أوقات لا ترد فيها الدعوات فاغتنموها

مسلم ، Muslim ، الدعاء ، صورة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، حبيبه وصفيه من خلقه ومصطفاه، وعلى آل بيته وصحبه من والاه، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد: فإن الدعاء جند من جنود الله سخره لخلقه، ووهبه لعباده الصالحين المؤمنين الواثقين بالله وقدرته الراجين لعفوه وفضله، يستعينون به على ما شق عليهم تحمله، وما كان فوق طاقاتهم، يستعينون به على قضاء حوائجهم والتمتع بمعية الله عز وجل وعونه لهم، كما يستعينون به على أنفسهم وأهوائهم ويستهدون به، ويأمنون به من خوفهم.

فالدعاء هو الصلة بين العباد وربهم ولولاه ما كان الله ليعبأ بهم، ولا يلتفت إليهم، فهو القائل: (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما).

ومن فضله على عباده أن جعل دعاؤهم يصعد إليه جل وعلا بلا قيد أو شرط أو وساطة، وفي ذلك يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

فهذا وعد من الله لعباده، أنهم إن يدعوا يستجاب لهم ويؤتون من فضل الله سؤلهم، متى أخلصوا النية لله وتيقنوا من نصره ومدده.

وبالرغم من الدعاء في الإسلام بلا شرط لا قيد إلا أن له بعض الأمور المستحبة والأوقات الخاص التي يظن معها استجابة الدعاء، وهنا سيدور حديثنا حول أهم وأفضل الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، والحث على اغتنامها وعدم تركها، فمن شأن المؤمن الفطن أن يختار من الأدعية أفضلها ومن الأوقات أكثرها بركة ومن الأماكن خيرها حين يدع، ففي ذلك مظنة الاستجابة وتحقق المبتغى.

أوقات استجابة الدعاء

إن رحمة الله قريب من المؤمنين جميعا، ومن مظاهر رحمته وفضله عليهم أن يتعهدهم بالبركات ولا يقطعها عنهم أبدا ففي كل عام بعض الأيام التي خصت بالبركة وباستجابة الدعاء، وفي بعض الشهور أيام خصت باستجابة الدعاء، بل في كل أسبوع جعل يوم عيد ولم يجرده من بركة استجابة الدعاء، وفي كل يوم جعل ساعات مباركات لا ترد فيهن الدعوات، ومن أهم تلك الأوقات ما يلي:

ما بين الآذان والإقامة

من الأوقات التي بوركت باستجابة الدعاء، فيجب على المسلم أن يكون متيقظا لها ويحسن اغتنامها.

وقت السحر

وهو الوقت الذي يقع في الثلث الأخير من الليل، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه سلم- أنه قال: (إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ نَزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: “هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ، هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ “).

الدعاء في يوم الجمعة

فقد خصّ الله يوم الجمعة بأن فيه ساعة استجابة لا يوافقها عبد مؤمن وهو يدع إلا استجيب له، وقد اختلف العلماء في تحديد تلك الساعة، فمنهم من قال أنها الساعة الواقعة بين صعود الإمام على المنبر وانتهاء الصلاة، ومنهم من قال أنها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة، وهي بين العصر وغروب شمس يوم الجمعة، ومن الأدلة على ذلك ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال عن يوم الجمعة: (إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ).

ليلة القدر

من الليالي التي خصها الله باستجابة الدعاء والتي يتحراها المسلمون كل عام ليلة القدر، فهي ليلة نزول القرآن والتي يضاعف فيها الأجر وتتنزل فيها الرحمات وتتنزل فيها الملائكة الذين يؤمنون على دعاء المؤمنين فيستجاب لهم بإذن ربهم.

يوم عرفة

يوم عرفة كذلك من أكثر أيام الدنيا بركة وأوسعها عطاء لعباد الله، ففيها تكفر السيئات وتغفر الذنوب وتقبل الدعوات، وعلى كل مسلم موحد، سواء رزق بالوقوف على جبل عرفة في هذا اليوم المبارك أو لم يرزق به أن يدع الله ما شاء أن يدع من خيري الدنيا والآخرة، فلعل الله يستجيب له، ويؤته من فضله ما لا يشقى بعده أبدا، وفي ذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).

أضف تعليق

error: