ظاهرة فرط التعرق وهل تعتبر صحية أم العكس

التعرق الزائد ، رائحة العرق ، مزيلات العرق ، العرق الطبيعي
فرط التعرق – أرشيفية

هل التعرق ظاهرة صحية؟

بدأ الدكتور “محمد الطورة” استشاري أمراض وجراحة الجلد والليزر حديثه قائلًا: من المعلوم بالضرورة أن الجلد هو أكبر عضو في جسم الإنسان من حيث المساحة والوزن، وتكمن في الجلد أربعة ملايين غدة عرقية وهي المسئولة عن التعرق، وهذا العدد الكبير من الغدد العرقية في الجلد دليل كافي على أن التعرق ظاهرة صحية وفسيولوجية طبيعية. والوظيفة الأولى للتعرق هي المحافظة على درجة حرارة الجسم الداخلية، إلى جانب التخلص من بعض المواد الزائدة والسُمية من خلاله.

متى يتحول التعرق من ظاهرة صحية إلى ظاهرة مرضية؟

العلوم الطبية معنية بدراسة المصطلح الطبي (Hyper Hydroses) أي فرط التعرق، وظاهرة فرط التعرق قد تكون مع بعض الحالات من الأعراض المثيرة للريبة والخوف لإمكانية إرتباطها بمشكلة مرضية، وحتى وإن لم تكن دليل على مشكلة مرضية بالجسم فقد يستوجب فرط التعرق العلاج نظرًا لما يُسببه من الإحراج الإجتماعي الشديد، وبذلك يمكن إعتبار فرط التعرق عرض صحي يستلزم العلاج. والجدير بالذكر أن الإحصائيات أشارت إلى أن 1% من البشر مُصابون بفرط التعرق.

هل للتعرق أنواع؟

أكد “د. محمد” على أن التعرق ينقسم إلى نوعين أساسيين هما:
• التعرق الأولِي: وهو غالبًا ما يكون موضعي أي من مواضع معينة في الجسم مثل الإبطين أو الوجه أو اليدين أو القدمين أو الجذع، ويبدأ منذ الطفولة ويستمر إلى نهاية العمر.
• التعرق الثانوي: وهو التعرق العام الذي يحدث في كل الجسم، ويُصيب البالغين بعد عمر العشرين تقريبًا، ومن أشهر ملامحه التعرق الليلي أثناء النوم،

وقد يستلزم هذا النوع من التعرق متابعة الطبيب للوقوف على أسبابه، ومن أسبابه:
1. التغيرات الفسيولوجية الداخلية مثل التعرق الكلي الحاصل عند الحوامل وبعد إنقطاع الطمث.
2. إدمان الخمور والكحوليات.
3. الإصابة بفرط نشاط الغدة العرقية الناتج عن:
• الإصابة بالسكري.
• الإصابة ببعض الأمراض العصبية.
• الإصابة بمرض الليمفومة.
• الإصابة بالإلتهابات المزمنة.

هل يتسبب فرط التعرق في مضاعفات صحية؟

السر في إعتبار فرط التعرق من الظواهر المرضية التي تحتاج إلى علاج هو ما يسببه من تأثيرات نفسية وإجتماعية وعملية على الشخص، فقد يتسبب فرط التعرق في العزلة عن المجتمع ومن ثَم الإصابة بالإنطواء والإكتئاب والشعور بالدونية، وقد يؤدي إلى ترك العمل وما يتبعه من مشكلات إقتصادية على الشخص وأسرته، وقد يتسبب في المشكلات الإجتماعية بين الزوجين والتي قد تتطور إلى الطلاق والإنفصال. أما من ناحية المضاعفات الصحية العضوية فلا يمكن إعتباره متسببًا في أية أمراض عضوية.

ما هي طرق علاج فرط التعرق؟

نوه “د. محمد” إلى أن العلاج المبدئي لفرط التعرق يتم بواسطة صنفان من المستحضرات الطبية هما مزيلات العرق التي تقضي على رائحة العرق، ومضادات العرق وهي الأدوية الموضعية المسئولة عن تخفيف نسبة التعرق، وبشكل عام يختلف وصف الأدوية العلاجية بإختلاف الحالة المرضية ودرجة شدة التعرق، فحالات فرط التعرق الخفيف تُعالج بإستخدام المستحضرات الموضعية والتي تحتوي غالبيتها على مادة (الألومنيوم كلورايد) بنسب متفاوتة بين 12 إلى 20%. وتعمل هذه المادة على غلق مسامات التعرق في الجلد ولكن بمفعول مؤقت لذلك يلزم المداومة وتكرار إستخدامها.

وإذا فشل العلاج بالكريمات الموضعية يلجأ الطبيب إلى العلاج بحقن مادة (البتيولونوم توكسون) والتي تُعرف تجاريًا باسم البوتكس، وتُحقن هذه المادة في المنطقة الجسدية المصابة بفرط التعرق، وأثرها العلاجي ينبع من كونها بروتين عصبي يعمل على إغلاق السيلان العصبي المحفز للغدد العرقية، وهو من العلاجات الآمنة والبسيطة. والعلاج بالبوتكس يُعطي النتائج المرغوبة لفترات تتراوح بين ثلاثة إلى تسعة أشهر، وهو ما يُلزم بإعادة الحقن مرة كل عام على الأقل.

وعند فرط التعرق الكلي الشديد قد يُلجأ في العلاج إلى الأدوية المتناولة بالفم، إلا أنه يُستحب تجنبها أو التقليل منها قدر المستطاع لآثارها الجانبية على العيون والبروستاتا عند الذكور، كما أنها قد تتسبب في جفاف الجسم.

وأضاف، يوجد ما يُعرف بالعلاج الآيوني، وهو مفيد في حالات فرط التعرق في اليدين أو القدمين، وهو عبارة عن جهاز به ماء ويخرج منه تيار كهربي خفيف، ويضع المريض يديه أو قدميه في الجهاز وهو ما يعمل على تخفيف التعرق.

وإلى جانب الأدوية العلاجية توجد مجموعة من الإرشادات الصحية الواجبة الإتباع ومنها:
• الإستحمام المتكرر.
• تقليل تناول الأملاح.
• الإكثار من شرب الماء والسوائل لتعويض الفاقد منها بالتعرق.
• تقليل التعرض لمصادر الحرارة كالشمس.

وألمح “د. محمد” إلى أن كل أنواع العلاج السابقة الذكر تُظهر أنها علاجات آنية يلزم تكرارها إلى ما لا نهاية، وللتغلب على هذه المشكلة ظهرت تقنية علاجية حديثة تقضي على فرط التعرق وخاصةً في منطقة الإبطين. وهذه التقنية يُستخدم فيها الأجهزة المعتمدة على الطاقة، فمنها أجهزة الليزر، وأجهزة موجات الراديو (Radio Frequency)، وأجهزة الميكروويف.

وتعتبر أجهزة الميكروويف العلاجية هي الوحيدة الحاصلة على تصريح هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، وهي التي أحدثت ثورة علاجية لفرط التعرق منذ ظهورها في عام 2011م. وآلية عمل الجهاز هي إصدار طاقة كهرومغناطيسية على المنطقة المراد معالجتها بعد تخديرها موضعيًا، والجلسة العلاجية قد تدوم إلى ما بين ساعة ونصف وساعتين، ولا يحتاج المريض لأكثر من جلستين – ونادرًا ما تحتاج بعض الحالات إلى ثلاثة جلسات – بين كل جلسة وأخرى مدة زمنية لا تتجاوز الأربعة أشهر للحصول على نتائج نهائية وأبدية ومُرضِية بنسبة 90%.

واختتم “د. الطورة” حديثه مؤكدًا على أن تقنية علاج فرط التعرق بأجهزة الميكروويف هي إجراء آمن جدًا وغير جراحي ويحتاج لفترة نقاهة أو إستشفاء بعدية بسيطة جدًا لا تتجاوز اليومين ثم يعود بعدها المريض لحياته الطبيعية. والعلاج بتقنية أجهزة الميكروويف جَنَّب اللجوء إلى الحلول الجراحية التي يتم فيها قطع العصب الودي في اليدين إذا كان فرط التعرق فيهما مثلًا.

أضف تعليق

error: