الجودة التعليمية في السعودية

لا أدري كيف تسلق الإحباط لتفاصيل يومي وأنا أقرأ خبر بدء مؤتمر الجودة الشاملة للتعليم العام في الرياض، لأقف وأتساءل كثيرا عن مقدار الأحلام التي تسكن فوق طاولة وزير التربية والتعليم في ظل متغيرات عالمية ملحة وقوية تطالبنا بتسريع عربة العمل نحو أفق تعليمي ومستقبل أفضل نحمله لأبنائنا الذين ينتظرون قرارات رجالات جيلهم بشجاعة كبيرة.

عدت سريعا لأهم نقاط برنامج الجودة التي أدرجت في المؤتمر لترتسم ابتسامة الرضا من جديد على وجهي، إذ من الرائع جدا اهتمام المؤتمر بالناحية النظرية والعملية في ذات الوقت، وكم كان جميلا التكثيف على الورش العملية للمتخصصين في مضمار الجودة التعليمية عبر اكتسابهم خبرات دول تقدمت علينا في اختباراتها وتسويقهم لبرنامجهم التعليمي الرائد، حيث حققت جودة عالية لاستنادها على مقاييس معيارية في غاية الدقة والعملية.

لكني ورغم ذلك كنت في دهشة كبيرة بين واقع التعليم العام القائم وبين أحلام هذا المؤتمر، وتعاظمت دهشتي حين وقفت على مناهجنا التي تعيد تكرار نفسها كل عام لتخلق لنا شخصيتنا النمطية وتكرسها للأجيال، دون وعي يذكر من مطوري المناهج بالبون الشاسع بين الكتاتيب والتكنولوجيا الحديثة المتقدمة جدا، التي يجب عليهم قبل وضع أبجدياتها على لوائح التطوير أن يقفوا عندها ويعرفوا إلى أين وصلت طرائق التدريس وآلياته، وما احتياجات سوق العمل الفعلية الآن، حتى لا نزج بأبنائنا المتخرجين من الثانويات العامة في مستقبل مجهول وضبابي، فتلك الدول التي تستضيفها المملكة حضرت لتقدم لنا خبراتها ومكتسباتها طوال سنوات طويلة من العمل والجهد القائم على منهج علمي ونفسي واجتماعي مدروس بعناية فائقة.

وفي ظل رعاية حكيمة جاء هذا المؤتمر التعليمي الرائد في وقته ليعزز من أهمية التغيير والتطوير في التعليم العام الذي ترتكز عليه ثقافة جيل سعودي قادم إلى سوق العمل، وكلنا يتمنى ويأمل ألا تذروه الرياح، كما أخذت غيره من المؤتمرات التي تحولت إلى أرقام ضخمة في الميزانية العامة، ولذكرى في سجلاتنا الوطنية، ولمحطات خطابية وإعلامية بأبواق تتفنن بين الترسل والسجع وبين باقل وسحبان بن وائل.

بقلم: زكي الصدير

أضف تعليق

error: