مشكلة الكذب عند الأطفال وكيفية التعامل معه

الكذب عند الأطفال

من عادات الأطفال سَرد بعض القصص الخيالية ببراءة، ليختلق الأعذار، خوفاً من العقاب، وبعض الأهالي يصيبهم العجب من دهاء الأطفال، ولكن في المقابل يقلقون بشأن ميول الأطفال للكذب، ويتساءلون عن الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأطفال حتى لا يتحول لديهم لعادة يصعب السيطرة عليها.

ظاهرة الكذب عند الأطفال

يقول “د. عادل الزعابي” مستشار تنمية الذات، أن الكذب لدى الأطفال أو الكبار هو سلوك واحد وهو تغيير الحقائق سواء حقائق ماضية أو حاضرة أو مستقبلية، ولكن له دوافع لدى الأطفال، فعند تقسيم الأطفال إلى مراحل، المرحلة الأولى حتى خمس سنوات، في هذه المرحلة يكون لدى الطفل خيال واسع، وكثير من الأمور التي يريد التفكير بها إرادياً أو لا إرادياً، فهو يعبر عن خياله بكلامه، وأحياناً يخترع القصص، ويقوم بالتأليف، ففي هذا العمر يجب ترك للطفل مساحة الخيال هذه.

ولكن يجب الاهتمام بالطفل وسؤاله عن الأشياء التي يفكر بها في خياله، لأنه إذا تم إهماله سوف تستمر لديه هذه المشكلة، وبعد عمر الخمس سنوات لم تعد هذه مشكلة تعبير عن الخيال، بل أصبح واقع وهو يعلم بتلك الحقائق، وهذا أمر طبيعي، وإذا كان هناك شخص ليس لديه الخيال هذا يجب معالجته لأنه تكون لديه مشكلة نفسية.

وقد يتزامن مع صعوبة الأطفال في النطق، في عمر الست سنوات يكون عقل الطفل أرض خصبة لكل شيء، فيمكن وضع القيم والسلوكيات، والاعتقادات، والخوف، وجميع السلوكيات التي نريدها، وبعد الست سنوات يكون هناك صعوبة في تغيير سلوكيات الطفل، وجميع السلوكيات تُبنى داخل الطفل قبل ست سنوات، ولا يمكن تغييرها بعد الست سنوات، والكذب واحدة من هذه السلوكيات.

أسباب الكذب عند الأطفال

تابع “د. الزعابي” لا يجب قتل جانب الخيال لدى الطفل لأنه يساعده في حياته عموماً، ولكن يجب الموازنة بين الخيال لدى الطفل والكذب، فيجب أن نبحث عن أسباب الكذِب وتغيير الحقائق، ومن هذه الأسباب:

  • الهروب من الأذى الجسدي والنفسي لدى الأهل ولدى المُعلم، والخوف من العقاب.
  • الحصول على الأشياء التي يحبها: لأنه في هذا الوقت يبحث عن الأمان أكثر من أي شيء آخر.
  • حب اللعب: فمثلاً عند الطلب من الطفل أن يصلي، يقوم بوضع الماء على رأسه ويقول أنه صلى، لكي يذهب للعب.
  • القدوة في المنزل: فمن الممكن أخذ صفة الكذب عن أمه، ونحن لا ننتبه لهذه الأشياء، لأنه سلوك غير مباشر نقوم به مع الطفل، ولكن الطفل يقوم بتعلمه على الفور، والسلوك المباشر هو أن نقول للطفل إذا فعلت شيء سوف أعطيك شيء في المقابل، وهو ما يسمي بمبدأ المكافئة والعقاب.

وإذا قام الطفل بفعل الشيء المطلوب منه لكي يحصل على المكافئة لا تعطيه أمه المكافئة، وبهذه الطريقة يتم ترسيخ سلوك الكذب في عقل الطفل، والغير مباشر هو تعامل الأهل مع الطفل، فمثلا أن تأمر الطفل بالكذب على شخص ما في موقف من المواقف للهروب من الموقف.

يجب تعزيز ثقة الطفل بنفسه حتى لا يتأثر بمن حوله، وعدم جعل سلوك الطفل منعزل، في بعض الأوقات يقوم الطفل باللجوء للكذب لتعزيز كرامته أمام أهله وأقاربه.

وعند إهانته أمام الطلاب ووصفه بالكذب، ذلك يؤثر في حياته مستقبلياً ويؤذي كرامته، ولكن يجب تعزيزه أمام الطلاب، ثم تعليمه السلوك الصحيح عندما يكون بمفرده، والمعلمين لهم دور في ذلك، فمعظم المعلمين لم يدرسوا الطريقة الصحيحة للتعامل مع الأطفال، فهو مجرد خريج تربوي، ويملك فقط توصيل المادة.

وليس له علاقة بتربية الطفل، في الدول الغربية، مرحلة الدكتوراه تؤهله للتدريس للمرحلة الابتدائية، والماجستير يُدرس للمرحلة الإعدادية، والأقل درجة علمية يقوم بالتدريس للمرحلة الثانوية، فيقوم المعلم بتوصيل السلوك الصحيح في المكان الصحيح.

حيث أن الطالب يأخذ السلوك من معلمه أكثر من أهله لأنه يأخذه قدوة، فعند قيام المعلم الذي يأخذه الطالب قدوة بالكذب عليه، يصبح لدى الطفل تناقض، ففي أول ١٠ سنوات من حياة الطفل يجب على ولي الأمر القضاء دقائق يومية مع أولاده.

في بداية عمر الطفل يكون لديه الكثير من التساؤلات الغريبة، والتي لا يملك الأهل جواب مناسب لها في هذا العمر، مما يؤدي إلى لجوء الأهل إلى الكذب على الطفل، ومع مرور الأيام يكتشف الطفل كذب الأهل عليه، وأن هذه المعلومة كانت خاطئة، وهذا سلوك خاطئ من الأساس، فلا يجب علي الأهل الكذب على الطفل أبداً، ولكن لا بد من قول الحقيقة له.

وإذا لم نملك الإجابة على سؤاله يجب إخباره بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً إذا تم سؤاله عن شيء ليس لديه جواب يقول سوف أسئل ربي، لذلك يجب أن نرسخ لدى الطفل فكرة أنه ليس بالضروري معرفة كل شيء في الحياة، وبهذه الطريقة ترتفع ثقة الطفل بنفسه.

وفي هذه الأوقات هناك الكثير من الوسائل العلمية على الإنترنت يمكن اللجوء إليها في هذه الأسئلة، لأنه من الممكن أن يتلقى الطفل الجواب الخطأ من شخص آخر.

فلا بد من البحث عن الجواب للأسئلة في مواقع الإنترنت المختلفة، وبهذه الطريقة يعرف الطفل أن والده قام بالبحث له عن المعلومة التي يريدها، ويتعلم أيضاً البحث، سواء كان بحث دراسي، أو بحث ثقافي أو غيره، ويعزز لديه فكرة المشاركة، والبحث عن المعلومة الصحيحة.

ووسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدين، فمن الممكن أن تساعد الطفل ومن الممكن أن تهلكه، وعملية مراقبة الطفل في جميع الأوقات هي عملية صعبة، ولكن من خلال تعزيز الثقافة العامة لدى الأطفال، وإخبار الطفل أن هناك الكثير من المواقع يمكن أن تؤدي إلى الكثير من المشاكل، سواء الأخلاقية أو أي شيء، وإخبار الطفل أنه إذا رأى أي موقع غريب وأخبر عنه سوف تكون له مكافئة، بالتأكيد سوف يقوم الطفل بنفسه بالإخبار عن هذه المواقع لولي أمره.

فيجب تعزيز الثقة لدى الطفل داخلياً قبل خارجياً، وكلما يكبر الطفل في العمر تكون قوة التحكم عليه أقل، فيجب أن تتواجد الثقة والصدق لديه من الداخل من الصغر، لا بد أن يكون هناك قوة تواصل كبيرة بين الوالد والأطفال من أصغرهم إلى أكبرهم.

واقرأ هنا أيضًا

أفضل طريقة للتعامل مع الكذب

فضل طريقة هي تأديب النفس، عندما سُئلت السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان ردها أنه قرآن يمشي على الأرض، فيجب على أولياء الأمور تعديل سلوكياتهم أولاً، سوف تتعدل سلوكيات أولادهم وحدها بنسبة ٩٠٪.

وكلما امتنعت عن الكذب، و امتنعت عن السلوكيات الخاطئة، سوق يتعدل السلوك تلقائياً لدى الطفل، فعندما تريد من الطفل أن يفعل سلوك معين يجب عليك البدء بنفسك وفعل هذا السلوك، بعدها سوف يقوم الطفل بفعل هذا السلوك من نفسه، لأن ولي الأمر قدوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top