مقال عن مشكلة الاستخدام الجائر للجوال

تحذر الدراسات الطبية من خطر الإفراط في استخدام الجوال، وتبين علاقته بفقدان السمع الحسي وتأثيرات موجاته على الدماغ. ورغم حساسيتي المفرطة من بعض الدراسات التي تخرج لنا اليوم وهي تحذر وتنذر وتشجب وتستنكر أمرا ما ثم تعود في الغد بقائمة طويلة من فوائد ما حذرت منه بالأمس! شرب الشاي مثلا؛ ينصح بشربه نصفُ أطباء الكرة الأرضية بينما يحذر نصفهم الآخر من مجرد الاقتراب منه! إلا أنني وفي دراسة الجوال آنف الذكر لا يسعني إلا أن أبصم بالعشرة على صحة ما جاء فيها وذلك عطفا على الطنين المدوي الذي باتت تصدره أذني اليمنى بعد أي مكالمة عابرة!

ورغم التحذيرات المتكررة التي بح صوت الأطباء وهم يطلقونها هنا وهنالك عن خطورة الاستخدام المكثف للجوال على الأذن والدماغ، إلا أننا نتعامى كالعادة عن رؤية مثل ذلك، بل نصر على الاستخدام الجائر للجوال في أوقات فراغنا ونرفعه إلى آذاننا لا إراديا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا!

فبعض مكالماتنا العربية تبدأ عندما ينتاب الطرف الأول شعور بـ «الفضاوة» فيمد يده لا إراديا ويخرج جواله ويطلب لا إراديا أيضا طرفا ثانيا لا يقل «فضاوة» عنه! ثم يبادره بالسؤال عن الحال والأحوال لأكثر من 15 مرة متتالية دون ملل أو كلل ورغم أن الجواب معروف من المرة الأولى فإن الطرف الأول يصر على ترديد «كيف الحال» بين كل جملة وأختها! ثم يستعرض أفراد العائلة فردا فردا للسؤال كالعادة عن حالهم وأحوالهم وآخر مستجداتهم وإنجازاتهم وعن صفوفهم المدرسية وخططهم المستقبلية! ثم يعرج الطرفان على مشكلة غلاء الأسعار وقلة الرواتب وارتفاع أسعار الطماطم ومواد البناء ونقص الثروة الحيوانية في موزمبيق ومشاكل الزواج في سيراليون وانقراض حيوان الماموث في سيبيريا! وبعد ساعة ونصف الساعة تتدخل القدرة الإلهية لقطع ذلك الاتصال «الأهبل» نظرا لتجاوز الطرف الأول حدّه الائتماني ولله الحمد!

بينما تلخص مكالمات العقلاء جميع المقدمات والأوامر والتوصيات وباقي الاقتراحات في 30 ثانية ينقلها الطرف الأول للطرف الثاني بإيجاز وذلك للبعد عن مشاكل الأذن والدماغ والحد الائتماني!

بقلم: ماجد بن رائف

أضف تعليق

error: