أهمية التسامح والاعتذار في شهر رمضان

التسامح والاعتذار

كثير منا ينتظر شهر رمضان الكريم بسبب عطاؤه وخيره والتسامح الموجود به، وكثير من الناس يعودون لتوطيد علاقتهم ببعضهم ويفعلون كثير من العبادات التي تقربهم من الله “سبحانه وتعالى”، فالتسامح في هذا الشهر يكون بين الأفراد أو في علاقة العبد وربه، لذلك نرى في رمضان كثير من التجاوز عن الخلافات والعطاء الزائد، ونرى باب الصلح مفتوح بين المتخاصمين والمبادرة والعفو والصفح، كما تزيد الإيجابيات والصفاء الذهني في هذا الشهر.

الاعتذار ثقافة عالمية تعكس الحالة النفسية السليمة للفرد وثقته في نفسه وقدرته على الاعتراف بالخطأ وعدم اللجوء إلى أكاذيب ومبررات حتى يُغطي على خطأ قام به، والتسامح من صفات الشخصية الراقية القوية التي لها نتائج إيجابية على النفس البشرية والتي تدل على تصالح الشخص مع نفسه، لأن الشخص يجب أن يكون في حاله من التسامح مع النفس أولًا والابتعاد عن مشاعر الحقد والضغينة لنفسه حتى يستطيع أن يكون متسامحًا مع الآخرين، كما أن التسامح يحسن الحالة النفسية للفرد.

شهد العالم تطورًا كبيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي حيث أصبح البعيد قريبًا، لذلك يجب استخدام هذه الوسائل في نشر فكرة التسامح والاعتذار والكثير من الأخلاق الحميدة التي تقلل الفجوات الاجتماعية بين الأفراد، والابتعاد عن الاستخدام السيء لها من خلال انتحال صفات الشخصيات وتشويه سمعتها وبث روح الكراهية في المجتمع.

شهر رمضان والتعزيز من القدرة على العفو والتسامح

يقول الدكتور “هيثم الزبيدي” استشاري الأمراض النفسية أن هذه الصفات الحميدة مثل التسامح والعفو من فضائل شهر رمضان الكريم، فالاعتذار أو التسامح هي ثقافة عالمية تظهر من خلالها مكامن قوة الشخصية والحكمة أو الاتزان في النفس البشرية، لأنه من خلال الاعتراف بالخطأ وتجنب ضرر مشاعر الآخرين تكمن هنا الثقة في النفس وقوة الشخصية، ويمكن الإشارة إلى أن ثقافة الاعتذار أو التسامح هي من أحد سمات الشخصية المهمة في كثير من بلدان العالم.

ولكن مع الأسف لاحظنا في بعض المجتمعات غياب تلك السمة الجيدة بسبب النظرة السلبية المتشائمة على أساس أن الشخص الذي يقوم بالاعتذار أو التسامح هو شخص ضعيف ومهزوم، إلا أن الدراسات النفسية الحديثة أشارت إلى أن الشخص الذي لديه قابلية للاعتذار أو التسامح هو شخص يمتلك مهارة عالية باعتبار أن ثقافة الاعتذار أو التسامح هي من أحد مهارات نجاح التواصل الاجتماعي.

المردودات الإيجابية للتسامح والاعتذار على النفس البشرية

  • التمتع بصحة نفسية جيدة.
  • التغلب على مشاعر تأنيب الضمير.
  • تعزيز الثقة بالنفس.
  • احترام عالي للذات مع الآخرين.
  • المحافظة على القيم الاجتماعية الجيدة التي نشأنا عليها.

وأضاف الدكتور “الزبيدي” أن الاعتذار يختلف عن التبرير، فالاعتذار يكون عند الاعتراف بخطأ معين، أما التبرير هي عملية دفاعية لإنكار الخطأ وتغليفه بموضوع آخر، لذلك نلاحظ أن قيمة الاعتذار يكون في الاعتراف بالخطأ، أما التبرير هي عملية احتيال أو إخفاء للحقيقة، الهدف من التبرير هو اخفاض التوتر النفسي الناتج عن سلوك معين خطأ قام به الانسان، لذلك نلاحظ أن الشخص الذي يقوم بالاعتذار يكون أكثر وضوحًا من الشخص الذي يبرر دائمًا.

وتابع أن الشخص المتسامح هو الذي يخفي المكنونات السلبية في النفس البشرية، فمن خلال التسامح يتغلب الشخص على الغيرة والحسد وتعزيز الثقة بالنفس، فالشخص الذي يتسامح هو شخص ذو مقدرة وثقة عالية بالنفس، نلاحظ دائمًا أن هذه السمة تكون دائمًا مع الأشخاص الذين يمتلكون سمات شخصية راقية وقوية ويكون لهم حضور اجتماعي ولهم أدوار وتأثيرات جيدة في النفوس البشرية، لأن هذه السمة مرادفة لسمة الكرم والشجاعة.

فالذي يتحلى بها تكون لها مدلولاتها ونتائجها الإيجابية على النفس البشرية، كما أن الشخص المتسامح هو شخص قابل للشفاء وإن كان يعاني من أحد الاضطرابات النفسية.

اقرأ هذه المقالات أيضًا

استغلال شهر رمضان في خلق فرصة للتسامح بين الناس

بما أن الله “سبحانه وتعالى” واسع الرحمة وغفور، وشهر رمضان هو شهر ملئ بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، فيجب على الشخص أن يؤمن بهذه القضية ويؤمن بصيامه وليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، بل يجب أن يتحلى بهذه الصفات التي أمرنا الله “سبحانه وتعالى” بها، فهذه أول علامة على أن شخصيته تتمتع بالصحة النفسية، كما أن الشخص المتسامح لديه حاله تسمى التسامي، فالضغوط النفسية والإحباطات السلبية تتحول إلى هالة إبداعية، وليس معناها أن يقوم الإنسان برسم لوحة فنية أو بخط قطعة زخرفية أو بأي عمل مبدع.

فنلاحظ أن حالات الإبداع عند الإنسان تبرز من خلال ما وصل إليه من حالة تسامح مع المجتمع أو مع الآخر، وفي الدرجة الأولى يجب أن يكون متسامحًا مع ذاته حتى لا تكون هناك ضغينة في ذاته، فعندما يكون بداخله حقد ومشاعر سلبية تجاه نفسه وتجاه الآخرين يكون بعيدًا عن التسامح، لأن التسامح حالة صحية يجب أن نتحلى بها حتى نرتفع لمستوى الصحة النفسية، لأن الشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية يكون سليم مع نفسه ومع الآخرين في علاقاته الاجتماعية.

دور وسائل التواصل في نشر التسامح والاعتذار في المجتمع

وأضاف الدكتور أنه مع الأسف نلاحظ كثير من المجتمعات وخصوصًا النامية أن أي تطور أو تكنولوجيا يتم استخدامه بطريقة سيئة، فوسائل التواصل الاجتماعي الموجودة بدول العالم استُخدمت في أذى الآخرين، وهذه حالة غير صحية، فعادة من خلال السلوك نلاحظ ما يوجد داخل الإنسان، فإذا كان سلوكه صحي فهو يتمتع بصحة نفسية والعكس صحيح، لكن يمكن من خلال هذه التوضيحات والمؤشرات والسمات الجيدة أن نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في بث رسائل التسامح والاعتذار والمحبة والتواصل مع الآخر في وقت نحن فيه بأمس الحاجة لهذه الأمور، فالعالم كله الآن وليس مجتمعنا فقط يمر بحالات وبائية، سواء كانت بمستوى طبيعي أو غير طبيعي.

فالله “سبحانه وتعالى” خلق الإنسان خليفة في الأرض ليُصلح وليس ليُفسد، والآن نحن نمر في حالة تطور حيث وصلت مواقع التواصل والاتصالات أنها تقرب البعيد فيجب استخدامها لتهدئة النفوس وليس لإثارة الحقد والكراهية بين الناس وانتحال شخصية الآخرين وتشويه الصور والسُّمعة، كل هذا يعكس نفسية سيئة ومريضة ومليئة بالاضطرابات النفسية، فينبغي استغلال هذا الشهر الفضيل أن نُعوِّد أنفسنا على استخدام هذه الوسائل الاجتماعية لزرع المحبة وروح التعاون والتسامح والاعتذار والعفو عند المقدرة، لأن هذا يعكس الشخصية القوية للأشخاص، كما يقلل الفجوة الاجتماعية بين الناس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top