مجرد رجل «سعودي» مريض

يحاول لملمة ثنايا جسده المنهك كي يستطيع الوقوف ليرفع ذلك الحاجز الطويل كي تمر سيارة الوزير.. هو حارس بوابة سعودي خمسيني يعاني فشلا كلويا يجعله يزور المستشفى مرتين في الأسبوع ليقوم بغسيل ينهي ما تبقى من تماسكه.

أب لخمسة أبناء يقاوم من أجلهم ويرسم في أيامه الثقيلة لوحة لحياة شبه حقيقية لأنه لا يرى في خضم هذه الحياة الكئيبة سواهم..

من يهتم؟ سؤاله لنفسه كل صباح وهو يرى معالي الوزير يمر من أمامه كل صباح.. هل يراني بالفعل؟ هل يعرفني جيدا؟ هل ينتبه أن هناك يومين في الأسبوع لا أرفع هذا الحاجز الثقيل له؟ هل قرأ طلبي القديم الجديد الذي أسلمه لمكتبه بداية كل شهر؟ أم أنهم يلقونه في سلة المهملات؟ ليس طلبا صعبا بالتأكيد.. أم أنه كذلك؟ لا أدري.. ولكنهم لا يردون علي. هل زيادة 200 ريال على الألف و500، راتبي الشهري، يعتبر طلبا صعبا؟ ربما.

يحب كثيرا كلمة «سعودي» وهو يراها مكتوبة أمام اسمه في بطاقة المستشفى الذي يحتضن كليتيه.. ولكنه لا يدري هل من المفترض أنه يستحق أكثر لأنه سعودي في السعودية؟ يحدث نفسه دائما: أريدهم فقط أن يرأفوا بي ويمنحوني تقاعدا يليق بخدمتي لهم خلال السنوات الثلاثين الماضية؟ هل أستحق؟ ربما.

أشعر بأني سأسقط في أي لحظة.. ولكن كيف أسقط وليس لأبنائي سوى شبه بيت أحاول دفع إيجاره بخارج دوامي الذي أدفع فيه ما تبقى من يومي وجسدي؟ هل أستحق بيتا لأني سعودي؟ يقولون ذلك دائما ولكنه ليس حقيقة.. لا أعتقد أني أستحق، فأنا مجرد رجل مريض يرفع هذا الحاجز البغيض.

بيت وتقاعد وراحة.. إني أطلب الكثير.. وماذا يعني أن أكون سعوديا مريضا ومنهكا وأبا لخمسة أبناء وأسكن في شبه بيت وراتبي ألف وخمس مئة؟

لا يعني شيئا سوى أني لا أتأخر عن رفع هذا الحاجز.. ربما.

بقلم: ثامر المحيميد

أضف تعليق

error: