أسباب العنف الأسري وتأثيره على الأبناء

تمت الكتابة بواسطة:

صورة , طفل , الخلافات الزوجية , العنف الأسري
الخلافات الزوجية

ما أسباب العنف بين الزوجين؟

قال “أحمد يوسف” الاستشاري النفسي والإجتماعي. يمكننا اختصار كل أسباب العنف بين الزوجين تحت عنوانين جانبيين هما الأسباب التربوية والأسباب الثقافية، وبمعنى أدق فإن أسلوب التربية والتنشئة الذي تمت ممارسته على الزوجين وهم صغار سيكررانه حرفياً في حياتهما الزوجية المستقبلية.

كما أنه توجد بعض الأسباب الخاصة بحالات بعينها من العنف الأسري، والتي في مجملها تكون ناتجة عن حالة مرضية نفسية، إلا أن تلك الأسباب المرضية نادرة الحدوث والشيوع مقارنة بالأسباب التربوية والثقافية.

وتابع “يوسف” والشاهد أن من يتعرضون إلى التعنيف والضرب أثناء الصغر سيُنْحَوْن هذا المنحى العنيف في التعامل مع الزوجة والأولاد عندما يُلقى على عاتقهم مسئولية الأسرة والتربية، فالأمر أشبه بإستعادة ذكريات الطفولة وشريط الصور المتعلقة بعلاقة الأب مع الأم من ناحية وعلاقة كل واحد منهما مع الأولاد من ناحية أخرى، ومن ثَم يبدأ الزوجان أو أحدهما في تكرار تلك الذكريات السيئة مع أولاده ومع شريك حياته.

على اعتبار أن العنف الأسري مُختلف عليه قانونياً، فما هو تعريفه العلمي؟

يُعرِّف كلٌ من علم النفس وعلم الاجتماع العنف بأنه كل عمل يتسبب في أذية الغير، سواء كان هذا الأذى جسدياً أم نفسياً أم معنوياً، وتأتي شمولية هذا التعريف للعنف من كون العلوم الإنسانية تعتبره من أنواع التعدي على خصوصية الأشخاص ومساحتهم الشخصية وكينونتهم الاجتماعية والنفسية والجسدية.

وأردف “أحمد” ومن خلال هذا التعريف العلمي نجد أن إجبار الزوج لزوجته على عدم الذهاب إلى أهلها يندرج تحت وصف العنف الاجتماعي والنفسي، وكذلك الحال مع التأنيب والتعنيف اللفظي الذي قد يتسبب في العنف المعنوي والمشكلات النفسية، وبذلك يكون تعريف العنف الأسري في العلوم الإنسانية أعم وأشمل من تعريفه في العلوم القانونية، حيث يقتصر التعريف فيها على العنف الجسدي الموجب للعلاج.

كيف ينشأ العنف الأسري؟

في العادة ما يبدأ العنف بين الزوجين بالعنف النفسي بصفة أساسية، ثم ما يلبث هذا العنف أن يتطور ويتمدد حتى يصل إلى العنف الجسدي، والذي قد يتطور بدوره لعنف جسدي مبرح وقاتل في بعض الأحيان خصوصاً إذا ما نُفذ على المرأة أو الأولاد الصغار.

هل يتحمل الزوج كل مسئولية العنف الأسري؟

الشائع والطبيعي أن الرجل هو من يمارس العنف الأسري على الزوجة والأولاد، لذا فهو صاحب النصيب الأكبر في تحمل مسئوليته المجتمعية والقانونية، لكننا بشيء من التأصيل العلمي لابد وأن نذكر أن العنف الأسري المُمَارس من الرجل لابد وأن يقابله قبول من الطرف المُمَارس عليه العنف، ومن هنا يمكننا القول أن الزوجة تتحمل هي أيضاً جزء من المسئولية لهوانها وقبولها بهذه الفعل المشين، لذلك أصبحنا نجد الجمعيات
والمؤسسات المجتمعية الهادفة إلى إعانة المرأة على مقاومة العنف الأسري وتنمية الوعي لديها برفض تلك الممارسات.

وأضاف “أحمد” وتجدر الإشارة إلى وجود بعض حالات التي تكون فيها المرأة هي المتسلطة والممارسة للعنف الأسري على الزوج والأولاد، ورغم ندرة تلك الحالات إلا أنه واقع فعلي موجود لذا وجبت الإشارة إليه، مع العلم أن غالبية العنف الأسري الذي تمارسه الزوجات والأمهات ينحصر نوعاً ما في العنف النفسي أكثر منه في العنف البدني، ولا شك أن التعنيف النفسي قد تكون تبعاته وأضراره أخطر وأعمق من البدني، بل إن التعنيف النفسي من المرأة على الرجل قد يحدو به إلى ممارسة التعنيف الجسدي عليها كردة فعل منفجرة بعد طول كتمان، وفي العادة ما تكون ردة الفعل هذه أشد فتكاً وقد تُفضي إلى القتل، ويؤكد ذلك الشواهد والمتابعات للجرائم الأسرية خصوصاً تلك الجرائم الناتجة عن قدح المرأة في رجولة الزوج وذكوريته.

ما مدى تأثير العنف بين الزوجين على الأبناء؟

دخول أي أسرة في دوامة العنف الأسري سيُصعب من فكاكها منه أياً كان نوع هذا العنف وأياً كان من يمارسه من الطرفين، وهي الدوامة التي ستُلقي بظلالها السلبية على تربية الأولاد وتنشئتهم مهما حاول الزوجان تفادي آثار ذلك عليهم، حيث إن الأبناء وإن قلت درجة تأثرهم بهذا العنف الأسري في الصغر إلا أن آثاره الخطيرة عليهم قد تظهر في علاقتهم بالآخرين وبشركاء حياتهم بعد الكبر والبلوغ، حيث سينشأ الابن يتصارعه خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يميل ناحية ممارسة العنف لتكرار صورة أبيه وتقليده فيما كان يفعل، وإما أن يميل إلى بغض العنف وتجنبه بكل ما أوتي من قوة حتى مع أحقيته فيه، وهذا قد يجعل منه إما شخص مُعَنَّف على الدوام لعدم قدرته في تجاوز نزعته الكارهة للعنف أو شخص مُعَنِّف غليظ بعد فشله في تحاشي استخدام العنف.

والخلاصة أن دوامة العنف الأسري من الصعب كسرها أو تفادي آثارها في الأجيال الشاهدة عليه، بل هو راية يتسلمها جيل عن جيل إلى ما لا نهاية، وكلٌ يقع في فخ عواقبه وحسراته ما لم يحصلوا على المساعدات النفسية من المتخصصين قبل دخولهم مرحلة الزواج وتكوين أسرة.

هل الدخول في مرحلة العنف الأسري دليل على نهاية العلاقة بين الزوجين؟

اختتم “أحمد يوسف” حديثه بالتأكيد على أنه لا يمكن الجزم بضرورة فك الارتباط ونهاية العلاقة الزوجية بناءً على ممارسة أحد الأطراف لعنف أسري على الطرف الآخر، فدائماً توجد حلول لرأب الصدع وإصلاح الأمور، خصوصاً إن كان هذا العنف الأسري في بداياته أو على مراحل زمنية متباعدة، والتدريبات النفسية والعلاجات السلوكية للعنف الأسري في المراكز المتخصصة تشهد على نجاح العديد من العلاقات واستمراريتها بعد دخولها لمرحلة العنف الأسري وذلك بالعلاج الصحيح منه، مع العلم أن الطرف الأضعف في العنف الأسري هو في العادة الطرف الأقوى في تقبل العلاج ودفع الطرف الآخر إليه.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: