خطبة قصيرة بعنوان: خذوا حذركم.. مكتوبة وجاهزة للإلقاء أو الطباعة

خطبة قصيرة بعنوان خذوا حذركم، مكتوبة وجاهزة للإلقاء أو الطباعة

أيها الأكارِم؛ لدينا اليوم موعِد مع خطبة قصيرة ليوم الجمعة المبارك، بعنوان: خذوا حذركم. وفَّرنا لكم الخطبة مكتوبة وجاهزة للإلقاء مُباشرة، أو للطباعة أو حتى للاستعانة بها أو ببعضٍ منها.

اعتدنا -بفضل الله- أن نلتقي بكم في موقع المزيد لتلبية ما تنشدون من خطب ليوم الجمعة أو محفلية وغيرها؛ فتابعوا معنا جديد الخطب باستمرار، بمشيئة الله -تعالى-.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي له ما في الأرض وما في السماوات، جعل حفظ النفس وحمايتها من أجل العبادات، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقلب العباد بين الصحة والمرض.

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، نصح بكل ما يحفظ للمؤمنين أبدانهم وحض، ﷺ وعلى آله وصحبه، إلى يوم العرض.

الخطبة الأولى

أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله فإن التقوى أساس النجاة من السوء، وحصن من الله عند الخوف والفزع {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ | اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}.

أيها المؤمنون: إن مما نمى إلى أسماعكم في هذه الأيام انتشار فيروس كورونا الجديد في بعض دول العالم، وهو نوع من الابتلاء، ساقه الله تعالى اختبارا وامتحانا، فالله تعالى يقول وهو أصدق القائلين {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ | الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ | أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

ولا ريب أن مع وجود مثل هذه الأوبئة في العالم ينبغي أن يبقى المسلم حريصًا على نفسه ومجتمعه، منتبها لما يدور حوله من أمور، وليس الحذر هنا بالمكروه الممقوت، بل هو أمر واجب ينبغي الحض عليه، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ}.

أيها المسلمون: نجد في شرع الله المتين أن الله تعالى وجه المؤمنين للأخذ بأسباب النجاة، وحذر أن يلقي المرء بنفسه ومجتمعه في التهلكة، فقال سبحانه {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقد علم الصحابة الأجلاء معنى وجوب حفظ النفس من البلاء، فبحفظها يحفظ الدين ولا تنطفئ شمعته، فذاك الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقد خرج بجملة من الصحابة وتابعيهم إلى الشام، فلما علم أن الطاعون قد فشا فيها رجع بمن معه وقال: {رجعنا من قدر الله إلى قدر الله}.

عباد الله: إن الابتعاد عن مكامن الخطر وأماكنه أمر رغب فيه النبي ﷺ، فقال: «إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها».

وليس أمره بالابتعاد عن البلاد التي فشا فيها الطاعون مقتصرا عليه، بل على المسلم أن يبتعد عن كل ما يزهق الأرواح ويهلك الحرث والنسل من الأمراض، ولا عجب أن ما تقوم به بلادنا الحبيبة من جهود مضنية، ومساع حثيثة لإبعاد خطر هذا المرض وغيره أمر محمود، وحماية البلاد من دخول مثل هذه الأمراض إليها أمر لا يؤمر به أحد دون آخر، فالكل مسؤول عن نفسه ومجتمعه، والجميع مطالب بالأخذ بالأسباب المعينة على الوقاية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

أيها المؤمنون: لا ريب أن لهذا الفيروس قدرة على الانتشار، وعلى المسلم أن يتعرف أعراضه وطرق الوقاية منه، فمما يوصي به أهل الاختصاص، أن يتجنب الواحد منا العطاس والسعال المباشر في الهواء، فعلى من ابتلي بهما أن يستخدم منديلا أو ما شابه ذلك كي لا يندفع رذاذ فمه إلى غيره، وفي الحديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

ثم عليك أخي المسلم أن تتجنب ما يسهل وصول مثل هذه الأمراض، كالإفراط في المصافحة والمعانقة ونحوهما، ولا ضير أن يكتفي المرء في تحيته باللسان وحده احتياطا، وأن يحترز من وضع اليد على الوجه قبل غسلها، فغسل اليدين جيدا وقاية وحماية، والوقاية خير من العلاج، وإن من أهم المهمات أخذ التعليمات من جهات الاختصاص الرسمية، وليس للإنسان أن يكون أذنا لكل شائعة.

ومن وجد فيه شيئا من تلك الأعراض لزمه اعتزال الناس وعرض نفسه على المختصين، ومن فرض عليه الطبيب الحجر الصحي في بيته لزمه العمل بتعليمات الطبيب؛ فإنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.

فاتقوا الله – عباد الله -، وتسلحوا بالمعرفة التي تحفظ أرواحكم، وتقي أبدانكم من التهلكة، وشاركوا أمتكم في إبعاد المخاطر عنها، {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -، واعلموا أن الله تبارك وتعالى يقول: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، فليس ما يظهره الله تعالى بين كل زمن وآخر من ابتلاءات إلا ليتعرف الإنسان ضعفه، ويتبصر قلة حيلته، عندها يبقى المرء متصلا بالله تعالى يرجو رحمته، ويسأله عفوه ومغفرته، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}.

فالتضرع لله واللجوء إليه في مثل هذه الأحداث أمر ملح، وسبيل لا بد منه، ولتبق – أيها المؤمن – مخلصا لله واثقا بأن ما يصيب المرء من خير أو شر هو بإذن الله الوهاب، فقوِّ به إيمانك، ووثق معه ارتباطك، وضع نصب عينك قوله تعالى: {وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}.

هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه حيث قال عز قائلا عليما: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدعاء

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ووحد اللهم صفوفهم، وأجمع كلمتهم على الحق، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.

أضف تعليق

error: