خطبة يوم الجمعة مكتوبة عن: الشتاء والبرد

خطبة يوم الجمعة مكتوبة , الشتاء والبرد

خطبة يوم الجمعة مكتوبة تنضَم إلى قائمة خطبنا بموقع المزيد؛ وهي بعنوان: الشتاء والبرد. ومن عنوانها نعرف مضمون الخطبة وفحواها وموضوعها؛ لكننا نوصيكم بالاطلاع عن كثب على هذه المبارَكة، خاصَّة مع حلول فصل الشتاء وما يحمله من دروس وعبر ومواعظ يجدر بالأئمة وخطباء الجوامع أن يُذَكِّروا الناس بها.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده جل في علاه، ونسأله توفيقه ورضاه، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد مؤمن به من الموحدين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى الناس أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة طيبة دائمة إلى يوم الدين.

أما بعد: ايها المؤمنون؛ اتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا من دينكم بعُروتِه الوثقي، إلزَمُوا جماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

الخطبة الأولى

اعلموا -رحمكم الله – أن الله ﷻ بث في ملكوته، ما يوقظ الغافلين، وينبه النائمين، ويعلم الجاهلين؛ فيرد الخلق إليه قال الله ﷻ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.

ومن جملة ما يندرج في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار ما يجده الناس هذه الأيام من مس الشتاء؛ فان اشتداد البرد، تغير الأحوال ينبه الناس إلى حال جديدة لم يكن يكون عليها من وقت قريب، وفيها هذه الحالة ايقاظ أيما ايقاظ لمن وعى مدرك الشريعة فيها.

فأن النبي ﷺ قال: «اشتكيت النار الى ربها، فقالت: يا رب؛ أكل بعضي بعضا» أي لشدة حرها وقوة لهبها؛ «فجعل لها نفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف؛ شدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها».

فباشتداد البرد يتذكر العبد ما أخبره به الصادق المصدوق ﷺ أن شدة الزمهرير هي نفس النار في الشتاء؛ تلك الدار التي أعدها الله ﷻ داراً العذاب الاليم وأخبر ﷻ بأنه دار الخزي؛ فقال ﷻ ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَه﴾.

وأخبر ﷻ أن مدار الفوز على الابعاد عنها؛ فقال ﷻ ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور﴾ِ.

﴿وإنما أذن للنار بالنفسين؛ يتذكر الناس النار فيتقوها؛ فأن الله ﷻ أمرنا بأن نتقيها؛ ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾. وقال ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

فباشتداد البرد تذكروا النار التي امرتم باتقائها، وأن الله ﷻ أعدها داراً لمن عصاه، وأن شدة البرد هو زمهرير جهنم، الذي يذكرنا الله ﷻ به. لنتقي تلك النار؛ في ذهابنا مع هذه الدنيا، وانشغالنا بأحوالها، يصيب قلوبنا بغفلة عن تلك الدار؛ فيذكرون الله ﷻ بشدة البرد، أن هذا البرد الشديد الذي نجده هو من نفس النار التي هي دار العذاب.

وكما يجتهد أحدنا في اتقاء هذه البرد في دار الدنيا بتكثير لباسه، وتحسين طعامه وطول الإقامة في داره =فينبغي له أن يجتهد في وقاية نفسه من ذلك العذاب العظيم والخزي الأليم الذي يكون يوم القيامة.

فأن برد الدنيا ينقطع، وأن برد النار في الأخرة لا ينقطع. وأن الألم الذي نجدها في الشتاء في الدنيا إلى زوال، وأن ألم النار لمن يدخلها فإنه باق لا يكون إلى زوال. وأن الدنيا دار فانية، وأن دار الجزاء -ومنها النار- دار باقية، فاتقوا ايها المؤمنون النار، اتقوا النار، اتقوا النار.

أقول ما تسمعون، واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

وهذه: خطبة عن فصل الشتاء وما يرتبط به من أحكام وعظات وفضائِل

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً حمداً، والشكر له تواليا وتترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.

أما بعد: أبها المؤمنون؛ أن الله ﷻ لما أظهر لنا آية تذكرنا بالنار، وأمرنا باتقائها فقال: ﴿فَاتَّقُواْ النَّارَ﴾ وقال: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ = يسر في سبل الشريعة الطرق المؤدية إلى اتقاء النار.

ومن جملة ذلك: ما أخبر عنه النبي ﷺ في قوله: «اتقوا النار؛ ولو بشق تمرة» أي ولو لم يقدر للمرء إلا أن يتصدق بنصف تمرة، يشقها نصفين، فيخرج أحدهما في صدقه لله؛ فينبغي له أن يجتهد في وقاية نفسه من النار بذلك الشق الذي يتصدق به.

أخبرنا الله ﷻ: أن من دعاء المؤمنين: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار﴾.

وأخبرنا النبي ﷺ ان من استجار من النار ثلاثا أجاره الله ﷻ؛ بأن يقول العبد داعياً: اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار.

فينبغي لأحدنا إلا يغفل عن تطلب السبل المؤدية إلى وقايته، وخاصة في أيام تذكير الله ﷻ بها، كاشتداد البرد في الشتاء، فيبذل من نفسه من تلك السبل ما يكون له وقاية من النار؛ من صدقة، أو دعاء، أو ذكر، أو غير ذلك مما جاء مبينا في ديوان الشريعة.

فاتقوا أيها المؤمنين النار، واتخذوا من سبل الوقاية منها ما تقدرون، واعلموا أن الله ﷻ يذكركم بها لتتقوها وتحذروها.

لدينا أيضًا: خطبة جمعة مكتوبة عن أحكام الشتاء للشيخ العريفي

الدعاء

  • اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم اجرنا من النار،
  • ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الأخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
  • اللهم حب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين.
  • اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
  • اللهم فرج كرب المكروبين، ونفس هم المهمومين، واقض الدين عن المدينين وأشف مرضانا ومرضى المسلمين.

وأَقِـم الصَّـلاة..

وبعد؛ فقد وفَّرنا لكم أعلاه خطبة يوم الجمعة مكتوبة؛ بعنوان: الشتاء والبرد. ألقاها الشيخ الدكتور صلاح بن عبد الله بن حمد العصيمي -غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين-. وهذه أيضًا خطبة عن نعمة الصحة والعافية. نسأل الله ﷻ كل الخير والسداد والتوفيق؛ لنا ولكل الأئمة والخطباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top