خطبة مكتوبة عن عمارة الأرض

تمت الكتابة بواسطة:

خطبة مكتوبة , عمارة الأرض

إذا كنت من الخطباء والوُعَّاظ الباحثون عن خطبة جمعة مكتوبة تتحدَّث عن عمارة الأرض وبناءها؛ فنحن نُقدِّم لك هذه الخطبة التي نأمل أن تنال إعجابك وأن تكون من مصادر الإلهام لك على المنبر، لتُلقي خطبة قويَّة بخصوص هذا الموضوع.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الكريم المنان، المنعم على عباده بالأوطان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ﷺ، وعلى آله وصحبه {والذين اتبعوهم بإحسان}.

أما بعد، فاتقوا الله ربكم، يرفع درجاتكم، ويكفر عنكم سيئاتكم، ويجعل لكم فرقانا ويغفر لكم {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم}.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن ينشئ الإنسان من الأرض؛ وذلك بخلق آدم من تراب، فكان لذلك الأصل أثر بالغ في حب الإنسان للأرض التي نشأ فيها {فطرة الله التي فطر الناس عليها}.

وكان من آثار تلك المحبة للأرض عمارتها؛ فتجد ذلك الإنسان مجتهدا غاية الاجتهاد في بناء تلك الأرض، وجعلها خير مكان، لا يألو جهدا في ذلك، تحمله على ذلك فطرته، وتدفعه محبته؛ ولذلك قرن المولى جل جلاله عمارة الأرض بالإنشاء منها فقال: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}.

وتلك الأرض التي يحبها الإنسان ويعمرها هي الوطن، وذلك الإنسان الذي يحب ويعمر هو المواطن، وعمارة الأرض معنى ومادة لا تتوقف، فيبقى الإنسان على ذلك ما بقي له نفس من حياته، بل يحرص كل الحرص على أن يبقى له أثر بعد مماته، وما أعظم ذلك الهدي النبوي الكريم الذي يصور هذا المعنى، ويرسمه في صورة تفيض جدا واجتهادا، بل لن يكون هناك قول موجز يبلغ هذا المعنى كقوله ﷺ: «إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها».

أيها الناس: ليس من السهل أن يترك الإنسان وطنه إلا لأمر قاهر لا يستطيع دفعه، وإن من أشد الناس حبا لأوطانهم الأنبياء والمرسلين؛ ولذلك هددتهم أقوامهم بإخراجهم من أوطانهم؛ إمعانا في إيذائهم، وإكراها لهم على رجوعهم عن دعواتهم {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}.

وقد كان مثل ذلك لنبينا محمد ﷺ {إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}، فخرج من وطنه مكة وهو يقول تلك الكلمات العظيمة التي تفيض حبا لوطنه، وحزنا على فراقه: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت».

عباد الله: إن ذلك البناء – الذي يستوجبه الوطن – بناء الإنسان قبل رفع البنيان، وبناء الإنسان يكون بالعلم الذي يحرره من الإفساد في الأرض وظلم الآخرين، وهو العلم الذي علمه الله آدم -عليه السلام- بعد أن اقتضت حكمته أن يكون خليفته في الأرض، وتكون الخلافة في ذريته من بعده {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون | وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين | قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم | قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}.

ورفع البنيان من غير بناء الإنسان على العلم الذي علمه الله آدم طريقة لا تحمد عقباها؛ لأن وراءها تدمير ما يبنيه الآخر، وكم من أمة بنت في قرون، وذهب ما بنت في لحظات؛ ولذلك كان النداء الرباني للناس: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين}.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فاعلموا -عباد الله- أن حب الوطن شيء يظهر أثره، وأمر تبين معالمه، وليس قولا يدعى، أو شعارا يرفع، بل حبه خلق يلازم صاحبه، مدركا تمام الإدراك أنه يمثل وطنه، فإن أحسن كان ذلك إحسانا لوطنه، وإن أساء أساء لوطنه وأهل وطنه من حيث لا يشعر، وحب الوطن يظهر في قيام الإنسان بما هو فيه خير قيام.

فإن كان طالب علم جد في طلبه، وإن كان موظفا أدى أمانته؛ مدركا أنه على ثغر من ثغور وطنه، وأن أي إهمال منه قد يكون ضررا على الوطن، وأن جده واجتهاده وبذله سبيل إلى ارتقاء وطنه، وطريق إلى تقدم بلده {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.

وما هذه الآثار التي يعيش عليها الخلف ويبنون عليها إلا جهود أسلافهم، وأفعال أجدادهم، لم ينسها الدهر، ولم يستطع أن يتجاوزها التاريخ؛ فكانت لهم لسان صدق في الآخرين، وذخرا وثوابا عند رب العالمين {لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد}.

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدعاء

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، واجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم إني استودعتك واستحفظتك أهلي وأولادي ومنزلي وأموالي فاحفظهم لي يا أكرم الأكرمين.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.

مقترح: خطبة قصيرة بعنوان: خذوا حذركم.. مكتوبة وجاهزة للإلقاء أو الطباعة


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: