الهِمَّة الهِمَّة في العشر الأوائل من ذي الحجة يا محبي الله ورسوله

تمت الكتابة بواسطة:

أيها الكرام؛ ها نحن في أيام عشر ذي الحجة، فأود أن أُذَكِّر نفسي وإياكم بمعنى مهم. وهو أنّ تعظيم هذه الأيام هو علامة صدق الإيمان وعلامة تعظيم لله ﷻ الذي عظمها.

فعل الطاعات بقصد الفوائد الدنيوية

كثير من المسلمين يهتم بالعبادات التي لها أثر دنيوي مباشر، يعني انعكاس واضح على الواقع. بحيث إذا أردت أن تقنعه بالاهتمام بعبادة أو شعيرة من شعائر الإسلام، فعليك أن تسرد له الفوائد التي تعود بها هذه العبادة عليه أو على المجتمع دنيويا.

  • الصيام فيه فوائد صحية وتعويد على الصبر.
  • الزكاة فيها بركة لمالك ومعونة للفقراء وحماية للمجتمع من الجريمة الناتجة عن الفقر.
  • ترك الفواحش والمسكرات والمخدرات فيه صيانة لصحتك وعقلك.
  • بر الوالدين.. إتقان العمل.. البحث لاستكشاف العلم ساعيا لرفعة الأمة الإسلامية..

هذه كلها أعمال يكثر الحديث عن آثارها الدنيوية.

نعم، العبادات لها دنيوية، لكن لا نريد أن تتأثر عباداتنا بمفهوم مركزية الإنسان، هذا المفهوم الطاغي على الحياة البشرية في هذا الزمان. بحيث أن الإنسان هو المركز في كل شيء، فحتى عباداته يجب أن تكون خادمة له بوجهٍ من الوجوه.

علينا أن نتذكر أننا عباد لله ﷻ، فالمركزية في حياتنا هي لعبادته ﷻ ومحبته وتعظيمه.

لذلك؛ فهناك كلمات باهتة ضامِرة في شعورنا نحتاج أن تسترد قيمتها ووزنها: رضا الله عنا، محبة الله لنا، محبة الله لأعمالنا، الفوز بالجنة، النجاة من النار.

الآن من تمام حكمة الله ورحمته أن الأعمال التي يحبها الله لها أثر صالح في حياتنا الدنيا أفرادا ومجتمعات. حتى التسبيح والتحميد وقراءة القرآن وقيام الليل، إذا صدرت عن تفكر واستحضار ذهنٍ وعزم على الامتثال فإنها تنفعنا حتى دنيانا.

لكن فرق بين أن تجعل رضا الله والفوز بالجنة والنجاة من النار هو مقصودك الأعظم، فتأتي هذه الثمار الدنيوية تبعا، وعاجل بشرى المؤمن. وفي المقابل أن تكون هذه المعاني العظيمة ضامرة في حسك، لا تكفي لتحثك على الأعمال الصالحة، فلا تنهض همتك إلا إذا ذُكِّرت بالفوائد الدنيوية للأعمال الصالحة، وهذا الفرق في النيات يؤدي إلى فرق هائل قبول الله لأعمالنا ورضاه عنا بها، وفرق في الحسنات، وفرق في ديمومة الأعمال، وفرق في بركتها في الدنيا والآخرة.

هل يعني هذا أنني إذا عملت بطاعة من الطاعات راجيا من الله بها منفعة دنيوية، من بركة في الصحة أو المال أو الأبناء أو تفريج كرب من الكربات، هل يعني ذلك أن هذا حرام أو مذموم؟ لا، ما دمت تعملها لله مخلصا لله غير مراءٍ بها فهي طاعة، لكن ينبغي ألا يكون الأصل في أعمالنا الصالِحة تطلُّب النفع الدنيوي مع نسيان المعاني العظمى التي ذكرناها؛ من رضا الله وطلب الآخرة.

وهناك بُعدٌ آخر يا كِرام، أنت قد تعمل طاعة؛ تتصدق، تصلي، تقوم الليل، راجيا من الله بها منفعة دينية في الدنيا، مثل أن يزيدك الله حبا له، أن يخلصك من أمراض قلبك، أن يخلصك من قسوة قلبك، أن يثبتك على الإيمان. وهذا أيضا من المعاني العظيمة التي ينبغي إحياؤها في نفوسنا والتي تضيع في زحمة الحياة المادية التي غلبت على كثير من المسلمين.

قال الله ﷻ في سورة البقرة ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ﴾.. “مما ذُكِر في معانيها” تثبيتا من أنفسهم: لأنفسهم. يعني ينفقون النفقة راجين بها الثبات على الإيمان.

واقرأ هنا عن: الأعمال التي لا يعلم أجرها إلا الله

استغلال عشر ذي الحجة

على ضوء هذه المقدمة نقول بالنسبة لاستغلال هذه الأيام العشر من ذي الحجة، صح عن الحبيب المصطفى نبينا ﷺ أنه قال «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه» -العشر الأوائل من ذي الحجة-. قالوا: ولا الجهاد؟ قال «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء».

العمل أحب إلى الله، فينبغي أن يكون أحبّ إلينا لحب الله لهذا العمل. هذا جزء من عبوديتنا لله وكمال تألّهنا له وخضوعنا له ﷻ.

﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾. وأقسم رب العزة بهذه الأيام تعظيما لها. ﴿وَالْفَجْرِ | وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾، وهي ليالي العشر من ذي الحجة. إذًا أقسم بليالي هذه الأيام، فنحن نعظمها لتعظيم الله لها، فلا ينبغي أبدا أن تمُر مثل أيّة أيام أخرى.

تصوروا لو أن  تاجرا تراكمت عليه الديون، جاءه موسم تجارته فنام فيه. هل يكون عاقلا؟

هذا موسمنا لنربح فيه ونكسب القربى عند رب العزة الرحيم، ولنسدد ديون السيئات. فالهِمة الهمة يا محبي الله ورسوله. أكثروا من القربات، وكل منا قد ينشط فيه قربات أكثر من غيرها، ومن وجوه القربات: الصلوات في المساجد والنافلة وقراءة القرآن والصيام، والتفنن في بر الوالدين كالهدايا والعطايا، وصلة الأرحام ولو بمكالمات هاتفية أو حتى رسائل، وتفقد المساكين ودعوة الغافلين ونصرة الدين وإصلاح ذات البين.

أكثروا من التكبير والتهليل والتحميد في بيوتكم والطرقات وذهابكم وإيابكم.

نقلا عن: الدكتور إياد قنيبي

وهنا نجِد: ماذا أفعل في أيام عشر ذي الحجة حتى أنال الأجر الكبير والثواب العظيم؟


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: