مَن ورَّط خريجي المعاهد الصحية في السعودية؟

حين استدان «زاهر» مبلغ 50 ألف ريال من جميع أقاربه ليسلمها كما هي لأحد المعاهد الصحية الأهلية كرسوم دراسة -حينها-، ثم يكمل بعد ذلك عامين لإكمال متطلبات التخرج، لم يكن يقصد من وراء ذلك سوى خدمة وطنه في المجال الصحي، ثم البحث عن مصدر رزق حلال يؤمن له حياة كريمة، إلا أنه اكتشف بعد استلامه لإشعار التخرج أن ما فعله هو أسوأ استثمار بل وأكبر «مقلب» شربه في حياته! تخيلوا فقط أن إشعار تخرجه من هناك لا يعني أي شيء على الإطلاق سوى أنه انضم رسميا إلى قائمة العاطلين عن العمل إلى أجل غير مسمى!

والقصة أيها السادة لا تبدأ من هنا، ولكنها تبدأ من اليوم الأول الذي أصدرت فيه الهيئة السعودية للتخصصات الطبية أول ترخيص لإنشاء معهد صحي أهلي، لتتوالى من بعده منح التراخيص حتى لتلك المعاهد التي تعاني بشكل فاضح قصورا على مستوى التأهيل والتدريب! لتمتلئ بعد ذلك وسائل الإعلام هنا بإعلانات تلك المعاهد مقرونة بالعبارات السحرية الثلاث «معتمد من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية» و «مصنف من وزارة الخدمة المدنية» و «تحت إشراف المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني» وهي العبارات التي كفلت امتلاء فصول الدراسة في تلك المعاهد بأفواج شبابنا الذين ذهبوا إلى هناك ابتغاء التمسك بالقشة التي تجنبهم شبح البطالة!

ثم ماذا؟ لا شيء، سوى أنه وبعد عامين فقط كانت أول دفعة من الخريجين الذين ذهبوا يحملون شهاداتهم وآمالهم لديوان الخدمة المدينة ولوزارة الصحة بعد اجتيازهم لاختبار تصنيف الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ليسمعوا هناك كل عبارات الاعتذار التي لا تعني سوى أن «يبلوا» شهاداتهم ثم يشربوا «مويتها»! فمرة تحت ذريعة عدم التأهيل وأخرى لانتفاء الحاجة إليهم وثالثة لعدم حصولهم على شهادة البكالوريوس التي ستكلف «زاهر» الاستدانة من كل سكان مدينته!

اليوم لدينا مشكلة خريجي تلك المعاهد الذين كانوا ضحية سوء التنسيق بين الجهات المعينة لتأهيلهم وتوظيفهم، أما في الغد فلدينا مشكلة أخرى تتمثل في خريجي الأعوام المقبلة الذين هم ضحية بقاء تلك المعاهد مشرعة الأبواب، لا تخرج سوى البطالة!

بقلم: ماجد بن رائف

واقرأ هنا عن: قضايا الفساد والمعلومات المحظورة

وكذلك: كثير من الإناث العاطلات عن العمل

أضف تعليق

error: