما عجيبا وعظيما. يقول سيدنا رسول الله في صحيح البخاري «من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار». وفي رواية مسلم «من ابتلي من البنات بشيء، فأحسن إليهن كن له سترا من النار».

فمن رزقه الله ببنت، ويربيها، ويعلمها. والله يوم القيامة تأتي له سِترٌ -حاجب- بينه وبين النار.

وفي صحيح الإمام مسلم؛ تقول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة، التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله ﷺ. فقال: «إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار».

تأمَّل، لأجل تمرة أعطتها للبنت، أوجب الله ﷻ لها بها الجنة وأعتقها بها من النار.

بل في صحيح مسلم، وعند الترمذي. يقول سيدنا رسول الله «من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه». يعني رفيق سيدنا النبي، يعني رفع الإسلام قدره إلى أبعد حد.

ولعلكم تعلمون ما حدث مع نبي الله موسى -عليه السلام- في قصة الفتاتين. لما سقى لهما. وفيها ملحظ عجيب أود أن ألفت أنظاركم إليه.

الرجل ربّى ابنتيه وعلمهما. قيل شعيب وقيل غيره. وهذه ليست قضيتنا. لكن على فرض أنه نبي الله شعيب. سيدنا موسى -عليه السلام- أعلى منه قدرا. لأن سيدنا موسى من أولي العزم.

لكن ما الذي حدث لأجل البنت؟ كان سيدنا موسى يعمل أجيرًا عِنده. ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ﴾.

عمل أجيرا لأجل ماذا؟ أكرمه الله ﷻ لأجل ابنتيه. وفي ذلك يقول أحد الصالحين: أحبوا البنات، وحب البنات فرض على كل نفس كريمة. فإن شعيبا لأجل ابنتيه أخدمه سيدنا موسى كليمه.

وبعض الناس لا يزالون في الجاهلية -ملحظ موجود في عصرنا الحاضر- لما يرزق ببنت يغضب. ورب العالمين يقول ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا﴾. فضل من الحق، لا تقف عنده. بل تحمد الله على ما أولاك الله من نعم.

أكرمها أُختًا

العلماء يقولون: إذا أخرجت زكاة مالك، أول من تخرج له الزكاة هما الأخت والأخ. فلو الأخت والأخ محتاجون، هم أولى الناس بالزكاة وبالصدقة.

إكرام الإسلام للأخت هكذا. وينص الفقهاء على ذلك.

أكرمها خالة وأُما

لما تكون أُم. من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أمك». قال ثم من؟ قال «أبوك». الأم ثلاث مرات. لماذا؟ لأنها ضعيفة. لا تستطيع أن تأخذ حقها كالرجل. فلأجل أنها ضعيفة يعطيها الإسلام حقها مُضاعفًا.

لأن الابن قد يرفع صوته على أمه، لكن صعب أن يرفع صوته على أبوه. وللأسف العقوق انتشر. ووالله -قسم أُحاسَب عليه- اليوم وأنا قادم استوقفني رجل كبير ومعه زوجته. وسألني: يا شيخ. قلت له: نعم. قال لي: ولدي أقسم عليّ أن يأخذ مني التليفون. ما رأيك في هذا؟ قلت له: في العرف هذا عيب. وفي الشرع حرام. ﴿وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾. وصل العقوق أنه يرفع صوته ويحلف على أبيه. بل أننا نسمع أن بعض الأبناء يضربون آبائهم.

وفي الوقت الذي كان سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يقول: منذ أسلمت ما ملأت وجهي من أمي، وما وقفت أمامها إلا وبصري على الأرض.

لأن من الأدب أن تغض بصرك وأنت واقِف أمامها. كم أن الإسلام عظيم! كيف أكرمها! كيف قدَّرها! كيف احترمها!

أكرمها الإسلام غاية الكَرَم. حتى أن الإمام أحمد ابن حنبل يقول كلمة استوقفتني، وبحثت صحتها. يقول -رحمه الله-: بر الوالدين يغفر الكبائر. فالكلمة كانت صعبة؛ فالذنوب الكبيرة العظيمة اللي تحتاج منك التوبة إلى الحق فقط. فوجدت أن سيدنا رسول الله قال ذلك نصا. فقد روى الإمام الترمذي وصححه. أن رجلا أتى إلى سيدنا رسول الله، وقال: يا رسول الله أذنبت ذنبا عظيما، فهل لي من توبة؟

الرجل استعظم الذنب، فظن أنه ليس لهذا الذنب توبة.

فقال له سيدنا رسول الله «ألك أم؟» قال لا. قال «ألك خالة؟» قال نعم. قال «فبرها».

بر الخالة يغفر الذنوب الكبائر؟ نعم. قال ذلك سيدنا رسول الله.

بل يأتي سيدنا معاوية بن جاهمة السلمي -رضي الله عنه-. يقول: جاء أبي جاهمة إلى سيدنا رسول الله. وقال: يا رسول الله أردت أن أغزو معك. أي: أخرج معك في الجهاد، في القتال، في نصرة الدين. فيقول له سيدنا رسول الله: «ألك أم؟» قال نعم. قال «اذهب إلى أمك فإن الجنة تحت رجلها».

أي: لو أردت أن تدخل الجنة فاذهب إلى أمك.

إذًا؛ كرَّم الإسلام المرأة وأعطاها حقها كاملا. وليس في تاريخ الإنسانية ولا في دنيا الناس ولا في تاريخ البشرية إكرام للمرأة مثل الإسلام.

بِر الوالدين

يكفي فقط أن الحق ﷻ علَّق رضاه على رضاها. ومعها الأب أيضًا. حتى لا يُجْحَد حق الأب. نحن نقول بالأم لأن حقها ضعيف، لكن الأب قوي.

الرسول يقول -كما في الصحيح- «رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين».ولمن يبحث عن درجة الحديث؛ فقد أخرجه الترمذي وابن حبان والبيهقي.

وفي شرح الحديث؛ يعني إن أنت أغضبت أمك وأغضبت أباك كأنك أغضبت ربك. وإن أرضيتهما أرضيت ربك ورضي الله عنك.

قصة مؤثرة مؤلمة

الإمام ابن إسحاق -رحمه الله- يقول: رأيت بعيني وأنا في البصرة أن رجلا ربّى ولده، وأحسن إليه، وزوَّجه، وبنى له بيتا، وأكرمه غاية الكرم. ولما كان لهذا الولد ذرية وكبر أولاده، كبر الجَد، ووهن عظمه. فأدخل له الأولاد يومًا طعاما في إناءٍ من زجاج. فأمسكه الأب وهو يرتعش، فسقط الإناء من يده على الأرض، فتهشم ﴿تحطم انكسر﴾. فغضبت المرأة وغضب الأولاد.

ولما جاء زوجها قالت له: إن أباك قد كسر الإناء. فتخيل ماذا كان رد الولد بعد كل هذا الإحسان! قال لها: إذا قدمتم له طعامًا فقدموا له طعاما في معدن أو خشب. يعني إناء من نُحاس أو خشب.

فسمع الأولاد. فقال أحدهم: والله إنه لرأيٌ حسن، وإنا يا أبانا سنطعم جدنا في هذا الإناء. فإذا مات الجد حفظناه وادخرناه حتى إذا طعنت في السن وعلاك الشيب واعتلاك المرض، قدمنا لك فيه الطعام كما نقدمه لجدنا.

حينها ارتعش الولد، وبكى. وقال: ويلي؛ ما افعله بأبي سيُفعل بي ولو بعد حين ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.

نعم؛ كما تدين تدان. إن أحسنت إلى والديك في الدنيا تجد من يُحسِن إليك. وإن أسأت إليهما، سلط الله عليك الدنيا.

والله قال العلماء: لو أن الرجل لم يتزوج، وحدث هذا مع الشاعر الأخطل؛ وكان رجلا يُسيء إلى أمه. فلما مات لم تكن له ذرية. قالوا كان يهجو نفسه، يشتم نفسه. سلَّط الله عليه لسانه. فكما كان يُخطئ في حق أمه، سلط الله عليه لسانه ليذكر عيوب نفسه. فتلك سُنَّة الله التي لا تتبدل ولا تتغير.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا كما أمر.

والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، سيد البشر. الشَّافع المُشَفَّع، صاحب المقام الأرفع. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تمسك بسنته، وسار على نهجه إلى يوم الدين.

أما بعد. فقد أكرم الله ﷻ المرأة. بنتا وأختا وأما وزوجة. فقال سيدنا رسول الله «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

وقال «لا يفرك مؤمن مؤمنة» يعني: لا يبغض مؤمن مؤمنة، لا يبغض زوج زوجته «إن كره منها خلقا رضي منها آخر».

أين المرأة الآن؟

وأسدانا ربنا في ذلك، وعلمنا رسول الله في ذلك الكثير والكثير. ولكن أود أن ألفِت الأنظار إلى المرأة المُكرَّمة، العظيمة، التي أعطاها الحق هذا الفضل. كيف هي والإسلام؟

كل رجل فينا عنده زوجة أو عنده بنت أو عنده أخت أو عنده أم. كيف المرأة الآن والإسلام؟

المرأة مكرمة؛ نعم. وهذا حق؛ نعم. ولكن أين المرأة الآن؟

لعلكم تعلمون أن السيدة خديجة هي أول من آمن برسول الله. امرأة. أول من آمن برسول الله هي السيدة خديجة -رضي الله عنها-. ولعلكم تعلمون أن أول شهيدة في الإسلام امرأة، وهي السيدة سمية أم عمار بن ياسر -رضي الله عنهما-. والمرأة العظيمة التي يرجع إليها الخط العربي في الكتابة، امرأة، اسمها شهدة.

لو جعلنا نُعدد مآثر المرأة في التاريخ، في خدمتها للدين؛ أكثر من أن يُحصى.

أين المرأة الآن؟ المرأة الآن تريد أن تلبس ما تشاء بدعوى الحرية والتكريم. المرأة الآن تريد أن تفعل ما يحلو لها وأن تخرج مع من تشاء وتكلم من تشاء؛ وتقول هذا حريَّة.

ولما أقول هذا الكلام، فهذا على الغالِب، ليس كل النساء كذلك. بل وُجد في الأمة من هي تعلم حق الله وحق زوجها وحق ربها وحق وطنها وحق دينها. لكن في الغالب الأعَم وجدنا خروجا على الشرع. لا نريد ذلك.

إن سيدنا رسول الله الذي أوصانا بدور المرأة وإكرامها وتقديسها واحترامها، هو من قال لنا «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى ترجع». لها حق وعليها حق، لا تتناساه.

هي التي قال عنها سيدنا رسول الله «إذا صلت المرأة خمسها، و صامت شهرها، و حصنت فرجها، وأطاعت زوجها. قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».

المرأة يوم أن تخرج وتكون مثار فتنة ليست هي المرأة المُكرمة في الإسلام. والله أكثر من مرة يشكو لي بعض المصلين في المسجد، أن إحداهن تأتي للصلاة لتناجي الحق وهي عارية. هل يصح؟ وهي ليست مرتدية للحجاب الشرعي. ليست ساترة لمحل جسدها. وتأتي تناجي ربها بحالة لا يرضاها الله عنها.

الحق ﷻ يخاطب رسوله في كتابه الكريم ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.

نريد المرأة المثالية

نريد المرء العالمة، كما كانت السيدة عائشة. يقول سيدنا أبو موسى الأشعري: ما سألنا عائشة في الشعر ولا في الحديث ولا في الطب؛ إلا وكان عندها عِلما.

نريد المرأة العالمة التقية الورعة، التي تربي أولادها على طاعة الله ومحبة الله ورسوله. وخِدمة الدين وخدمة الوطن. تلك المرأة التي نريدها. تلك المرأة التي كرمها الإسلام.

لكن المرأة التي تُغضِب زوجها وترفع صوتها عليه. المرأة التي تعق والديها. المرأة التي لا تستر جسمها وتمشي متبرجة. تلك التي ما كرَّمها الحق. تلك التي رفع الله عنها التكريم، لأنها هي التي قال عنها رسول الله «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء»؛ والحديث في صحيح البخاري.

فالمرأة تختار؛ إن شاءت أن تكون فتنة، محل تُهمة، وإن شاءت أن تكون كريمة عظيمة عند الله.

الدعاء

أسأل الحق ﷻ أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما جهلنا. وأن يشرح صدورنا للحق وأن يهدينا إليه.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حنان يا منان، يا حي يا قيوم؛ اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد.

اللهم إنا نسألك علما نافعا، وقلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، وعملا متقبلا، ويقينا صادقا، وجسدا على البلاء صابرا.

اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تصلح أحوالنا.

اللهم أصلح فساد قلوبنا. اللهم حببنا في بعضنا.

اللهم استر نساءنا. اللهم ارزق نسائنا عفة كعفة مريم -عليها السلام-.

اللهم رزق أولادنا طهارة كطهارة يوسف -عليه السلام-.

اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تربي لنا أولادنا.

اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تحفظ بلادنا من كل سوء.

اللهم وفق الراعي والرعية.

اللهم وَحِّد بين صفوف الأمة الإسلامية.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم أحسن ختامنا، وتولى أمرنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا. واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ | وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ | وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾. وصَلّ اللهم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


كانت هذه خطبة عن عيد الأم وتكريم الإسلام للمرأة. ألقاها فضيلة الشيخ إبراهيم المرشدي الأزهري؛ جزاه الله خيرًا.

سلَّطت الخطبة الضوء على مشروعية عيد الأم، وفضل الأم ومكانتها. ثم تطرَّقت للحديث عن مكانة المرأة في الإسلام وما كان في حقها وما لها وما عليها في الشرع الحنيف.

وهنا أيضًا: خطبة عن الأم… فضلها، وفاءها ومكانتها

أضف تعليق

error: