خطبة مكتوبة عن أزمة الأخلاق – مكتوبة

خطبة مكتوبة عن أزمة الأخلاق – مكتوبة

عناصر الخطبة

  • النفس الأمارة معدن الأخلاق الذميمة فهي التي تأمر بالسوء والفحشاء والوقوع في السلبيات والمخالفات الشرعية والقانونية.
  • العلاج الناجع للنفس هو التزكية فإذا تزكت تخلت عن الرذائل وإشاعة الفتن ما ظهر منها وما بطن.
  • النبي ﷺ هو المعلم الأول الذي علم أمته الخلق الحسن (وإنك لعلى خلق عظيم) وقد كان ﷺ خلقه القرآن.
  • التحلي بالاستقامة في القول والعمل وبالأخلاق الحميدة واجب شرعي (قل آمنت بالله ثم استقم).
  • تحلى الصحابة رضي الله عنهم بالأخلاق الكريمة طاعة لربهم ﷻ واقتداء بنبيهم ﷺ فأضحوا مصاحف حية مباركة تمشي على الأرض.
  • الأمة القوية هي الأمة التي تعنى بأخلاق أبنائها وسلوكهم لتحافظ على أمنها الاجتماعي والتربوي والأخلاقي.
  • قوانين السير على الطرقات منبعها الإسلام والالتزام بها مظهر من مظاهر الأخلاق الشرعية والآداب المرعية لأن فيها حفظ النفس والمال وهما أصلان في حياة الفرد والمجتمع.

الخطبة الأولى

من خصائص الشريعة الإسلامية أنها حثت على سلوك الطرق الصحيحة في معاملة الآخرين، ومن أهمّ ما أرشدت إليه رسالة الإسلام الاستقامة في الأخلاق، والالتزام بأحسنها، والابتعاد عن سيئها، لأنّ حسن الخلق هو مظهر الاعتقاد الصحيح وأساس التعامل بين الناس جميعاً، فلا يصلح مجتمع إلا بأن يتحلى أفراده بالأخلاق الحسنة، ولا يكون لأمة نهضة ومكانة إلا إذا كانت متمسّكة بأوثق عرى الفضيلة، ولذلك أمر الله ﷻ بأحسن الأخلاق، قال ﷻ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].

وقد كانت حياة سيدنا محمد ﷺ مظهراً للأخلاق الحسنة، وأروع تجلٍّ لها، فكل دعوته عليه الصلاة والسلام قامت على رعاية مكارم الأخلاق، والمحافظة على الفضيلة والإرشاد إليها، فقد جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَكَلاَمًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ» ← صحيح البخاري.

بل إن الله ﷻ وصف نبيه عليه الصلاة والسلام بالخلق الحسن، قال ﷻ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وقد بين النبيّ ﷺ قيمة الخلق في الدعوة الإسلامية، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» ← رواه البيهقي.

وقد أمرنا الله ﷻ بالبرّ والتقوى والتعاون عليه، ونهى عن الإثم والعدوان والتعاون عليه، والأخلاق الحسنة هي من أعظم البرّ وأحسنه، والأخلاق السيئة من أعظم الشر وأسوئه، قال الله ﷻ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وقال ﷻ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} [البقرة: 83].

بل إن الله ﷻ أمرنا بمقابلة السيئة بالحسنة، وذلك أعظم الخلق وأقومه، فإذا صادف المسلم إساءة من أخيه فالواجب عليه أن يقابل ذلك بالصفح والعفو وكظم الغيظ، لأنّ ذلك من شأنه أن يزيل أسباب العداوة والبغضاء بين الناس، ويجعل مكان الاختلاف وفاقاً، وبدل التنازع ألفة، قال ﷻ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

كما إن عبادات الإسلام وأركانه ترسخ معاني الأخلاق والفضيلة والعفة والنزاهة والطهارة ونظافة العقل والقلب واليد واللسان، وليست مجرد صور خالية عن المعاني الحقيقية، بل كلها مملوء بالمعاني النبيلة السامية التي تدفع المؤمن إلى أحسن الأعمال والأخلاق، وتقوم على أنقى الاعتقادات وهي العبودية لله ﷻ.

فالصلاة مثلاً غايتها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر في أي صورة من صوره، قال ﷻ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، وهذه الزّكاة طهارة وتطهير، وسرّها أن يطهر العبد قلبه من كل ما سوى الله ﷻ بأنْ يعظم أمره ﷻ، ويلتزم بأمثل الأخلاق الكريمة، قال ﷻ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103].

وهذا الصوم عبادة سرية بين العبد وربه، وقوامها رعاية الله في الأحوال كلها ومراقبته الدائمة، لينشأ عن ذلك اجتناب للمعاصي اللسانية والقلبية والجسدية، والتحلّي بالأخلاق الحسنة واجتناب اللغو والرفث، قال رسول الله ﷺ: «الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين» ← رواه البخاري.

وهذا الحج شعيرة الله ونسك إبراهيم وخصوصية أمة محمد ﷺ، جعله الله رحلة تقوي خلق المؤمن وتجدد إيمانه وتضعه على الصراط المستقيم مرة أخرى بعد غفران كل ذنب وإثم، ليعود إلى حياة نقية صافية لا تشوبها شائبة الأخلاق السيئة، قال سيدنا النبيّ عليه الصلاة والسلام: «من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أُمُّه» ← رواه البخاري.

وبذلك يكون الالتزام بالأخلاق في الإسلام ليس نافلة من النوافل، بل هو أمر مطلوب شرعاً، أوجبه الله ﷻ، وحثّ عليه سيدنا النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وهو دأب المؤمنين وسنة عباده الصالحين، فالمحافظة على الأخلاق الفاضلة هي محافظة على المجتمع وتماسكه، وترسيخ لأمنه وأمانه، وإشاعة للألفة بين الناس، لأنها في الحقيقة محافظة على منهج القرآن الكريم، والتزام بمنهج النبي ﷺ، واقتداء بسيرة الصحابة رضي الله عنهم، قال ﷺ: «خيركم الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون» ← رواه البخاري.

وقد وعد النبيّ ﷺ المتخلقين بالأخلاق الحسنة بقرب مجلسهم من مجلسه الشريف، قال سيدنا النبيّ عليه الصلاة والسلام: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» ← رواه الترمذي.

بل إن سيدنا النبي ﷺ بيّن منزلة أصحاب الأخلاق الفاضلة عند الله ﷻ، حيث قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وأَشْرَافَهَا، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا» ← رواه الطبراني.

وجاء أيضاً عن أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» ← سنن أبي داود.

ومن الأخلاق الحسنة إعطاء الطريق حقه، فإنّ الشريعة الإسلامية جعلت للطرقات التي يسير عليها الناس حقوقاً، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟، قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» ← متفق عليه.

وفي هذا الحديث دلالة على رعاية حقوق الطريق كغض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكر الله كثيراً، وإرشاد الضال، وهداية الأعمى، وإسماع الأصم، وإغاثة المظلوم، ومساعدة العاجز في حمل متاعه، والمشي على الأرض هوناً، والقصد في السير، وخفض الصوت، والكلمة الطيبة، والتصرف بصورة حسنة عند حصول أي حادث على الطريق، والابتعاد عن الغضب، والتزام الأدب في المعاملة، والتزام قوانين السير على الطريق فإن ذلك واجب شرعاً وخلقاً، وهو التزام أخلاقي بين أفراد المجتمع، تصان به الممتلكات والأرواح والأعراض والأموال، فلا يجوز شرعاً تجاوز السرعة القانونية، أو قطع إشارات المرور وهي حمراء، أو استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة.

فكل هذا وغيره من المخالفات التي طالما عرضت حياة الآخرين للخطر وتخالف الأخلاق الحسنة التي أمرنا بها الإسلام، وكم أدت أمثال هذه المخالفات إلى إفناء أسر بأكملها، أو ترمل نساء، وتيتم أطفال، وثكل أمهات، والتسبب في إعاقات وعاهات مستديمة، وهدر لآلاف من الدنانير، وفواجع يطول حصرها.

فالالتزام بهذه القوانين هو التزام أخلاقي ديني قبل أن يكون التزاماً قانونياً ومتى التزمنا بهذه الأخلاق حفظت النفوس والدماء والممتلكات.

وبالمقابل فقد نهى الله ﷻ عن سيئ الأخلاق، وأرشدنا إلى تركها وبين عواقبها السيئة، بل كان من دعاء سيدنا النبيّ ﷺ أن يرزقه الخلق الحسن ويجنبه الخلق السيئ، قال عليه الصلاة والسلام: «وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ» ← رواه مسلم.

وجاء في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «إِنَّمَا يَهْدِي إِلَى أَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، وَإِنَّمَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا هُوَ» ← رواه الطبراني في المعجم الكبير.

وجاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو ويَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ» ← رواه أبو داود.

ومن المحرم شرعاً أن ينشر المسلم الفواحش في المجتمع، ويشيع المعاصي أو الشرور أو ما يغضب الله ﷻ، قال ﷻ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].

بل على المسلم إذا رأى معصية أو مخالفة أو شبهة أن يبادر إلى الاستغفار والدعاء وذكر الله ﷻ، وأن لا يتتبع عورات المسلمين، وأن يدعو الله أن يجنبه مواضع الفتنة والزلل، وأن يجنبه شرّ كل ذي شرّ، وأن يحسن الظن بالناس ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، قال الله ﷻ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12].

كما يحرم القصد إلى إثارة الفتن في المجتمع وبث الرعب بين أبنائه، وتعميم الأحكام الخاطئة على جميع أبناء الأمة، واتهام المجتمع بالانحطاط والفساد والانهيار، بسبب بعض الظواهر السلبية التي توجد في أيّ مجتمع من المجتمعات البشرية التي خلقها الله ﷻ، فإساءة الظنّ بالمجتمع له آثار مدمرة بحيث تصبح صفوف الصالحين والطيبين مخترقة يشكك كل منهم بالآخر دون تثبت أو تحقق، وتنتشر مقالة السوء فيهم، فتعم الفتن في المجتمع، ويصل الشيطان وجنوده إلى بغيتهم ويحققون غاياتهم.

وقد حذرنا الله ﷻ من اتباع أقوال الواشين والحاسدين الذين ينقلون الأخبار دون تحقق بغرض إشعال نار الفتنة في المجتمع، فقال ﷻ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات:6، فكم هي مؤلمة للنفس المؤمنة أن ترى أهل الشر يعيثون فسادا في صفوف المؤمنين الطيبين، فسوء الظنّ اتهام باطل، ووساوس يزرعها الشيطان في قلب الإنسان تُشعل نار الفتنة بين الناس.

⬛️ وهنا: خطبة عن مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].

عباد الله: إنّ الأخلاق الحسنة هي عماد نهضة الأمم وبناء الحضارات، وإن عظمة دين الإسلام وحضارته يتناسب مع عظم الأخلاق التي يدعو إليها، فالإسلام يدعو إلى كلّ مكرمة من المكارم، ويرغب أبناءه في أفضل الشيم، ويحثهم على أحسن الخصال، لأن أخلاق الفرد هي أخلاق الأمة، ولا حضارة لأمة إلا بالأخلاق الحسنة، وهذا أمر يدركه العلماء والأدباء والفقهاء والشعراء، لأنه أمر يعرفه الناس بالوحي والتجربة، لذلك قال الشاعر:

ولم أرَ فضلًا تمَّ إلا بشيمةٍ
ولم أرَ عقلًا صحَّ إلا على الأدبِ

وإذا كانت الأخلاق الحسنة سبباً في بناء الحضارة، فإنّ الأخلاق السيئة سبب في هدمها وتراجعها، وقد جاء في كلام الشعراء:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هُمُوُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ومن الواجب على كل مسلم أن يشيع ذكر المحاسن في مجتمعه وبيئته، وأن يميت ذكر القبائح، وأن يربي أسرته وأبناءه على الأخلاق القويمة، وأن لا يسمح بتفشي المنكرات في مجتمعه، بل ينبغي أن يكون حصناً حصيناً ضدّ هذه الأخطار والأفكار التي تتهدد أمن الناس وأخلاقهم، ولطالما كانت الأخلاق السيئة كالغضب والفجور والغرور والتعالي على الآخرين وعدم قبول الحق سبباً في سفك الدماء واستباحة الأعراض والأموال، لذلك كان النبي ﷺ يقول: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء» ← رواه الترمذي.

نسأل الله ﷻ أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

والحمد لله رب العالمين..

⬛️ وهذه أيضًا: خطبة عن أخلاق الحبيب المصطفى ﷺ وتعاملاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top