قصة رحلة ليلة الإسراء والمعراج كاملة – تفاصيل وأحداث مشوِّقة

ليلة الإسراء والمعراج

نسرِد هنا، ومن أجلِ كُل ذِكرى طيبة، قصة رحلة ليلة الإسراء والمعراج كاملة. هذه الذكرى التي حدثت مع النبي ﷺ بما فيها من تفاصيل وأحداث مشوِّقة.

رحلة الإسراء

اشتد الهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وزاد الحزن. وفي ليلة من الليالي التي لها ذكرى في هذه الأمة. صلى النبي صلاة العشاء، ثم ذهب إلى بيت أم هانئ، فنام بعد العشاء.

وفي الليل جاءهُ جبريل عليه السلام يوقظه، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وخرج من بيت أم هانئ. مرّ على البيت ثم ذهب مع جبريل.

النبي وجبريل والبراق

يقول صلى الله عليه وسلم: فرأيت دابةً عظيمة، لها جناحان. إنها دابة تنقل الأنبياء. تضع حافرها في منتهى طرفها اسمها البراق. فرقيها النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخذت تسري به في تلك الليلة باتجاه بيت المقدس.

ما أعظمها من رحلة، وما أجملها من رحلة، فيها خير الخلق على دابة الأنبياء “البراق”، ويرافقهم جبريل عليه السلام بنفسه.

في الطريق رأى أمورًا غريبة عجيبة حتى وصل إلى بيت المقدس. وكل أهل مكة نائمون.

وصل إلى بيت المقدس فوجد فيها إبراهيم الخليل “لأول مرة يراه”، يقول: أشد الناس شبهًا به صاحبكم “يعني هو عليه الصلاة والسلام”.

ورأى موسى، يصفه بقوله: رجل طويل آدم، جعدٌ، كأنّهُ من رجال شنوءة.

ووجد عيسى عليه السلام، رجلٌ أحمر، لا قصير ولا طويل. أشد الناس شبهًا هو عروة بن مسعود الثقفي.

وفي جمعٍ من الأنبياء في بيت المقدس، في الأرض المباركة، صلى النبي إمامًا بالأنبياء. ثُم بعد أن صلى بهم، قاضي قُدِّم له إناءان، إناءٌ من لبن، وإناءٌ من خمر. فاختار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إناءٌ اللبن. فقال له جبريل: هديت للفطرة وهديت أمتك، ولو شربت الخمر لغويت وغويت أمتُك.

ثُم رجع النبي إلى فِراشه في بيت أم هانئ ونام تِلك الليلة.

فلما أصبح، أخبر الخبر أم هانئ. قال لها: ذهبتُ وصليت في بيت المقدس ورجَعت. فقالت أم هانئ: لا تُخبِر أحدًا بهذا، فإن أخبرتهم، كذَّبك الناس وآذوك. قال: والله لأُحدِّثنّهُم.

فذهب، وفي الصباح نادى أهل قُريش، وأخبرهم أنه صلى في بيت المقدس مع الأنبياء.

فُرصة للمشركين الآن

أخذوا ينشرون بين الناس، يقولون أن العير لتضرِبُ شهرًا إلى بيت المقدس، وشهرًا ترجع منها، وصاحبكم يقول أنه في ساعةٍ صلّى في بيت المقدس ورجع.

حتى ضعافُ الإيمان تشككوا في دينهم، وبعضهم ربما تراجع عن دينه.

أبو بكر الصّديق

حتى ذهبوا إلى صاحبه أبي بكر، وقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه ذهب إلى بيت المقدس وصلى ورجع في ليلة واحدة، في ساعة واحدة. فقال أبو بكر “بكل هدوء”: إن كان قد قالها فقد صدق، إني أُصدِّقه في خبر السماء يأتيه وهو جالِسٌ عندي، أفلا أصدقه في هذا!

فأنزل الله في أبي بكر “وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ” يعني رسول الله “وَصَدَّقَ بِهِ” يعني أبو بكر “أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”.

فلما تجمّع المشركون، ومعهم أبو بكر وبعض الصحابة على الرسول. فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم -الذي ما ذهب إلى بيت المقدس من قبل-، فقال لهم: سأصِفُ لكم بيت المقدس.

وأخذ يصفُ بيت المقدس، حجرًا حجرًا. يقول “رُفِع لي بيتُ المقدس كأنني أراه”. وكُل ما قال شيئًا قال أبو بكر “صدقت”.

حتى قال له النبي “أنت صِدّيقُ هذه الأُمَّة”.

ثُم تحدى المشركين، قال رأيتُ عيرًا في الطريق، فيها كذا وكذا وكذا وكذا. أخبرهم بأوصافها، وسوف تأتيكم في اليوم الفلاني، فانتظر المشركون في ذلك اليوم فإذا القافلة كلها تصل، وإذا بالمؤمنين يزدادون إيمانا، وكل أهل التقوى ازدادوا يقينًا. أما المشركون ازدادوا حيقًا وحنقًا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

رحلة المعراج

يقول تعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” سورة الإسراء – الآية ١.

وعُرِج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماوات العلا. وكان جبريل برفقته. رأى المعراج، ليس شيءٌ أجمل منه. النبي يرتقي من هذه الأرض إلى السماوات، فيستفتح جبريل السماء ولكل سماء أمنتها، حفظتها من الملائكة.

قالت الملائكة: من؟ قال: جبريل. قالت: ومن معك؟ قال: محمد. فسألت الملائكة: وهل بُعِث؟ قال: نعم. ففتحت أبواب السماء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

السماء الأولى: آدم عليه السلام

دخل السماء الأولى فرأي رجلا تُرفع له النسمات، كل روح تُقبضُ في الأرض ترفع إليه. فإذا رأي روحًا مؤمنة فرح، وإذا رأى روحًا خبيثة كافرة حزن.

قال النبي لجبريل: من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم. فسلم عليه، فرد آدم: أهلا بالابن الصالح والنبي الصالح.

السماء الثانية: عيسى ويحيى عليهما السلام

وارتقى ﷺ مرة أخرى إلى السماء الثانية، ففتحت له أبواب السماء، وكلما مر عليه ملأٌ من الملائكة سلموا عليه واستبشروا به، ورحبوا به صلى الله عليه وسلم.

فرأى في السماء الثانية عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا. فسلما عليه وقالا: أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

السماء الثالثة: يوسف عليه السلام

ثم ارتقى عليه الصلاة والسلام إلى السماء الثالثة. فرأى فيها رجلا جميلا أوتي شطر الحُسن. قال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا يوسف بن يعقوب، هذا الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم.

فسلم عليه، فقال يوسف: أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

السماء الرابعة: إدريس عليه السلام

ثم ارتقى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم من السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس، فقرأ النبي “وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا” ~ سورة مريم – الآية ٥٧. فسلم عليه، ورد السلام.

السماء الخامسة: هارون عليه السلام

ثم إلى السماء الخامسة، فرأى رجلا ذو لحيةٍ بيضاء. فقال النبي لجبريل: من هذا؟ قال: هذا الذي أحبه قومه، أنه هارون بن عمران عليه السلام.

فسلم عليه، ورد السلام. قال: أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

السماء السادسة: موسى عليه السلام

ثم ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السادسة. فرأى فيها رجلا طويلا، إنه موسى عليه السلام. فسلم عليه ورد السلام. قال: أهلا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

السماء السابعة: إبراهيم عليه السلام

ثم وصل إلى السماء السابعة، ورأى فيها رجلا مستندا بظهره إلى البيت. أنه البيت المعمور. كل يوم من يدخله سبعون ألفًا من الملائكة. ولا يدخلون مرة أخرى.

من هذا الرجل الذي يستند بظهره إلى هذا البيت؟ قال: إنه أبوك إبراهيم الخليل.

فسلم عليه، رد السلام. وقال: أهلا بالابن الصالح والنبي الصالح.

سدرة المنتهى

هنا توقَّف الأنبياء، هذه السماء السابعة لم يرقى بعدها نبيٌ من الأنبياء. أما رسول الله ﷺ فقد ارتقى عن السماء السابعة، ووصل إلى شيء هو نهاية الخلق، اسمه سدرة المنتهى.

ما أجمل هذه السدرة. حتى جبريل عليه السلام، لما أوصل إلى هذه المرتبة لم يستطيع أن يرتقي. أما نبيُّنا فارتقى.

يقول: رأيت جبريل في هذا المكان، يخاف جبريل من مقام ربه. رأيته كالحلس البالي -مثل الثياب التي سقطت على الأرض-.

واقرأ في القرآن الكريم “وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى”.

هذه المرتبة لم يصل إليها، لا نبيٌ ولا حتّى ملَك.

فارتقى النبي، فرأى نورًا، ثم كلَّم ربَّهُ مباشرة بلا ترجمان. لكن حجابٌ ربنا “النور”، قال: لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

-أي كل الخلق يحترق لو كشف ربنا هذا الحجاب-.

أيُّ لقاء هذا! لقاء الرب بحبيبه وصفيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

في السماء السابعة كلَّم النبي صلى الله عليه سلم ربّه، لم يره، فما أعظمهُ من لقاء وما أعظمه من كلام.

الآن فُرِضَت الصلاة على المسلمين

في تلك السماء فرض الله عز وجل على نبينا وعلى هذه الأمة أعظم العبادات، وهي الصلاة.

فرض الرب عز وجل هذه الشعيرة فوق السبع سماوات، خمسين صلاة في اليوم والليلة، من الفجر إلى الفجر وجب على هذه الأمة أن يصلوا خمسين صلاة. وكل صلاة أكثر من ركعة.

فأقبل النبي عليه الصلاة والسلام راجِعًا، فمرّ على موسى بن عمران. فسأله عمّ فرض الله عز وجل عليه. فقال: فرض عليّ الصلاة. قال: وكم فرض عليك من صلاة؟ قال: خمسين صلاة. قال: أمتك لن تقدر عليها.

وكان موسى رفيقًا بأمته وبأمة محمد، قال إن أمتك لن تقدر عليها، فارجع لربك واسألهُ التخفيف. فرجع النبي إلى ربه يشفع لهذه الأمة أن يخفف الله عليها عدد الصلوات. فأنزل الرب عز وجل من الخمسين إلى الأربعين.

فلقي موسى “مجددًا” في طريق عودته، وقال له: كم جعلها الرب؟ قال: ٤٠. قال ارجع فإن أمتك لن تقدر عليها -وصدق موسى-.

فرجع النبي، وطلب من ربه التخفيف، فصارت ثلاثين. ثم كل مرة يخفض الرب عز وجل ١٠ صلوات، حتى صارت عشرًا، ثم جعلها الرب ٥.

فنزل إلى موسى، فقال: كم صلاة؟ قال: ٥ صلوات. قال: ارجع إلى ربك وسله التخفيف فإن أمتك لن تقدر عليها. قال: استحييت من ربي.

ثم قال النبي: من أتى بهِنّ وصلاهنّ إيمانا واحتسابا كُنّ له كـ٥٠ صلاة.

لا يبدل القول لدى الرب عز وجل، لا يبدل القول عند الله جل وعلا. فهي ٥ نصليها، لكنها تكتب كـ٥٠ صلاة، ثم الحسنة بعشر أمثالها.

هذه الفريضة أراد الرب عز وجل أن يفرضها على هذه الأمة في معراجه عليه الصلاة والسلام.

“إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا” ~ سورة النساء – الآية ١٠٣.

كانت هذه قصة رحلة ليلة الإسراء والمعراج، وبعد قراءتها، هل يُمكنك أن تذكر لنا الدروس المستفادة من رحلة الاسراء والمعراج في ضوء ما قرأت؟

أضف تعليق

error: