متى ينصح بتأخير الحمل وما المدة الصحيحة المسموح بها

تأخير الحمل ، الإنجاب ، حبوب منع الحمل ، اللولب
تأخير الحمل – أرشيفية

سنتحدث عن تأخير الإنجاب –وليس تأخُّر الإنجاب-؛ نحن عندما نأخذ قرار تأخير الإنجاب لعدة أسباب ممكن أنها تكون صِغَر سن الزواج، تَعَرُّف الأزواج على بعض بطريقة أنسب، أو أسباب عملية ومهنية.

سنتحدث عن الأساليب المناسبة وأيضًا الفحوصات الواجب اتّباعها قبل اتخاذ قرار تأخير الإنجاب مع الدكتور/ عارف الخالدي رئيس الجمعية الأردنية للخصوبة والوراثة.

نتحدث عن أسباب تَأَخُّر؛ يعني وجود –لا سمح الله- مشاكل عند الزوجين، أو في بعض الأحيان تصل إلى مرحلة العقم.
لكن عند الحديث عن التأخير، عندما نأخذ قرار التأخير، ونعرف أن هذا قرار موجود عند العديد من الأزواج الذين لا يرغبون في وجود أبناء عندهم في بداية حياتهم أو سنة أو سنتين، وفي بعض الأحيان الزوجة تحب تأخذ هذا القرار بسبب انشغالها بالدراسة أو بالعمل.

ما هي الأسباب التي تدعو إلى تأخير الحمل؟

قال الدكتور/ عارف الخالدي “رئيس الجمعية الأردنية للخصوبة والوراثة”: كل الكلام السابق مضبوط، الذي نراه أكثر بالعيادات أنهم يشكون من عُقم مثلًا أو تَأَخُّر بالإنجاب، بمجرد أخذ تاريخ مرضي history من المريض تكتشف أنهم أَخَّروا أصلًا الإنجاب من أوله..

فهذا يقرع جرس الإنذار عندنا بالعيادات أن الأزواج أو السيدات اللاتي يؤخرن إنجابهن، لماذا؟ هل له مضاعفاته؟ هل له مشاكله؟ هل طريقتهم هي الطريقة الصحيحة؟

لو بدأنا بأول حالة؛ وهي الأزواج الذين يتزوجون حديثًا ويتفقون فيما بينهم على تأخير الحمل سنتين أو ثلاثة، هم يريدون أن ينبسطوا أو يسافروا أو يعيشوا بدون ارتباطات، يريدوا أن يُجَرّبوا بعضهم.

أضاف الدكتور/ عارف الخالدي: ما نقوله كأطباء: إذا ناويين فعلًا أنهم يؤخروا يجب أن لا يكون لمدة طويلة؛ وذلك لأنهم لا بد أن يُجَرّبوا الـ system الخاص بهم، يُجَرّبوا هل يمكنهم الحمل أم لا؛ لأنهم إذا أَخّروا ثلاث سنوات ثم يبدءوا يحاولوا سنة أو سنتين سيكون المجموع خمس سنوات تأخير، دخلنا بمشكلة طبية، ونريد أن نُسرع، وأطفال أنابيب وقصص وحكايات.

الأزواج الذين ينوون بالفعل أنهم يؤخروا الإنجاب أول زواجهم ننصحهم على الأقل أن يتأكدوا من وجود الخصوبة، مثل الفحوصات التي يقوم بإجرائها الأزواج قبل الزواج (الدم، الثلاسيميا).

ليس خطأً أن يقوم الرجل بعمل فحص لحيواناته المنوية، ليتأكد أنه لن يتأخر في الإنجاب، وذلك قبل الزواج.

أو لنفترض أنهم تزوجوا ويريدون أن يتأخروا لسنة أو سنتين، لا مشكلة، قُم بعمل فحصك، وبالنسبة للزوجة إذا الدورة منتظمة فهذه علامة ومؤشر إيجابي، لكن من الأفضل أيضًا أن تقوم بعمل فحوصات هرمونية مثل: AMH، أو فحص ultrasound لمعرفة عدد البويضات الموجودة، لنعرف مخزون المبيض عندها، هذه كفحوص أولية.

بشكل عام لا نحب تأخير الإنجاب بعد سن الخمسة والثلاثين.
وهناك قصة جديدة: وهي التأخر بالزواج.

ما هي المدة الصحيحة المسموح بها لتأخير الإنجاب في بداية الزواج؟

نقول مثلًا: إذا أحبوا أن يؤخروا أول سنة من الزواج لا يوجد مشكلة كبيرة، لأنه خلال السنة الثانية من الزواج يبدءوا محاولاتهم، فلو تأخروا ستة أشهر أو ثمانية أشهر لا تصبح مصيبة كبيرة، سنتين ليست مصيبة كبيرة، لكن إذا تأخروا أكثر من هذا ستصبح فجأة مصيبة كبيرة عندهم، وفجأة يركضوا ورواء علاج مستوياتها أعلى، وليست العلاجات البسيطة.

ففعلًا نصيحتنا لهم: يُجَرّبوا قُدرتهم على الإنجاب، يعرفوا الـ system الخاص بهم يعمل بشكل جيد أم لا.
فإذا أنجبت أول طفل تستطيع أن تتأخر ثلاثة أو خمسة سنوات، فهي الآن عرفت أن الإنجاب والقدرة الإنجابية عندها على ما يرام.

فهذه هي النصيحة؛ أنهم لا يتأخروا أكثر من سنة، وهذا مع إجراء الفحوصات طبعًا.

إذا أرادوا أن يؤخروا الإنجاب لمدة طويلة –مثل: السفر، أو بعثة دراسية، أو شيء من هذا القبيل- فلا مانع، ولكن يقومون بعمل فحوصات قليلة جدًّا؛ مثل: مخزون المبيض من خلال عمل ultrasound للمبيض، فحص حيوانات منوية، ليتأكدوا أنه ليس عندهم مشكلة من البداية لَمّا يؤخروا الإنجاب.

إذا أرادت سيدة تأخير الإنجاب وعُمرها فوق الخمسة والثلاثين؟

هنا عندنا مشكلة ثانية، عُمر السيدة هو الْمُحدِّد الأساسي والأول للقُدرة الإنجابية، لو وضعنا كل العوامل (الأنابيب، الرحم، الحيوانات المنوية) نجد أن عُمر الزوجة هو أهم شيء في القُدرة الإنجابية.
نحن نعرف أنه فوق الخمسة والثلاثين تبدأ الخصوبة بأنها تنزل شيئًا ما، وتنزل أكثر بعد الثمانية والثلاثين، وتنزل كثيرًا جدًّا بعد الأربعين.

لا نأخذ الأمثلة الذين نعرفهم، جارتك، أو جارتنا التي خَلّفت على اثنين وأربعين أو ثلاثة وأربعين؛ لأن هذه هي الاستثناءات وليست القواعد.

فالسيدة التي تأخر زواجها لبعد الخمسة والثلاثين المفروض أنها تُفَكّر بطريقة جَدّية أكثر بموضوع الارتباط، أو على الأقل تقوم بتقييم مخزون مبيضها أو تعرف مدى قدرتها على الإنجاب في المستقبل، هل ممكن أن تتأثر أم لا؟

من الأشياء المطروحة بالغرب: أن السيدة التي تتأخر بسبب عملها أو مستقبلها المهني أو مستقبلها الدراسي (مثل الدكتوراه، أو غيره) تقوم بتجميد بويضاتها، يعني ترى لأي مدى مخزون مبيضها، فإذا مخزون المبيض طبيعي والزواج قريب خلال سنة أو سنتين فمن الممكن أن تنتظر، إذا وجدت أنها من الممكن أن تصل للثمانية والثلاثين أو للأربعين اختياريًّا يستطيعون أن يُجَمّدوا بويضاتهم..

تجميد البويضات يعطيها بويضات على العُمر الذي جَمّدته؛ يعني نفترض أنها جَمّدت على عُمر سبعة وثلاثين وتزوجت على عُمر الواحد وأربعين، وقررت الإنجاب بالواحد وأربعين، البويضات والحمل يكون كأنها ما زالت بعُمر السبعة والثلاثين.
طبعًا هنا نحن نتكلم عن تنشيط مبايض، سَحْب بويضات، تجميد البويضات، هنا نتكلم عن أطفال الأنابيب.
ولكن هذا يكون نوع من الضمانة لها، نحن لا نقصد أن كل السيدات لا بد أن يقومون بعمل هذا الإجراء.

لكن إذا وجدت أن مخزون مبيضها -عن طريق فَحْص الـ AMH أو عن طريق الـ ultrasound- أنه منخفض نوعًا ما فمن المفروض أنها تُفَكّر بهذا الموضوع directly.

ماذا عن حبوب مَنْع الحمل، وخاصة أننا نسمع أن الحبوب تحتاج إلى سنتين حتى يخرج تأثيرها من الجسم؟

قال الدكتور/ عارف الخالدي: طبيًّا هذه المعلومة ليست صحيحة، عادةً لتأخير الإنجاب لا ننصح باللولب للسيدة التي لم تُنجِب من قبل، لكن سيدة أنجبت مرة أو مرتين نستطيع أن نستخدم اللولب.

حبوب مَنْع الحمل –على سبيل المثال- من الطرق الآمنة، ومن الطرق التي نسميها reversible يعني المبايض تستعيد حيويتها مباشرةً بعد شهر، أو شهرين من إيقافها بحد أقصى.

أما الإبر الهرمونية طويلة الأمد –تؤخذ كل ثلاثة أشهر-، أو implants التي يتم وَضْعها تحت الجلد عند السيدة؛ هنا تعود الخصوبة بعد سنة أو أكثر إلى أن تعود المبايض إلى عملها الطبيعي، وهي من الأشياء التي نُحَذِّر منها.
حبوب مَنْع الحمل لا تُخَوِّف، أستطيع أن أطمئن السيدات أن حبوب مَنْع الحمل لا تُخَوِّف.

أضاف الدكتور/ عارف الخالدي: ما يُخَوّفنا نحن كأطباء أن بعض الأزواج عندما يأخذونها هم يفترضون أن الخصوبة عندهم كاملة، والذي يحدث أنها تؤخر الإنجاب، تأخذ حبوب مَنْع الحمل لمدة سنة، ثم بعد ذلك تقرر أنها تحمل الآن، فتوقف حبوب مَنْع الحمل، وتبدأ تحاول، وتمكث سنة أخرى بدون حمل! فأول ارتباط ذهني عندهم أن السبب في التأخر حبوب مَنْع الحمل، وأنها أثرت على خصوبتها.

ولذلك أمهاتنا الكبار دائمًا ينصحون بعدم أَخْذ الحبوب، والصحيح: أن الحبوب أَجّلت ظهور المشكلة، لأنه كان في مشكلة فعلًا وأَجّلت ظهورها.
فالحبوب فعلًا لا تؤثر على القدرة الإنجابية المستقبلية.

ما النصائح والحلول التي يمكن تقديمها لِمَنْ يأخذ قرار تأخير الإنجاب؟

قال الدكتور/ عارف الخالدي: أولًا: نحن نقول لهم: فَكّروا كثيرًا بهذا الموضوع، ادرسوه بشكل مستفيض، لا تُؤخرون مُدة طويلة؛ هذه أول نصيحة.
ثانيًا: الذي يريد أن يؤخر الإنجاب يجب عليه أن يقوم بإجراء فَحْص لنفسه؛ ليتأكد أن قدرته الإنجابية موجودة أصلًا قبل التأخير.
ثالثًا: لا يُفَضّل تأخير الإنجاب لأكثر من سنة خاصة للأزواج حديثي الزواج.

أما بالنسبة للسيدات التي تقدم بهن العُمر اللاتي فوق السبعة والثلاثين والثمانية والثلاثين، ويشعرن أنه ليس هناك وقت للزواج والإنجاب فعليهن التفكير بتجميد بويضاتهم، نحن نتكلم عن حلول موجودة.

هل تجميد البويضات مُكلِف؟

أضاف الدكتور/ عارف الخالدي: كأننا نتكلم عن عملية أطفال أنابيب، المبلغ ليس مبلغًا كبيرًا جدًّا، فهو في حدود ألف أو ألف وخمسمائة دينار، لكن قد ينقذهم في المستقبل البعيد.

هناك مشكلة ثانية: تكون السيدة مطلقة ولم تفكر بالزواج لفترة طويلة فهذه متاح لها أنها تُجَمّد بويضاتها إذا شعرت أن هذا ممكن تتأثر الخصوبة في المستقبل.

ونحن نلاحظ أن حتى السن الذي تتزوج به السيدات بدأ يتقدم للأمام؛ في الماضي كُن تزوجنّ في عُمر ستة عشر سنة وثمانية عشر سنة؛ فهذا مناسب للتغيرات المجتمعية التي نشاهدها الآن من تأخر لسن الزواج، فمن الممكن أن نلجأ لهذا الموضوع.

حتى شركات بأمريكا مثل شركة جوجل وشركة مايكروسوفت، انتبهوا لهذا الموضوع؛ أن السيدة عامة تخاف على إنجابها وعلى قدرتها على الإنجاب، فهذا يؤثر على شغلهم ومستقبلها المهني معهم؛ لذلك هم يوفروا الآن مجانًا أنهم يقومون بعمل محاولات لتجميد البويضات على حساب جوجل وعلى حساب مايكروسوفت كنوع من الدعم للمرأة أنك تستمري بعملك وبإبداعك، فلا تخافي على مستقبلك. نحن لا نريد أن نصل إلى هذه المرحلة.

هذه الحالات نحن نراها كثيرًا، حتى المرأة العربية طموحة جدًّا، وأصبحت تحب أنها تحقق مناصب، ولا تشتغل فقط من أجل العمل، تريد أن تحقق مناصب، وفي بعض الأحيان على حساب عائلتها، فهذا يُعتبر حل من الحلول.

بالنسبة للولب لو السيدة أنجبت من قبل، فهل هو من الحلول الآمنة؟

قال الدكتور/ عارف الخالدي: الشيء الوحيد الذي نخاف منه بالنسبة للولب أنه يعمل التهابات داخل الرحم –هذا ليس أمر شائع-، ولكن إذا حدث فمن الممكن أن يقوم بغَلْق قنوات فالوب، أو ممكن يؤدي إلى التصاقات داخل الرحم، وهذا سيؤخر الإنجاب لمدة طويلة، ويُعقّد الأمور بشكل كبير جدًّا.

فنحن عادةً من القواعد التي نتبعها أنه على الأقل بعد الإنجاب الأول من الممكن أنها تستخدم اللولب، ولا يؤدي إلى مشاكل، أما أنها تستخدمه من أول زواجها فنحن الأطباء النسائية ضد تركيب اللولب من أول الزواج، وهذا من النصائح العامة.

هل لتركيب اللولب فحوصات معينة، وماذا عن المتابعة؟

قال الدكتور/ عارف الخالدي: عند تركيب اللولب لا بد من فحصه والتأكد من وجوده في مكانه الصحيح سنويًّا. والجدير بالذِّكْر: أنه يوجد نوعين من اللوالب: لولب هرموني، واللولب العادي. فاللولب الهرموني له آثار غريبة على السيدة؛ ففي بعض الأحيان يؤدي إلى وقوف الدورة نهائيًّا، وهنا السيدة تعتقد أنها خصوبتها انتهت فتقوم بإزالة اللولب سريعًا.

فالتوعية من الطبيب للمريض: أن هذا اللولب لا يضر، وأنه اللولب الهرموني يشتغل بطريقة مختلفة عن اللولب العادي، هذا واجب على الطبيب، وواجب أن المريض يسأل عنها.

أضاف الدكتور/ عارف الخالدي: نصيحة أخيرة: لا تؤخروا الإنجاب لفترات طويلة، قوموا بعمل فحوص مبدئية بسيطة جدًّا إذا كنتم تريدون التأخير لأي ظرف كان (سواء ظرف اجتماعي أو غيره) للاطمئنان..

السيدة تستطيع أن تجري فحص AMH (anti mullerian hormone) فحص دم بسيط جدًّا، وخلال ساعتين تحصل النتيجة، وهو يطمئنها على مخزون مبيضها.

وبالنسبة للزوج: يستطيع أن يُجري فَحْص للسائل النووي، وهو ما يكلف دقائق، يعطي عينة، ويطمئن على وجود خصوبته.

هذه نصيحتي للأزواج المقبلين جديدًا على الزواج، أو للسيدات اللاتي أخذتهم الحياة المهنية أو الحياة الأكاديمية.

أضف تعليق

error: