التخلف عن الموعد والتخلف الاجتماعي

قد يبدو نصف ساعة تأخيرا، أمرا لا يحتاج إلى مساءلة أو مناقشة قد تستنزف من الوقت المهدور وقتا إضافيا، لأن هناك قائمة طويلة من المبررات والأعذار قد تعودنا على سماعها فلن نلجأ للسؤال عن سبب وجيه إلا عندما نحاول اكتشاف أعذار جديدة لم نسمعها من قبل! أو عندما يُلغى الموعد المحدد دون سابق إنذار، أو إنذار عديم الفائدة كونه جاء بعد فوات الأمر. فلا قدرة لأحد على تغيير ما حدث بالماضي.

وقد يحيلنا شيوع مثل هذه السلوكيات إلى إعادة صياغة المفاهيم من جديد، فنلحظ أن هناك فرقا بين مفهوم احترام المواعيد وبين احترام الوقت!

فالمهم في الموعد هو أن تحضر بغض النظر عن وقت حضورك إليه، فلو حضرت مبكرا فستختار الانتظار، وهي للأسف صفة تلتصق بالطرف الأضعف في الموعد أو الشخص «الفاضي» لذا قد تتعلم في الموعد القادم أن تكون مشغولا حتى آخر دقيقة من الموعد، ولا تنس أن تحضر وأنت تتحدث في هاتفك المحمول لتبدو أكثر انشغالا.

ومع ذلك قد تبدو هذه فلسفة ناجحة لتفادي الانتظار على مستوى الأشخاص الحقيقيين فقط لأنك الطرف الأضعف دوما في علاقاتك مع الأشخاص الاعتباريين مهما حاولت أن تتحدث في هاتفك المحمول! فشركات خطوط الطيران والمستشفيات لا تنتظر أحدا، كونها الطرف الأقوى، فحتى لو حضرت متأخرا أو مبكرا فلهم الحق في إجبارك على الانتظار لساعات وتقبل نتائج ما قد يحدث حتى لو لم تتأخر دقيقة واحدة!

وبعض الناس قد يعتبرون ذلك فوضى سائدة في مجتمعنا مقارنة بما يحدث في العالم الآخر، ويصبون جام غضبهم، لا على أنفسهم، بل على الأشياء من حولهم فقط، في حين منهم من يمارس دور الطرف الأقوى في مواعيدهم مع الآخرين!

والحقيقة أن الإنسان المتخلف هو وليد بيئة اجتماعية ترتبط بتشكيل شخصيته رغما عنه، وحين ينشأ فيها يصبح قوة فاعلة ليعزز دعم كل شيء ارتبط بهذه البيئة الاجتماعية المتخلفة حتى لو بدت هذه الفوضى في نمط حياته تظهر بصورة متماسكة «ككل»، ما يصعب عملية التغيير.

بقلم: سعود البشر

أضف تعليق

error: