هل يصنف فلورايد معجون الأسنان من السموم

صورة , معجون أسنان , فرشاة أسنان , مادة الفلورايد
معجون أسنان

مع الأسف الشديد تزايدت الأدلة على أن مادة الفلورايد لها تأثيرها السلبي على صحتنا وعلى أسناننا، وصنفتها واحدة من المجلات الطبية المرموقة بأنها مادة عصبية مائة بالمائة وتحتوي على نسبة من الرصاص والزرنيخ، الأمر الذي يؤدي إلى تأثيرها على أجسامنا بشكل عام وعلى الأسنان بشكل خاص.

للحديث بصورة أوسع وأعمق وتبيان ما إذا كان الكلام صحيحاً أم شائعات نتوجه بأسئلتنا إلى الدكتور محمد العقل الطبيب المقيم في طب وجراحة الفم والأسنان.

ما هي مادة الفلورايد؟ وما حقيقة ما يحوم حولها من إشاعات؟

مادة الفلورايد هي مادة مأخوذة من العنصر الكيميائي المعروف “الفلور” والذي يُشار إليه في الجداول الكيميائية بالرمز F والفلورايد تحديداً يُرمز له بـ F9، أما من حيث ما يُروج عنها فعلينا ابتداءً الإشارة إلى أن تصنيف مادة الفلورايد طبقاً لمنظمة الصحة العالمية هو أنها من أفضل عشرة إكتشافات في عالم الصحة، وبالتالي أي كلام آخر عنها هو كلام مغلوط يشبه إلى حد بعيد تلك الإشاعات التي رُوِّجت في فترة ما عن البنادول والباراسيتامول وغيرهما.

وأضاف “د. محمد” إن قراءة الأبحاث التي أشارت إلى التسمم الحاصل بسبب الفلورايد نجدها من ناحية قليلة جداً بما لا يرقى إلى اعتبارها مسلمات علمية واجبة النفاذ، ونجدها من ناحية أخرى غير ذات دقة ولم تخلص إلى أعداد تسمم كبيرة، فقد أشارت إحدها إلى وفاة طفل عام 1956م في أمريكا نتيجة لتناوله 20 ملليجرام من الفلورايد، وفي دراسة أخرى كانت تبحث في علاقة الفلورايد وتأثيره على نسبة الذكاء (IQ) نجد أنها لم تتم إلا على 299 امرأة حامل فقط وهو عدد عينات قليل جداً ولا يُقبل كدليل واقعي لمنع الفلورايد أو لفرض عقوبات على إستخدامه، فالدراسة البحثية إذا طبقت المعايير العلمية تُعتمد كدراسة معتبرة، أما الأخذ بنتائجها والتصرف قانونياً بمقتضاها يلزمه بالضرورة أبحاث ملحقة على عينات أكبر ومن بلدان ودول مختلفة.

ثم تابع “د. العقل” الجدير بالإشارة هو أن أصل مادة الفلورايد أي مادة الفلور هو الذي تم تصنيفه كمادة سامة في العام 2014م، لكن الفلورايد يختلف عن الفلور تماماً لأنه يخضع لتحليل كيميائي وتعديلات معملية تصل بالمادة إلى كونها آمنة على الصحة ومفيدة في حماية الأسنان ووقايتها من التسوس، وكذلك فإن الهيئات الصحية الرسمية حددت كميات بأرقام واضحة للإستخدام، حيث حُدد إستخدام الفلورايد من قِبل منظمة الصحة العالمية والجمعية الأمريكية للأسنان بمعدل يتراوح بين 0.8 إلى 1.5 ملليجرام لكل لتر من الماء، وهذه هي الحدود الآمنة لصحة البشر عند إستخدام الفلورايد.

لذلك نعرف أن مياه الشرب المعبأة تحتوي على هذه المعدلات من الفلورايد حيث لا يُسمح بتداولها في الأسواق إن زادت الكميات عن هذه الحدود، ومن سنوات قليلة فائتة جرى الحديث في المملكة العربية السعودية على كمية الفلورايد في مياه الآبار الغير معبأة، لذلك اتفق كلٌ من هيئة المواصفات والمقاييس السعودية ووزارة الصحة السعودية بتعديل محتويات الماء من الفلورايد قبل التعبئة بحيث لا تزيد ولا تقل عن الكميات المسموح بها عالمياً، أي بزيادة نسبتها إذا كانت منخفضة أو خفضها إذا كانت مرتفعة خصوصاً مع وصول حالات الإصابة بالتسوس في البلاد وقتها إلى 91% من إجمالي أفراد المجتمع.

وبناءً على ما سبق كله يتكشف لنا أن التسمم من وراء الفلورايد لن يحدث إلا بزيادة الكمية المستخدمة منه لحدود 10 أو 15 ملليجرام، وعليه مهما استعمل الإنسان معجون الأسنان وغسول الفم يومياً لن يصل إلى هذه الكميات المرتفعة جداً ومن ثَم لا يُصاب بالتسمم، والحال الوحيد لتسمم الإنسان من الفلورايد هو إستعماله بشكله الطبيعي كمادة الفلور قبل أن تدخل عليه التعديلات المعملية.

إذا كان الفلورايد موجود في الماء لماذا يستخدمه الأطباء في العيادات؟

أشار “د. محمد” إلى أنه من المعلوم طبياً أن مادة الفلورايد تستخدم كعلاج مع الأطفال فقط، ولا يوجد بروتوكول طبي يقول أن الفلورايد يستخدم مع البالغين، وبشكل عام يحصل الإنسان على الفلورايد من مصادره الطبيعية حيث أنه موجود في الماء والهواء والتربة، وكذلك يُتحصل عليه من الأنواع المختلفة لمعجون الأسنان وغسولات الفم والتي يتواجد فيها طبقاً للإشتراطات التصنيعية بنسب تتراوح بين 0.22 إلى 0.31 جزء لكل مليون جزء، لكن الأطفال وحدهم الذين يُستخدم معهم طلاء الفلورايد (الفارنش) الذي يُغلف الأسنان كلها للإستفادة منه في بناء الأسنان، وحتى هذا الطلاء مُعدل معملياً ومعتمد طبياً من الجهات المسئولة، وبالتالي كل الأنواع المستخدمة في العيادات أو الموجودة في مستحضرات تنظيف الفم والأسنان لا خوف منها على الإطلاق.

لماذا تظهر مثل هذه الإشاعات في الحقل الطبي؟

يجب التفريق بين الإجماع الطبي وبين رأي الأقلية، فكل من هم ضد الفلورايد يُصنفون دولياً بأنهم أقلية علمية، أما الإجماع الطبي الدولي مع إستخدامه بالكيفية والكميات المذكورة سابقاً، وما يثبت ذلك إعتماد إستخدام الفلورايد من منظمات طبية مرموقة منها على سبيل المثال الأكاديمية الأوروبية لطب الأسنان والجمعية الوطنية لطب الأسنان بأستراليا وكل جمعيات طب الأسنان بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا، لذلك نحن كمجتمع عربي نستقي إجماعنا الطبي من هذه المؤسسات ذات الباع التاريخي نظراً لأسبقيتهم في الفنون الطبية.

وأردف “د. محمد” ونعود وننوه إلى أن الدراسات القليلة القائلة بسُمّية الفلورايد كانت تعني المركب الكيميائي الأول والطبيعي قبل تنفيذ أية عمليات إجرائية عليه، وهو الغير متحقق مع الفلورايد الموجود في العيادات للأطفال أو الموجود في مستحضرات تنظيف الأسنان للبالغين، لأنها تخضع للعديد من التحليل والتكسير الكيميائي قبل أن يُسمح بإستخدامها على البشر، ومن أكثر عوامل الأمان والإطمئنان هو أنه ليس من السهل الحصول على المركب الخام سواء للعاملين بالحقل الطبي أو لغيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top