خطر الإعلام والشاشات على الأطفال

صورة , طفل , الشاشات , الألعاب الإلكترونية

أثار خبر وفاة طفلة سورية شنقاً بسبب تقليدها مشهداً في مسلسل درامي ” خاتون ” للمثلة ” كندة حنا ” الذعر لدى الأهل مما قد يُقدِم عليه أولادهم تأثراً بمشهد معين لأن الأولاد الصغار لا يدركون في مثل هذه الحالات أنها تمثيل وأنهم سيموتون إذا قلَّدوا هذه المشاهد الدرامية المجسدة على الشاشات التلفزيونية، فما هو سبب هذه الظاهرة ؟ وكيف نحمي أولادنا منها؟

ما هو تعليقك على وفاة طفلة شنقاً ممثلة مشهد لواحدة من الفنانات؟

يقول الدكتور محمد الدندل ” أخصائي الأمراض النفسية ” أنه لاشك بأن هذا الأمر مؤسف بالنسبة لنا جميعاً وأن نرى مثل هذه الأمور تحدث هكذا مع الأطفال لأن الطفل عادةً ما يبدوا له الأمر تمثيلاً دون أن يدرك أنه بهذه الفعلة يقوم بالانتحار.

للأطفال تفكير نسميه نحن بالتفكير السحري حيث أن قدرة الطفل على التفريق بين الشيء الواقعي والشيء المتخيَّل أو المُتمنَّى لا تتسم بحدود واضحة خاصةً إذا كان بسبب الإعلام وانجذاب الطفل لظاهرة معينة أو نجم معين الذي قد يدفعه للقيام بأعمال متهورة كونه لا يُقدِّر الموقف بشكل أكثر نضجاً، وبالتالي تقع هكذا حوادث مؤسفة للكثير من الأطفال يدفع فيها الطفل ثمنها غالياً من حياته.

إن مشهد رؤية طفلة تقوم بشنق نفسها نتيجة لأنها رأت نجمتها المفضلة تقوم بهذا المشهد في التلفاز مقلدةً إياها دون أن تعتقد أن الأمر سينتهي بالموت خاصةً لهو بالأمر المفزع خاصةً إذا كان ضمن مَشاهد الفيلم الفنان أو النجم يتم إنقاذه ورعايته في نهاية المطاف، وهو ما يمثل خطورة بالغة على أطفالنا في هذه الآونة والذين لا يحظوا برعاية ورقابة أسرية كافية داخل البيت، ومثال آخر ما رأيناه في دولة العراق من بعض الأطفال الذين قلدوا لعبة ” ببجي ” التي تُصنف ضمن الألعاب الخطيرة.

من المُلام في قضية تعرض أطفالنا لخطر الشاشات وفحواها؟

للأسف نحن عموماً في البلدان العربية ليس لدينا دراسة حقيقية للمادة التي تُقدم لأطفالنا على شاشات التلفاز أو الإنترنت ومدى علاقتها بعلم النفس وتأثيرها على المُشاهِد بغض النظر سواء كان بالغ أو طفل.

أما ما زاد الطين بلة في هذه المواقف المحزنة هو تنوع المصادر المؤثرة على الطفل من خلال مجموعة ألعاب اليكترونية على سبيل المثال والتي تؤدي إلى كوارث مشابهة نتيجة:

غياب المراقبة الحقيقية للمادة التي تُقدم للأطفال من خلال المؤسسات الرسمية الدولية الخاصة بالإعلام، ولكننا على الجانب الآخر نعيش عصر يمكننا أن نطلق عليه مسمى ” عصر الانفلات الإعلامي ” إن صح التعبير خاصةً فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي وهو أن نرى حجم هذه الكارثة نتيجة هذه الوسائل التي يمكن أن نستخدمها كسلاح ذو حدين بشكل بنَّاء وآخر سلبي على نفسية وصحة أبنائنا والنساء أيضاً حيث أن النساء تعتبر من الفئات الأكثر استهدافاً بشكل كبير من جانب الشركات التي تُسوِّق لألعاب أو منتجات معينة، حتى عند البالغين الذين نراهم يتعرضون لحالات اكتئاب تصل إلى الانتحار نتيجة تنميط صورة معينة خصوصاً للمرأة من خلال برامج محددة وهو ما يشكل ضغطاً هائلاً على المرأة خاصةً وأن هناك شركات تقف وراء هذا العمل تربح مليارات الدولارات لا يعنيهم أبداً ما يعاني منه هؤلاء السيدات.

عدم وجود رقابة أسرية على الأطفال داخل المنزل ودون أن يكون هنالك تحجيم ومراقبة للمادة التي تُقدَّم لهم تلفزيونياً أو إعلامياً بشكل عام.

ما هو دور الأهل في مراقبة وحماية أطفالهم من خطر الإعلام؟

لاشك بأن مسئولية محاكاة الطفل للأشخاص أو للمشاهد العنيفة والمؤذية التي يرونها في التلفاز أو بعض الألعاب الاليكترونية التي تُقدم إليهم تقع في المقام الأول على عاتق الأهل، لكننا على الجانب الآخر نكون بهذا الحكم قد ظلمنا الأهل كلياً لأنهم يتحملون كافة المسئوليات عن أبنائهم دون التطرق إلى دور الإعلام ومسئولي وسائل التواصل الاجتماعي والباحثين ومراكز الأبحاث الذين يستوجب عليهم دراسة هذا الأمر مرة أخرى وتقديم الحلول الفعالة لمنع أو تقليل مثل هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة على صحة أبنائنا.

على الجانب الآخر، إننا نلاحظ أن الإعلام ذاته لا يقوم بتوعية الأهل من خطر هذه المواد التي يشاهدها أبناؤه لأنه حتماً لن يبيع منتجاً وفي نفس الوقت يقوم بتوعية الآخرين بمدى ضرره على الأبناء، وإنما يقوم الإعلام بتسويق منتجه دائماً على أنه أفضل ما يكون حتى يُقدِم عليه الأبناء.

إننا لا نرى في حقيقة الأمر كذلك قنوات خاصة في إعلامنا بالأطفال وإنما كل هذه القنوات التي تتعلق بالأطفال هي بهدف الربح التجاري حيث أننا لم نرى حتى الآن قناة لأفلام الكرتون دون إعلانات، لذلك هناك تسويق هائل من الإعلام وشركات الألعاب لموادها الخطرة التي يدفع ثمنها أطفالنا من أرواحهم بشكل مؤسف مثلما رأينا في الطفلة السورية سالفة الذكر، حتى أن الإعلام قد يقدِّم أنواع من الطعام الغير جيدة للطفل على شاشاته.

وختاماً، هناك بعض التحذيرات التي تُكتب على الشاشات التلفزيونية والتي تحد أو تمنع الأطفال الأقل من عمر معين وليكن 18 سنة مثلاً من رؤية هذه المادة الإعلامية التي تقدمها شاشة معينة، ولكن هذه التحذيرات تُكتب بخط صغير وغير واضح والغاية من ذلك قد تكون هي المَخرج القانوني لهذا المُنتِج الذي يستهدف في الأساس الربح الزائد من وراء هذه المادة الإعلامية التي يقدمها على شاشات التلفاز، ولا شك بأن الأهل ليس لديهم أي خيار سوى مزيد من الانتباه وتعلم بعض الأمور التي تخص التكنولوجيا خاصةً وأن الجيل الجديد من الأطفال قد سبق الأهل في تعلم أصول التكنولوجيا الحديثة ومدى معرفته الهائلة بتفاصيل أكثر تخص هذا العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top