خطبة: المواظبة على الطاعات بعد شهر الصيام والقيام – مكتوبة

تمت الكتابة بواسطة:

خطبة الجمعة , المواظبة على الطاعات بعد شهر الصيام والقيام , خطب مكتوبة

وفي عُجالَةٍ ننتَقِل إلى أحد أهم وأخطر الموضوعات التي يجب على الخطباء تسليط الضَّوء عليها، وهي المواظبة على الطاعات بعد شهر الصيام والقيام. نعم، فما نجِدة من إهمال غريب ومرير من المسلمين -ولا حول ولا قوَّة إلا بالله- بعد شهر رمضان المبارَك، شيءٌ يدعو لليقظة ولفت الانتباه جيدًا من الأئمة والخطباء، ومن ثم الحديث عنه في أقرَب فُرصَة بعد عيد الفطر المبارَك.

مقدمة الخطبة

الحمد لله بنعمته تتم الصالحات، جعل شهر رمضان موسما للطاعات، وأفاض على الصائمين فيه من الخيرات، وشرف أوقاته على سائر الأوقات.

سبحانه حبانا ليالي مباركات عشرا، وأجرى فيها من البركات والرحمات ما أجرى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعظم للصائمين القائمين ثوابا وأجرا.

وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، أزكى البرية محتدا وقدرا، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه الموفقين وردا وصدرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجو برا وذخرا، وسلم تسليما كثيرا.

الخطبة الأولى

يوم الجمعة يوم عظيم، ينادي فيه ربنا ﷻ ينادي فيه ربنا عباده المؤمنين لأداء صلاة الجمعة، قال الله ﷻ:﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾، إنه واسطة العقد بين أسبوع مضى وأسبوع لا ندري هل نعيش فيه أو نرحل.

هذه الجمعة تأتي بين شهرين كريمين شهر رمضان شهر الطاعات والحسنات وبين شهر شوال أول أشهر الحج الزمانية، إنه يوم عظيم جمع بين شهر رحل وشهر مقبل.

لقد كان رمضان شهرَ الطاعات، نهاره صيام، وليله قيام، فأضحى كل يوم من أيامه قربة وعبادة في كل الساعات، وبذلك تتحقق العبودية الخالصة لله ﷻ مدة شهر كامل، فأرواحنا فيه تتألق، ونفوسنا فيه تُهذب، وجوارحنا تتقي الله في كسبها بالليل والنهار.

ومن معالم الطاعات وركائز الحسنات الصلوات الخمس المفروضات وما يتبعها من سنن راتبة ونوافل مطلقة فلنحافظ عليها، لأن النوافل سياج السنن والسنن سياج الفرائض.

حافظتم على قيام الليل في شهر رمضان، صليتم القيام إيماناً واحتساباً،فحافظوا على قيام الليل بعد رمضان ولو ركعتين في جوف الليل، لنكون من أهل الإيمان والاحتساب مصداقاً لقول رسول الله ﷺ: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » ← متفق عليه.

عباد الله: صمتم رمضان وصامت الجوارح عما أحل الله ﷻ من طعام وشراب وشهوات مباحة من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، مدة قد تصل إلى أربع عشرة ساعة، وفي الوقت نفسه صمتم عما حرم الله ﷻ من غيبة ونميمة وحسد وحقد وغيرها من السلبيات، فلتكن أحوالنا بعد رمضان كما كانت في رمضان شهر الصيام والقيام.

ومما لا ريب فيه أن القلوب في رمضان كانت مطمئنة بتلاوة القرآن الكريم، وترتيل آياته آناء الليل واطراف النهار، فلا تهجروا القرآن العظيم بعد رحيل رمضان، واظبوا على تلاوته بما تيسر من القرآن (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) سورة المزمل: 20

لقد كان لذكر لله ﷻ وِرداً من أورادكم فلا تقطعوا هذه الأذكار بعد رمضان لتكونوا من الذاكرين الله كثيراً، قال الله ﷻ: ﴿والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعدَّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً﴾ سورة الأحزاب: 35

إن المواظبة على ذكر الله ﷻ تجعل القلوب المتقلبة مطمئنة بذكر الله ﷻ، ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ سورة الرعد: 28 وما دامت القلوب حالها التقلب من حال الى حال فلنجعلها بعد رمضان مطمئنة بذكر الله ﷻ في السر والعلن وفي المنشط والمكره.

ومن الطاعات المباركات التي تتبع شهر رمضان صيام ستة أيام من شوال، قال رسول الله ﷺ «من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر» ← رواه مسلم في الصحيح.

وبذلك يشعر المسلم أنه يعيش أيام رمضان المباركة، فمن صام رمضان كاملا واتبعه بصيام ستة أيام من شوال فذلك خير عظيم، ومنْ كان عليه صيام أيام من رمضان لم يصمها لمرض وغيره فليقض ما فاته من رمضان ثم بعد القضاء يصوم ستاً من شوال، لأنه في هذه الحالة يصدق عليه أن صام رمضان، ولا يحصل له فضل صيام ست من شوال بصوم قضاء رمضان؛ لأن صيام الست من شوال إنما يكون بعد اكمال عدة رمضان.

عباد الله: رحل شهر رمضان، شهر الصوم والقرآن، واليوم نعيش مع أخيه شهر شوال، مع أول شهر من أشهر الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، نستذكر فيه مناسك الحج التي تجعل المسلم طائعاً لربه سبحانه في كل أحواله الظاهرة والباطنة، ويرجع من حجه كيوم ولدته أمه.

عباد الله: قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله ﷻ: “من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها، فعلامة قبولها ان يصلها بطاعة أخرى، وعلامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية، ما احسن الحسنة بعد السيئة تمحوها! واحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها!…

سلو الله الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوذوا به من تقلب القلوب… ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة ”

إن عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، قال الحسن رحمه الله ﷻ” إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾ سورة الحجر: 99

إن الساعات من أعمارنا تنقضي سراعاً، قبل ثلاثين يوماً انتظرنا قدوم شهر رمضان المبارك، وها هو يرحل، كم من الناس رحل قبل ان يتمَّ صومه، فليكن في ذلك عبرة لنا في حياتنا ﴿إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار﴾ سورة النور: 44

جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ورزقنا الصدق في كل حال من أحوالنا استجابة لقول الله ﷻ ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ سورة التوبة: 119.

↵ وهذه: خطبة ماذا بعد رمضان مكتوبة ومؤثرة

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.

ولا تنسوا قول النبي ﷺ: من قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.

ومن قال: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي”.

ومن قال: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾، “أيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد، وإن برأ برأ وقد غفر له جميع ذنوبه”.

والحمد لله ربّ العالمين..

↵ وهنا أيضًا خطبة الجمعة الثانية من شوال: أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: