بحث عن علم البيئة (مُفصَّل)

بحث عن علم البيئة , ecology

سوف نضع بين أيديكم الآن بحث عن علم البيئة شامل ومُفصَّل؛ ومُشتمل على العناصر اللازمة والتعريفات المطلوبة في خِضَم الحديث عن هذا الموضوع الكبير والحيوي.

إن هذا البحث متوفِّر لك عبر صفحتنا هذه؛ ليس doc أو pdf وغيرها من الصيغ؛ إنما هو بين يديك الآن (أون لاين) ليسهُل عليك التحري والبحث عن الفقرات والتعريفات والمصطلحات التي تريدها بسهولة ويُسْر.

مقدمة

خلال دروس الأحياء الماضية التي قدمتها لكم حتى الآن، تحدثت عن كل ما يتعلق بتراكيب الكائنات الحية المختلفة بكافة تفاصيلها. وربما لاحظتم من هذه الدروس أن فهم الكائنات الحية أمر معقد بعض الشيء، فهذه الكائنات تتألف من جزيئات، وهذه الجزيئات تشكل العضيات التي تتحكم بالخلية، ومجموعة الخلايا تكوّن الأنسجة التي تدخل في تركيب الأعضاء التي تشكل الأجهزة الحيوية المختلفة في الجسم.

علم البيئة

إن معرفة هذه التفاصيل مهم للغاية، لأنها توضح القواعد الأساسية لتكوين الكائنات الحية على كوكب الأرض، ولكن تجدر الإشارة إلى أن علم الأحياء لا يقتصر على هذه الأمور؛ فقد يرى البعض أن فهم تفاصيل التراكيب الداخلية للكائنات الحية هو أمر مثير للاهتمام، ولكن التركيز على هذه التفاصيل وحدها لا يسمح لكم بفهم الصورة الشاملة وأثر وجود كل من  هذه الكائنات على عالمنا.

ومن هنا جاءت الحاجة لعلم البيئة. علم البيئة (بالإنجليزي: Ecology) وهو العلم الذي يدرس قواعد تفاعل جميع سكان كوكب الأرض، والعلاقات المتبادلة بينهم. ويسعى علم البيئة إلى توضيح الخصائص الشكلية والسلوكية لعالمنا، والأسباب التي أدت إلى اكتسابه لهذه الخصائص، فهي تجيب عن أسئلة مثل لماذا يبدو القطب الجنوبي مختلفًا عن الكونجو، ولماذا ينتشر البعوض في كل مكان في حين أن وحيد القرن الأسود على وشك الانقراض.

الجواب المختصر على هذه الأسئلة هو أن العالم مكتظ بالعديد من الأشياء الحية وغير الحية التي تتفاعل مع بعضها البعض طوال الوقت، وكل يوم منذ أن بدأ الحياة على هذا الكوكب.

والإجابة الأقصر هي أن أشكال الحياة المختلفة وجميع هذه المكونات الحية وغير الحية تتفاعل مع بعضها البعض اعتمادًا على أمرين فقط، حاولوا أن تخمنوا ما هما، وفي هذه الأثناء استعدوا للذهاب في رحلة إلى خارج الجسم وإلى العالم بأسره.

يمكن تشبيه جميع الكائنات الحية مثل أسماك القرش البيضاء أو نباتات البطاطا بجزيئات تتفاعل مع بعضها البعض، وكل كائن من هذه الكائنات على حدة له مفعول ضئيل من منظور شمولي؛ فعلى سبيل المثال درجة الأكسجين الواحدة التي يتم استخدامها لصنع ATP لتزويد جسم الإنسان بالطاقة ليس لها أثر كبير لوحدها، ولكن عند استخدام مليون جزئ أكسجين مع بعض الأنواع الأخرى من الجزيئات فتكون النتيجة هي إنتاج كمية هائلة من ATP الذي يحرك الجسد البشري بأكمله، وينطبق هذا المبدأ على الكائنات الحية.

فهذه الكائنات الحية المنفردة عندما تجتمع معًا وتتفاعل مع بعضها البعض في بيئتها فتكون الآثار المترتبة على هذه التفاعلات أكبر بكثير من أثر كل كائن منفرد، وتمامًا مثل التسلسل الهرمي للأنظمة البيولوجية للكائن الحي من الجزيئات إلى العضيات إلى الخلايا إلى الأنسجة إلى الأعضاء، وكذلك فإن الأرض لديها تسلسل في المستويات البيئية.

فعند وجود مجموعة من الأفراد من نوع معين في منطقة معينة بحيث يتفاعل هؤلاء الأفراد مع بعضهم كثيرًا هذا ما يسمى بالمجموعة السكانية، ويدرس العلماء المهتمون بعلم البيئة التجمعي أسباب نمو أعداد المجموعة السكانية أو تقلصها مع مرور الزمن، اعتمادًا على المكان الذي تعيش فيه، أما عندما يعيش اثنان أو أكثر من المجموعات السكانية لأنواع مختلفة من الكائنات الحية، فهذا ما يسمى بالمجتمع.

ويمكن تشبيه المجتمع البيئي بالحي السكني ولكن مع احتمالية أكل أفراد الحي لبعضهم البعض، فهذا ما تفعله الأنواع المختلفة عندما تعيش معًا، فهي ستتفاعل فيما بينها، وفي بعض الأحيان هذا التفاعل يكون من نوع الافتراس أو التعاون أو التنافس على الموارد مثل الطعام والماء ومساحات المعيشة.

على ماذا يعتمد علماء البيئة في دراستهم؟

إن علماء البيئة يعتمدون في دراستهم على:

  • المراقبة.
  • التجارب.
  • النمذجة.

لكننا نوصيك بإكمال هذا البحث الهام للتعرَّف عن كثب وبشكل علمي على أمور أكثر تعمقًا.

وقد تتساءلون عن الفرق بين البيئة وعلم البيئة؛ فاقرأ هنا أيضًا بحث عن البيئة؛ أعتقد ستجِد ما يُجيب على سؤالك.

علم المجتمعات البيئية

يدرس علم المجتمعات البيئية كيف تؤثر التفاعلات بين أفراد المجتمع والبيئة على عدد أفراد كل نوع من الأنواع المختلفة داخل هذا المجتمع، أما المستوى البيئي التسلسلي الأعلى من المجتمع فهو النظم البيئية والنظام البيئي يتألف من مجموعة من الكائنات الحية التي تعيش في منطقة معينة، بالإضافة إلى الأجزاء غير الحية من بيئتها مثل التربة والماء والهواء؛ فعند أخذ مجموعة من الكائنات الحية ووضعها في منطقة معينة ذات مناخ معين وتركيبة كيميائية معينة للتربة وتضاريس معينة فسينشأ عن ذلك نوع محدد من النظام البيئي.

ولكن عند أخذ هذه الكائنات ووضعها في مكان مختلف تمامًا في ظروف مختلفة فستختلف طريقة تفاعل هذه الكائنات، مما سيشكل نظامًا بيئيًا مختلفًا تمامًا.

علم النظام البيئي

يدرس علم النظام البيئي كيفية تدفق الطاقة والمواد المختلفة عبر النظام البيئي، وكيف تؤثر البيئة المادية على الكائنات التي تعيش فيها؛ لا يفرق الكثير من الناس بين النظام البيئي والمستوى التسلسلي الأعلى منه وهو الموطن البيئي.

الموطن البيئي هو المكان الذي يشغله كائنات حية تطورت لديها أساليب مشابهة في التكيف مع مجموعات عامة من الظروف؛ على سبيل المثال تعد الأراضي العشبية نوعًا من المواطن البيئية، وهناك عدة نظم بيئية مختلفة من الأراضي العشبية في جميع أنحاء العالم.

ولكن الكائنات الحية في كل من هذه المنظومة البيئية لديها ميزات تطورية مشابهة للتكيف مع الظروف التي تشترك فيها جميع الأراضي العشبية في العالم مثل الصيف الحار والشتاء البارد وشحوح الأمطار، ولكن الأمطار في هذا الموطن البيئي أكثر من الأمطار في الموطن البيئي الصحراوي مثلاً.

ومن الأمثلة على المواطن البيئية الأخرى هناك الغابات الاستوائية والتندرا والصحاري والمحيطات والمستوى الوحيد فوق الموطن البيئي هو المحيط الحيوي الذي يتضمن الغلاف الجوي لكوكب الأرض بأكمله وكل شيء تستخدمه الكائنات الحية جميعها. والسؤال الآن لماذا تبدو كل هذه المستويات المختلفة من النشاط البيئي كما هي الآن؛ فعلى سبيل المثال لماذا تفضل بعض الكائنات الحية العيش في مكان معين أكثر من مكان آخر؟ وما سبب اختلاف المجموعات السكانية للمجتمعات والنظم والمواطن البيئية العديدة على كوكب الأرض عن بعضها البعض؟

العوامل التي تؤثر على شكل البيئة

تندرج العوامل التي تؤثر على شكل بيئة معينة في فئتين مختلفتين؛ وهي العوامل الحيوية والعوامل اللاحيوية.

وتشمل العوامل الحيوية أمورًا مثل الحيوانات المفترسة، بالإضافة إلى الحيوانات أو النباتات التي توفر المنافسة أو الفائدة الغذائية والماء. أما العوامل الحيوية فتشمل درجة الحرارة والرطوبة وضوء الشمس والارتفاع الجغرافي، هذه العناصر التي لا علاقة لها بالكائنات الحية في النظام البيئي ولكن تأثير هذه العوامل لا يقل عن تأثير الكائنات الحية الأخرى.

ومن هاتين الفئتين تعتبر العوامل ذات التأثير الأكبر هي تلك التي تحتاجها الكائنات الحية، ولكن بشرط أن تكون في نسب معينة، وهذه العوامل لها دخل في الكيمياء. فعلى سبيل المثال جميع التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل أجسام الكائنات الحية تتحكم فيها الإنزيمات؛ فالإنزيمات هي التي تحفز جميع العمليات التي يقوم بها الجسم، وتكون هذه الإنزيمات أكثر فعالية في درجات حرارة معينة، فالتفاعلات الكيميائية داخل الجسم تصبح بطيئة جدًا عندما تكون الحرارة باردة، أما درجات الحرارة المرتفعة جدًا فتغير من شكل الإنزيمات، مما يقلل من فاعليتها.

درجات الحرارة

وتعد درجات الحرارة من العوامل الرئيسية التي تحدد سبب عيش الحيوانات في أماكن معينة، والدليل على ذلك أنه عند النظر إلى المناطق التي على الأرض التي تمتاز بتنوع حيوي كبير أي تلك التي يعيش فيها أنواع عديدة من الكائنات الحية ستجدون أن هذه المناطق تكون درجات الحرارة فيها ضمن النطاق المثالي لنشاط الإنزيمات.

الماء والغذاء

وغير درجات الحرارة هناك مسألة الغذاء، فجميع الكائنات وتحديدًا الكائنات ذاتية التغذية مثل الحيوانات والفطريات تحتاج أن تأكل.

قد يظن بعضكم أن توفر الغذاء سيكون على رأس قائمة العوامل الأكثر تأثيرًا على النظم البيئية، ولكن في الواقع النباتات وغيرها من الكائنات ذاتية التغذية مثل البكتيريا الزرقاء والطلائعيات هي أساس جميع السلاسل الغذائية تقريبًا، فهذه الكائنات تحتاج للغذاء كذلك، مما يعني أن الأمر يتعلق بالكيمياء أيضًا، وذلك لأن العنصر الأساسي التي تحتاجه النباتات في تفاعلات البناء الضوئي هو الماء، وهو كذلك العنصر الذي يحتاجه الإنسان لحرق ATP والحفاظ على الاتزان الداخلي في الجسم.

فمسألة توفر الغاء تعتمد في نهاية المطاف على توفر الماء، إذًا يمكن الاستنتاج أن الماء والحرارة هما العاملان الأكثر أهمية بالنسبة للكائنات الحية، ولهذا السبب يركز علماء البيئة على هاذين العاملين عند دراستهم لأسباب تواجد كائنات حية معينة في مناطق معينة أكثر من غيرها، ويحدد هاذان العاملان معًا شكل جميع المواطن البيئية في العالم.

فعلى سبيل المثال تطور الصبار الصغواري للعيش في صحراء السونورا في أمريكا الشمالية، وهي منطقة حارة جدًا يكون المطر فيها قليلاً جدًا، لذلك فإن صحراء السونورا غنية بالحيوانات والنباتات التي تستطيع تحمل الحرارة والجفاف الشديد مثل صبار الصغواري، ولكن ذات موضوع هذه الكائنات في غابات الأمازون المطيرة على الرغم من أن درجة الحرارة فيها مرتفعة بشكل مماثل للصحراء، إلا أن رطوبتها المرتفعة لا تناسب هذه الكائنات.

هذا يعني أن نوع الكائنات التي تعيش في موطن بيئي معين تعتمد على درجات الحرارة ونسب توفر الماء في هذا الموطن، وفي المقابل هذه الكائنات تؤثر على شكل الموطن البيئي أو ما يعرف بالخصائص المظهرية.

أنواع المواطن البيئية

أما الآن فسأتحدث عن أنواع المواطن البيئية المختلفة.

تنعم بعض المناطق على كوكب الأرض بالأمطار الغزيرة، أي حوالي 300 سم في السنة، وهي تعتبر مناطق  دافئة، فيتراوح متوسط درجات الحرارة فيها بين 25-30 درجة مئوية.

المواطن البيئية هي الغابات الاستوائية الموجودة بالقرب من خط الاستواء، هذه الغابات تمتاز بتنوعها الحيوي الهائل لأنها توفر ظروف مثالية لعيش الكثير من أنواع الكائنات الحية. أما النقيض التام لهذه المواطن لدينا التندرا، ومعظمها يتواجد فوق الدائرة القطبية الشمالية، أو في القارة القطبية الجنوبية أو في أعالي بعض الجبال.

يقل هطول الأمطار في التندرا وتتدنى فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ولكن ماذا يعيش فيها؟ عدد الكائنات التي تعيش في هذه المواطن قليلة جدًا، فيمكن العثور على بعض النباتات الحزازية والكبدية وبعض الأعشاب وبعض الطيور، بالإضافة إلى عدد قليل من الثدييات، وهذا ينطبق على الموطن البيئي الصحراوي الذي يتسم بقلة هطول الأمطار ودرجات الحرارة المرتفعة مثل التندرا لعدم توفر كميات كافية من الماء فلا يوجد الكثير من النباتات الكبيرة، ولعدم وجود الكثير من النباتات فلا يوجد الكثير من الكائنات الحية الأخرى حتى عندما تكون درجات الحرارة فيها مناسبة لعيش الكائنات الحية.

وبين هذه المواطن الثلاثة ذات الظروف القاسية يوجد مواطن بيئية وسطية ذات كميات متفاوتة من الماء ودرجات حرارة متفاوتة كذلك، هذه هي المواطن البيئية المعتدلة، وهي تشمل الأراضي العشبية المعتدلة مثل تلك الموجودة في مروج أمريكا الشمالية أو الغابات المتساقطة المعتدلة التي توجد في أوروبا وأمريكا الشمالية والتايجا أو الغابات الصنوبرية المنتشرة في كندا وشمال روسيا والدول الاسكندنافية، تشترك جميع هذه المواطن البيئية الوسطية باعتدال درجات الحرارة فيها، ولكنها تختلف من حيث توفر المياه، وهذا ما يجعلها مختلفة عن بعضها البعض.

تمتلك بعض هذه المواطن البيئية الكثير من الأشجار، وكما تعلمون تحتاج الأشجار إلى الكثير من الماء، لذلك يمكن الاستنتاج أنه في حالة الغابات المعتدلة تكون نسب هطول الأمطار مرتفعة، وكما ذكرت سابقًا عندما تحدثت عن غابات العصر الكربوني، يؤدي وجود عدد كبير من الأشجار في منطقة محددة إلى تغير المناخ وتضاريس وجيولوجيا الموطن البيئي، أما في حالة عدم وجود الكثير من الأشجار في موطن بيئي معين فذلك يشير إلى عدم غزارة الأمطار في هذا الموطن.

وبدون وجود الأشجار فإن المزيد من ضوء الشمس سيصل إلى الأرض وإلى الحشائش وإلى النباتات الصغيرة الأخرى، مما يجعل هذا النظام البيئي يميل أكثر إلى الأراضي العشبية المعتدلة، ويعيش عادة في الأرض العشبية التي تكثر فيها الحشائش حيوان مثل ثور البيسون والظبي الأمريكي وغيرها مثل الحيوانات ذوات الحوافر التي يمتاز جهازها الهضمي بقدرته على هضم السيليلوز الموجود في الحشائش التي تتناولها طوال اليوم، وأن انتشار الحيوانات ذوات الحوافر في مكان ما فيقترن ذلك عادةً بوجود بعض الحيوانات المفترسة، وجميع هذه الحيوانات التي تعيش في مواطن الأراضي العشبية المعتدلة تختلف اختلافًا جذريًا عن الحيوانات التي تعيش في مواطن الغابات المعتدلة.

وبهذا تلاحظون أن المواطن البيئية تختلف عن بعضها نتيجة لاختلاف النباتات التي تنمو فيها، وهذا كله يعتمد على اختلاف نسب هطول الأمطار ودرجات الحرارة.

وبالطبع لا يمكنني تجاهل المواطن البيئية الموجودة تحت الماء؛ فالماء يغطي حوالي ثلاثة أرباع سطح الكوكب، وبما أن عامل توفر الماء ليس له دور في هذه المواطن البيئية المائية لذلك فهي تختلف عن بعضها بسبب الاختلافات في عوامل أخرى مثل درجات الحرارة والضغط ومحتوى الأكسجين وكمية الضوء التي تخترق سطح الأرض وغيرها من الأمور.

وبهذا نكون وصلنا إلى النهاية ويمكننا الاستنتاج أنه بفضل علم البيئة فإنكم الآن تعرفون أن العالم يبدو بشكله الحالي نتيجة للاختلافات في درجات الحرارة ونسب الماء؛ ولكنني ما زلت في بداية الطريق فأنا لم أنتهي بعد من الحديث عن علوم البيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top