تطورات الحرب الروسية الأوكرانية… عن كثْب

تطورات الحرب الروسية الاوكرانية

الجنود الروس ليسوا في نزهةٍ في الدولة الجارة، والحرب بين روسيا وأوكرانيا ليست صدفة، وكل شيء مُخَطط له مسبقا. فماذا يريد بوتين من كييف؟ وماذا سيفعل بها؟

البداية من التطورات

مدنٌ أوكرانية تسقط بيد الجنود الروس واحدة تِلو الأخرى، وعين بوتين على العاصِمة.

مئات القتلى والجرحى وآلاف اللاجئين.

عشرات آلاف الجنود الروس سيملئون أوكرانيا، وأكثر من خمسين كتيبة تكتيكية روسية تشارك في الحرب. ولا تراجع أو تهاون من جهة موسكو.

في حين أعلنت كييف المقاومة المسلحة، ووقَّع رئيسها مرسوم التعبئة العامة. فالمقاومة باتت فرضًا على الجميع. فهذه أكبر حرب شاملة منذ انقضاء الحرب العالمية الثانية. حتى أن المجال الجوي لأربع دولٍ بات مغلقا؛ وهي أوكرانيا وبيلاروسيا ومولدوفا وأجزاء من روسيا، ودول البلطيق استنفرت وبولندا تتأهب، وأوروبا تقف على قدمٍ واحدة والناتو يده على الزناد، وسيد الكرملين لا يبالي بدعوات التهدئة. فهو قد خطَّط منذ زمنٍ ويعلم جيدا ماذا يريد. والهدف أكبر من أوكرانيا وأبعد من أوروبا.

تفاصيل أكثر دِقَّة

أما التفاصيل، فهي تحصيل حاصل.

بدأت روسيا بهجومٍ أوسع من تأمين إقليم دومباس المولود حديثا. فقد بدأ القصف من البر والجو والبحر، ومن ثلاث جهات. ومسألة وقت وأوكرانيا كلها ستكون بيد بوتين.

أما الهدف بعد إسقاط كييف؛ إقامة حكم جديد موالٍ لموسكو. وولادة قصريَّة لدولة جديدة تضاف لخارطة العالم. تُعرف باسم نوفو-روسيا أو روسيا الجديدة. شبيهة بتلك روسيا البيضاء أو بيلاروسيا. وهي عبارة عن اتحاد الإقليمين السابقين الذين كانا في حوزة أوكرانيا: دونيتسك ولوغانسك. وضمانٌ إلى الأبد من قِبل روسيا ألا يقترب الناتو من حدودها المجاورة لأوكرانيا.

لكن هدف الروس لا يتوقف عند حدود بلاد الأوكران. فالهدف هو تهديد أوروبا بأكملها وإرهاب دول أخرى ترتمي في أحضان الغرب.

كما هي رسالة لواشنطن مفادها: نحن هنا… أي الروس.

وأبعد من ذلك؛ بوتين أراد لمن يشككون بقدراته وإرادته، أن يحسموا أمرهم. فالرجل جادٌ جدا، بالرهان على القوة والحديث بلغتها.

فالسياسة والاقتصاد آخر همه، واسألوا الغرب وعقوبته إن كانت قد ردعت قيصر روسيا الجديد.

الجانب الأوكراني الضعيف

كان هذا ملخص موقف موسكو. أما الدولة التي تتعرض للغزو فأهلها معظمهم ما زال يحبها ويتمسك بها. وشعارهم الحالي هو: المقاومة حتى آخر رمق.

والرئيس لم يهرب ولم يترك البلاد، ولن يتنازل للروس مهما حصل، والجيش والشعب يد واحدة بعد أن فشل الرهان على الغرب.

ما موقف الغرْب؟

وعن موقف الغرب هذا؛ فعقوبات تتلو أخرى قد تشل اقتصاد الروس، والناتو أعاد توزيع خارطة انتشاره في بلاد الأعضاء، وأيدِ جنوده على الزناد. فدول الناتو ليست أوكرانيا؛ وهي عصيَّة على موسكو كما يقول سادة الناتو. حتى لو كلف الأمر حرب عالمية ثالثة، وهي حتى الآن خيار مطروح على الطاولة. أي: الحرب الكونية الكبرى، في حال وسَّعت موسكو قائِمة أهدافها، وفي حال حاول الناتو استفزاز الروس.

ورفقة الحرب الأوسع كلام عن الأسلحة النووية بات يتردد في الأجواء. ودعوات وصلوات من الجميع ألا يتهور أحد.

فقد بات من الواضح أن أوكرانيا تم التضحية بها من قبل الجميع، لتكون كبش الفداء لطموحات بوتين وذريعة الغرب لضرب اقتصاد الروس.

وحدهم أهلها -أي: أوكرانيا- من سيدفعون فاتورة صراعات العالم كله. فهم من سيُقتلون ويُهجَّرون ويخسرون.

حلفاء الدب الروسي

أما عن بقية دول العالم فحلفاء روسيا التقليديون فرحون. وعلي رأسهم: الصين وكوريا الشمالية وإيران.

فالصين تُظهِر عقلانية لأول مرة وتدعم حليفتها روسيا بهدوء ودون استفزاز الغربيين.

كذلك طهران التي تتشفى بالغرب الذي يعاقبها منذ سنين.

وأما كوريا الشمالية؛ فهي تتمنى أن تكون طرفا بالحرب لتجربة أسلحتها الفتاكة.

في حين تركيا تنحاز لأوكرانيا من باب الانتقام لانحياز الروس لأرمينيا.

وعن الدول العربية فهي فقط تقف مع الجمهور.

وبالمُحَصِّلة؛ الحرب شِبه محسومة. فأوكرانيا تمارس لعبة الصمود، وروسيا ماضيةٌ في تحقيق أهدافها، وفي الكواليس فرحةٌ غربية. فأوكرانيا ليست دولة عضوا في الناتو، وليست دولة قديمة في معسكر الغربيين. وهي ببساطة شماعة لفرض مزيد من العقوبات التي ستؤخر مشروع نهضة روسيا بعد ضرب اقتصادها، كما هي فرصة لإعادة فرض تصدير غاز حلفاء الناتو إلى الأوروبيين. والحديث هنا عن الغاز القطري والإسرائيلي.

كما أن موسكو تبقى لفترة طويلة مشغولة في ترتيب الوضع الداخلي الأوكراني.

الموقف الأمريكي

هكذا يرى الناتو الصورة والمشهد. سيما بعد أن أعاد تكثيف انتشاره في شرق أوروبا بعد أن ظل خجولا لسنوات. وبالتالي؛ ستتمكن واشنطن من التفرغ للصين.

كما أن شماتة أمريكية بروسيا تلوح بالأفق، بل متحدثة باسم البيت الأبيض ألمحت لخلافات داخلية روسية حول غزو البلاد المجاورة.

وذكرت في مؤتمرها الصحفي بما حصل بين بوتين ورئيس استخباراته على الهواء. كما خرجت أنباء من روسيا مفادها تظاهر المئات من المواطنين الروس رفضا للحرب. وقالت الأنباء أيضا أن موسكو اعتقلتهم جميعا.

فلا صوت يُسْمع في روسيا إلا صوت الرئيس.

الخاسرون…

إذًا؛ لا أحد يخسر حتى الآن بوجهة نظر الغرب سوى روسيا ومن وصفتهم روسيا بالشعب الشقيق -أي: الأوكرانيين-.

فهؤلاء وحدهم الخاسرون، وبالتحديد أهل أوكرانيا، التي باتت بحكم الأمر الواقع دولة تدور في فلك روسيا.

والأعين الآن على أهدافٍ جديدة لبوتين أو دول أخرى قد يسعى لوضعها في فلكه.

ودول كثيرة في جوار روسيا قد تتحسس رأسها الآن. فما فعلته روسيا في أوكرانيا، وقبلها جورجيا، وقبلهم الشيشان. هو درس للجميع؛ والعبرة في الخواتيم.

تحقيق: وكالة ستيب نيوز Step News Agency

أضف تعليق

error: