ما هي أسباب ارتفاع نسب الطلاق

ارتفاع نسب الطلاق

فستان أبيض وبدلة عريس وليلة من العمر يحلم بها كل شاب وشابّة، أحياناً تخلص بثبات ونبات، وأحياناً تنعدم سُبل الحياة، وللأسف تؤدّي إلى الطلاق، فارتفاع نسب الطلاق شيء ملحُوظ على الصّعيد المحلّي والعربِي.

فمن المؤسف ازدياد نسب الطلاق سنة بعد سنة وأصبحت أعلى من نسب الزواج حول العالم وفي جميع أنحاء العالم العربي، وخاصة الأردن فهي الأعلى في نسب الطلاق، وهناك أسباب عديدة تؤدي إلى حدوث الطلاق منها الإجتماعية والإقتصادية والنفسية.

وقد لعبت أزمة كورونا دوراً في ارتفاع نسب الطلاق، والمساهمة في تفاقمها، وسنتعرف على كل هذه الأسباب تفصيلاً.

ولكن إذا كانت ظروفك ليست على ما يرام، فأعلم أنها ليست النّهاية، كل صباح جديد يعطينا أمل جديد، وفرص جديدة نستقبلها بكل ما هو جميل في هذه الحياة.

أسباب الطلاق

تقول “د. سنا سالم” مدربة المهارات الحياتية: من المؤسف أن نسب الطلاق في تزايد مستمر، وربما لسبب إختلاف الثقافة والظروف والمعطيات ككل، ولكن الطلاق ليس نهاية العالم ولا نهاية الحياة، ومن معرفة أسباب الطلاق يمكن التعامل معه من خلال هذه الأسباب.

ودائماً ما ننادي بالإصلاح قدر المستطاع حتى لا نصل إلى هذه النتيجة وهي الطلاق، رغم أنه نتيجة طبيعية وواردة.

ومن أسباب حدوث الطلاق ما يلي:

  • سبب حدوث الزواج أصلا: فبعض الناس يتزوجون هرباً من الظروف البيئية التي يعيشونها، أو بناءاً على طلب أحد الأبوين، أو حتى أنه في سن الزواج.

فيؤدي هذا الزواج إلى الطلاق في النهاية، بسبب الاختيار الخطأ، فإذا كان الشخص يريد الهروب من المكان الذي يعيش فيه، فسيختار الشخص الغير مناسب للخروج من هذه البيئة التي يعيش فيها.

لذلك يجب علينا معرفة سبب زواجنا، فكلمة شركاء في الحياة الزوجية تعني مؤسسة، فالزوجين يشارك كل منهما الآخر في الرؤية والأهداف، فشركاء الحياة هم شركاء في مؤسسة الزواج.

وبالتالي يجب أن نتأكد أن رسالتنا وحدة، وكذلك أهدافنا، فالأساسيات هي من يجمعنا، وإن اختلفنا في باقي الأمور ومن الطبيعي أن نختلف، فكل هذه الخلافات تؤدي إلى الطلاق.

  • التوقعات قبل الزواج: فالفكرة قبل الزواج هي فكرة توقعات، أي ما نتوقع من الزواج أو ما يتوقعه الزوج من زوجته، ولا يوجد توقعات واقعية، فالواقع عند الشخص غير واقعي عند الآخر، لذلك يجب علينا كشركاء حياة أن نتكلم عن توقعاتنا.

فالزوج يتحدث إلى زوجته عن توقعاته منها، ومن أهلها، وماذا يتوقع من الزواج ذاته، وكذلك تتحدث الزوجة إلى زوجها عن توقعاتها من الزوج ومن تعامله معها، أي التواصل بين الأزواج والتحاور قدر المستطاع قبل الزواج وفي خلاله.

حتى يتسنى لنا وجود نقطة تجمعنا، فالفكرة تكمن في التوقعات والثقافة أيضاً، فعندما تحلم الفتاه بالفستان الأبيض والفارس الذي يخطفها على حصانه، كل هذه توقعات بعيدة من الزوجة قبل الزواج، فهي ترسم صورة لزوجها أو خطيبها بأنه ملاك، وهذه التوقعات غير صحيحة فلا الزوج ملاك ولا الزوجة أيضاً، فجميعنا بشر نخطئ ونصيب.

ومثال لذلك قبل الزواج يتكلم الخاطب إلى خطيبته كل يوم، لأن كل فرد منهما في بيت أهله، أما بعد الزواج لا يتحدثان إلى بعضهما البعض كل يوم، لأنهما اجتمعا في منزل واحد، وتبدأ الزوجة في اتهام زوجها بأنه تغير وبدأ يظهر على حقيقته، ولكن الحقيقة أنه لم يتغير، فالمعطيات هي من اختلفت، وكذلك المسئوليات والواجبات، فبالتالي ستختلف طريقة التعاطي وطريقة التعامل أيضاً.

وهذا مثال بسيط على بعض الخلافات الزوجية، ولكن هناك مشاكل أعمق وأكثر تعقيدا بين الزوجين، ولكن الفكرة في أي تغيير يطرأ على أي طرف من الأطراف، نعتبره مشكلة.

ومن الأقوال الغير صحيحة هي خذيه غيريه وخذها غيرها، فهذه المقولة غير صحيحة تماماً فلا يستطيع أحد أن يغير الآخر، فيجب علينا الرضا بالشخص والإقتناع به بعيوبه قبل حسناته، وكثيراً من الناس ما يتزوجون على هذا المبدأ.

  • الظروف الإقتصادية: وخاصة في ظروف الحجر الصحي، وزيادة الإلتزامات، وقد يؤدي الأمر في بعض الأحيان إلى فسخ الخطبة، وعدم اكتمال الزواج.

ولكن الوضع الإقتصادي لا يعد بحد ذاته مشكلة أسرية، ولكنه مشكلة يتعرض لها الزوجين معاً، وليس مشكلة بينهما.

  • الضغط النفسي: وهو يلعب دوراً هاماً في حدوث الطلاق، وكثرة الخلافات الزوجية، وعدم تحمل الآخر، بسبب الضغط النفسي الذي يتعرض له أحد الزوجين، وربما الأولاد، وهو ما يدفع الزواج إلى الانهيار.

ويمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى ترك الزوج للمنزل والتخلي عن الزوجة والأولاد، وتصبح الزوجة هي المسئولة عن البيت والأولاد.

التغيرات الحياتية ومطالب الحياة: فيصبح الزوج غير قادر على تلبية مطالب الزوجة والأولاد، ومتطلبات الحياة الزوجية ككل.

  • التسرع في الإختيار: أي الإختيار الخطأ، الذي يؤدي بدوره إلى عدم التفاهم بين الزوجين وبالتلي يحدث الطلاق.
  • تدخل الأهل بين الزوجين: والذي يؤدي هذا التدخل إلى كثرة المشاكل الزوجية وتفاقمها، وعدم القدرة على حلها.

فالمشكلة تكمن في طريقة التعامل مع الموقف الضاغط، سواء كان تدخل الأهل أو مشاكل مادية أو غيرها، من المشاكل التي يتعرض لها الزوجين، وليس الموقف بحد ذاته.

فبغض النظر عن الظروف التي يمر بها الزوجين سواء كانت ظروف مادية أو اجتماعية، أو تدخل الأهل في الحياة الزوجية لأحد الزوجين، فكل هذه الأمور طبيعية وواردة الحدوث في الحياة الزوجية، ولكن الاختلاف في طريقة التعامل بين الزوجين، بأن أحد الزوجين ينفعل على الآخر.

ويبدأ كل طرف يتهم الآخر بأنه هو السبب في حدوث المشكلة، فيتهم الزوج زوجته مثلاً بأنها مسرفة أو غير مهتمة به، وكذلك الزوجة تثور في وجه زوجها وتتهمه بعدم تحمل المسئولية، وأنه مقصر في حقها كزوجة.

فالتعاطي مع الموقف الضاغط هو الفرق، فإذا تحدثت الزوجة إلى زوجها بلطف ولين، فمثلاً تعترف بأن والدتها تتدخل في حياتهما، أو العكس، فتلقائياً يختلف رد فعل الطرف الآخر ويصبح أكثر تجاوباً معه، وأكثر ليونة وهدوء.

فكما ذكرنا أن طريقة التعامل مع الموقف الضاغط هي المشكلة وليس الموقف نفسه، فالمواقف الضاعطة التي يمر بها الزوجين كثيرة وواردة، فهي جزء من الحياة، فالفكرة ليست الظرف ولكن الفكرة كيف نتعاطى مع هذا الموقف.

فالموقف يحتاج إلى تخطيط وتنظيم وتواصل، وحكمة ونضج، لذلك يجب الاستعداد للزواج، حتى في طريقة تعامل الأهل مع أولادهم المقبلين على الزواج، لابد لها من تخطيط وتنظيم، واتباع طرق صحيحة، وفي هذا الوقت نرى جاهزية أبنائنا للزواج غير صحيحة.

العلاقة بين الزواج والثقافة الموروثة بين الأبناء

تابعت “د. سالم” تختلف الثقافة القديمة في معاني الزواج عن اليوم، فقديما كانت تقول الأم لإبنتها عن الزواج والحياة الزوجية، من منزل أبيك لمنزل زوجك للقبر، فهذه هي الثقافة الموروثة بين الأبناء.

أما اليوم لا يوجد حل وسط لأي شيء، فإما السهولة جداً في الطلاق، وإما الصرامة ورفض الطلاق رفضاً تاماً، بغض النظر عن أسباب هذا الطلاق، حتى وإن وصلت إلى حد الضرب، فيرفضون الأهل الطلاق مهما كان السبب.

وأيضاً توجد أسباب وخلافات بسيطة لا تصل إلى حد الطلاق، ومع ذلك يصر الأهل على الطلاق وعدم التفاهم، أو الاستعانة بطرف آخر يحل المشكلة.

ويرجع ذلك إلى ثقافتنا السلبية المنتشرة بين الأبناء عن الزواج، والتنكيت عن الزواج، والاستهانة به، والاستهزاء، فكل هذه الثقافات سلبية ومحبطة، وهي نتاج عقل جمعي.

فالرجل عندما يقبل على الزواج كأنه مقبل على مصيبة أو كارثة.

فالزواج لا يعني أن الرجل دوره هو العمل وجلب المال والإنفاق على شئون الأسرة، وأن المرأة دورها في الطبخ والاهتمام بشكلها ومظهرها فقط، ولكن الزواج هو المشاركة في كل صغيرة وكبيرة في الحياة الزوجية.

فاليوم اختلفت كل معطيات الزواج عن قبل، بإختلاف الشخصيات، وكذلك العوامل المادية التي تلعب دوراً كبيراً في حدوث الطلاق.

قدرة الأزواج على التحمل قديماً وحديثاً

انخفضت قدرة الأشخاص على التحمل عن قبل، وهذه القدرة على التحمل لها علاقة بطريقة تعاملنا، فاليوم أصبح هناك نضج ووعي، ويكون الطلاق هو الحل، عندما يصل الشخص لعدم القدرة على التحمل وتقبل الزواج.

فالمشكلة تكمن في أن الطلاق هو الحل الأول، بالنسبة لنا، فالبعض يتعامل مع الزواج على أنه تجربة، سواء فشلت أو نجحت.

فالطلاق حل وشرعه الإسلام، فالمشكلة ليست بالطلاق وإنما بطريقة التعاطي مع الطلاق، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وهذا ما ورد في القرآن الكريم، ولكننا نجعل التسريح ذل ومهانة وانتقام.

وبغض النظر عن كل الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، فالزواج قائم على أسس معينة مثل التفاهم والإحترام، والمحبّة والصّراحة، وإذا حدث خلل في أحد هذه الأسس، فيؤدي بنا إلى الطلاق.

وننصح بالثقافة الحياتية للزواج، فيجب تثقيف الأبناء قبل الزواج، ومعرفتهم حقوقهم وواجباتهم، وتعليمهم كيف يتصرفون التصرف الصحيح في حال واجهتهم مشاكل، حتى لا تؤدي هذه المشاكل إلى الطلاق.

وأخيراً ننصح بالتواصل في الأمور المادية والحياتية، لأن مفاهيمنا تختلف فالإحترام عند طرف يتخلف عن الإحترام عند الطرف الآخر، حتى الأولويات تختلف من شخص لآخر، فإذا رأىطرف أن هذه الأمور ذات أولوية، لا يرى الأخر أنها ذات أهمية أصلاً.

أضف تعليق

error: