العلاقة بين العذرية والشرف

صورة , العذرية , عذراء , إمرأة

شهدت مدينة النجف في العراق في صباح حزين جريمة مروعة حين أعاد رجل فتاة إلى منزل أهلها صباح اليوم التالي لزفافهما مشككا في عذريتها مدعيا عدم تحقق علامات فض غشاء البكارة ففارق والد الفتاة الحياة فور تلقيه الخبر إثر جلطة مفاجئة، أما شقيق الفتاة فأبرحها ضربا بآلة حادة حتى فارقت الحياة هي الأخرى.

لا يزال موضوع العذرية حتى الآن يشكل هاجسا فعليا في عالمنا العربي ولا يزال الكثيرون يربطون حصرا العذرية بالشرف ولا تزال جرائم الشرف تحتل أرقاما عالية في هذا المجتمع العربي، فإذا كان مفهوم الشرف يختلف من مجتمع لآخر إلا أن الكثير من المعاني الإنسانية تندرج تحت هذا المفهوم.

ما سر اللغط بين مفهوم العذرية وارتباطها بالشرف؟

قالت الإعلامية “ناهد أبو طعيمه” منسقة وحدة النوع الاجتماعي في مركز تطوير الإعلام في جامعة بير زيد. في البداية أود أن أشير إلى مقولة الدكتور هشام شراباتي في مقدمة كتابه حول العقل العربي حيث قال أن طالما أنه لم يتغير حال المرأة العربية فإنه لن يتغير حال الإنسان العربي بالمطلق وسنبقى كما كنا في الجاهلية عرب وقبائل وعشائر نُغير على بعضنا البعض باستثناء تغيير صغير طرأ علينا وهو أننا أصبحنا نعرف ما يسمى بالهاتف والانترنت الذي يعتبر نجاحاتنا الوهمية.

على ضوء ذلك، حاولت الدكتورة نوال السعداوي في كتاباتها التأصيل لمفهوم الشرف ومدى ارتباطه بالعذرية عن المرأة.

وأضافت ” ناهد “: من خلال الحادثة الحزينة هذا اليوم فإننا رغم محاولاتنا أن نؤصل لهذا المفهوم إلا أننا أصبحا نرجع للوراء بعد 60 سنة لأننا نرى النساء ضحايا لهذا المفهوم الخاطئ.

يعتبر عدم الشرف هو خيانة الوطن أو السرقة أو الإساءة للآخرين بشكل عام، فما علاقة الشرف حينئذ بعذرية المرأة؟
على هذا النحو، إذا كانت المرأة هي مقياس الشرف عند البعض متمثلة في قطعة لحم او غشاء بكارة، فما هو مقياس الشرف عند الرجال؟

يجب التفكير مرة أخرى في تأصيل هذا المفهوم حتى لا نرجع للوراء لأنه لا يوجد ارتباط بين الشرف وبين العذرية حيث هناك بعض التقارير التي أشارت إلى أن 30% من النساء حول العالم يولدون بدون غشاء بكارة أو أن هذا الغشاء يكون مطاطيا أو رقيقا يحتاج إلى عملية جراحية ليتم فضه.

ما مدى تفاوت ظاهرة العذرية والشرف من بلد لآخر؟

تكمن المشكلة في أن تلك المسألة في منتهى الخداع حيث لا توجد أي إحصائية تشير إلى أرقام محددة عن ظواهر قتل المرأة بسبب الشرف إلا أن الأردن تليها فلسطين التي قُتل فيها حوالي 27 امرأة على خلفية هذا الأمر في عام 2013 لكن على الجانب الآخر تعتبر تلك الأرقام مخادعة لأن الشرطة لا تعرف السبب الحقيق لوفاة بعض الحالات ويكون السبب المقدم من الأهل بالنسبة لوفاة البنت أو المرأة هو الوفاة نتيجة السقوط من أعلى، لذلك لا يوجد تقارير وإحصائيات دقيقة لحالات القتل التي تتعرض لها الفتاة دون ذنب.

هل خوف الأهل من الفضيحة يدفعهم لقتل ابنتهم؟

في كثير من الأحيان وعند سؤال أهل الفتاة التي تم قتلها يكون الرد على سبب ارتكاب الجريمة هو الخوف من كلام الناس.

إلى جانب ذلك، يعتبر غياب القوانين هو أحد الإشكاليات الخطيرة التي تشجع على قتل النساء في جميع الدول العربية كما تكمن المشكلة الحقيقية لهذه الظاهرة في الاستسهال المجتمعي ذاته الذي يغمض عينيه أمام تلك الجرائم الخطيرة معتبرا الرجال الذين يقومون بهذا الفعل رجالا حقيقين.

أما عن حادثة اليوم فإننا نرى ازدواجية أخلاقية بين الشباب على منصات التواصل الاجتماعي معبرين عن رأيهم في قضية مقتل هذه الفتاة التي راحت ضحية الغدر والجهل بالمفهوم الحقيقي للشرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top