خطبة الجمعة عن الدخول المدرسي

تمت الكتابة بواسطة:

هل بدأت التحضير من أجل خطبة الجمعة عن الدخول المدرسي لهذا العام؟ نعم، هذه مناسبة كبيرة وهامَّة؛ لأولئك الطلاب والآباء والمعلمون ومُدراء المدارس وكافَّة أفراد المنظومة التعليمية في بلداننا العربية والإسلامية.

إليس هذه المناسبة الكبيرة تحتاج منك إلى مادَّة علمية وعظيَّة بليغة وقوية؟ حسنًا؛ في حال وافقت على مقترحي هذا؛ فهذه الخطبة من أجلِك.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﷺ.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

الخطبة الأولى

أما بعد أيها المسلمون فإن من منن الله ﷻ أن رفع عنا كثيرًا من آثار هذا الوباء الذي انتشر منذ ما يقارب الـ ثلاث سنوات.

ونرجو من الله ﷻ أن يمن علينا بما هو خير لنا في أمر ديننا ودنيانا، وأن يُرضينا بذلك كل الرضا وأن يبارك لنا فيما آتانا.

العافية نعمة عظيمة

وإن مما آتانا العافية فمن رزقها فليحمد الله، واسألوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

ومن آثار العافية التي آتانا الله ﷻ أن يسر لنا عود أولادنا بنين وبنات من ذوي المراحل الثانوية والمتوسطة قبل حقبة والابتدائية ورياض الأطفال في هذا الوقت إلى مدارسهم.

فنرجو من الله أن يكون عودًا حميدًا ورجوعًا مباركًا يتحقق به صالح أمر الدين والدنيا، ولكن ينبغي للمرء أن يقوم بدوره كل بحسبه.

أما أولياء أمور الأولاد من بنين وبنات فينبغي لهم أن يكونوا خير عون على تحقيق مقصود حفظ العلم وحفظ الصحة.

فضل العلم في القرآن والسنة

أما حفظ العلم فأن يكونوا خير عون لأولادهم على التحصيل الدراسي، ومعلوم شرف العلم.

وما من دليل من أدلة القرآن والسنة جاء يثني على العلم وأهله إلا وعلم الشريعة في رأس القائمة بل هو الذي يدخل دخولًا أصيلاً، دخولا في لفظ الآيات والأحاديث العلم الشرعي الديني.

العلم الشرعي

أن العلم الشرعي هو الذي جاء لنتصور ما من أجله خلقنا، إذ أنا خلقنا لأجل الدين وما سوى الدين خلق لأجلنا.

نحن ما شُرع الدين لأجلنا وإنما خلقنا نحن للدين ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾،  ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ | إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾. فخلق الرزق لأجلنا وخلقنا لأجل الدين.

العلوم الدنيوية

ثم بعد ذلك جميع أنواع العلوم الدنيوية بدءًا بعلم الطب وهو أشرف العلوم من العلوم الدنيوية إلى آخر أنواع العلوم الدنيوية فإن تحصيلها مقصود شرعًا ما دامت نافعة غير ضارة.

يستثنى بذلك من علوم الدنيا علم السحر فإنه علم ضار، وهو بمجرد تحصيله كفر مخرج من الملة، فمن عمل بالسحر فهو أكفر وأكفر لأنه تعلم وعمل ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾.

وأقل منه شرًا مما يقل نفعه ويزيد ضرره علم الفلسفة والتوغل فيه فإنه من العلوم الضارة التي قل الانتفاع بها وإنما يحصل بأهل السنة تعلم يسير منه ليردوا على أهل البدع ليحاجوهم بعلمهم الذي تخصصوا فيه، وليقاتلوهم ويجاهدوهم بالآلة التي يقاتلون أهل السنة بها.

وأما ما سوى ذلك من العلوم كـ علم الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الجيولوجيا إلى غير ذلك من العلوم فإنها علوم نافعة تخدم البشرية عامة والمسلمين خاصة فهو من القوة التي أمرنا بإعدادها ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾.

جهاد الطلب

القوة الرمي «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي»، يقوله النبي ﷺ تنصيصًا على الرمي تنبيهًا على إعداد المسلمين كل ما يحتاجون إليه لنشر دينهم بالإقناع ومن لا فبالإجبار وهذا هو جهاد الطلب: نشر شريعة الله ﷻ بالعلم والبيان.

فمن لم يستمع ويُذعن فإما أن يذعن بالقوة والجهاد؛ جهاد الطلب: أن يُقاتل حتى يقتل ويباد ولا بقاء للكفر وأهله إلا على وجه الصغار حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

أو أن يسلموا فيكونوا كالمسلمين سواء بسواء هذه بعض قيمة العلم.

العلم يا إخواني في الله لا يمكن أن يكون إلا بالتوارث فيتحصل الأخير من الذي قبله والذي قبله من الأول وهكذا كانت سنة الله القدرية حتى في العلم الشرعي «إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وأورثوا العلم».

فإن كان ذلك كذلك في العلم الشرعي فكذلك في العلوم الطبيعية والدنيوية تكون بالتوارث، تكون بالتسامح وبالتحمل، وليس الخبر كالمعاينة وهذه قضية جزئية تعنينا فيما نحن مقبلون عليه.

العودة إلى المدارس ودور أولياء الأمور

ليس الخبر كالمعاينة، وغياب الرقيب كليًا أو جزئيًا يؤثر على مدى التحصيل والتعليم فكونوا خير عون على عود أولادكم للمدارس وما يتطلبه عودهم للمدارس.

فإن الطالب إذا تلقى عن مُدرسه بالمهاتفة ليس كما لو تلقى عنه بالمواجهة إذ إن في المواجهة كمال التربية وكمال الرقابة؛ أجب أنت ولا تجب أنت، وانتبه، وقم واقعد، ويحاسب ذا ويراقب ذا.

أما ما كان من وراء الشاشات فهو نوع تحصيل، ولا ينكر نفعه ولكنه ليس كالمواجهة والحضور فكونوا خير عون على ذلك هذا بعض الذي يخص أولياء أمور الأولاد.

دور المعلم في العملية التعليمية

أما بالنسبة للمعلمين والمعلمات؛ يا معشر المدرسين أنتم أهم فئة إذ أنتم الذين يؤدون المادة المقصودة فينبغي للمدرس أن يتقي الله ﷻ بقدر ما يستطيع في أداء الأمانة التي هي من أعظم الأمانات حمالة إلى أهلها ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾.

والله لا أمانة العلم أعظم من أمانة المال إذ إن المال إذا ذهب قد يخلفه غيره ويعيش الإنسان فقيرًا، وتمشي أموره وقد لا يؤثر ذلك على دينه في كثير من الأحيان.

ولكن لا يمكن أن يمشي بشر بغير علم إذ إن مأكله ومشربه فضلا عن تعبده في دينه بربه لا يمكن أن يكون إلا بعلم.

فيا إخواني في الله معشر المدرسين اتقوا الله فيما حملكم الله من أمانة التعليم، وينبغي لكم أن تراعوا الرفق والرحمة والرأفة بالطلاب سيما في هذه المرحلة الانتقالية من المهاتفة، الهتاف المرئي إلى المواجهة والحضور.

فإن هذه الحقبة التي مضت إلا ولا بد أنها أثرت على كيفية تحصيل الطلاب، وعلى مدى استيعابهم وإدراكهم.

فليكن المدرس رفيقًا رحيمًا بطلابه ولا يشتد عليهم ويحملهم أكثر مما يطيقون.

بعض الطلاب سيما هؤلاء المبتدئون أصحاب المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال في هذه الحقبة عند حضورهم للمدرسة أشبه ما يكونون بالذين الآن حين دخلوا المدرسة من التعليم البيتي حيث لا مدرسة ولم يتأهلوا أصلي لدخول المدرسة إلى الدخول للمدرسة.

بعض الطلاب هكذا لأنه كان في معزل تام أو نسبي عن التلقي الذي كان يألفه على أيديكم أيها المدرسون.

فالله الله في استيعاب الطلاب واحتوائهم والرفق بهم ورحمتهم والصبر عليهم فإنه «ما رزق عبد خيرا له و لا أوسع من الصبر» كما يقوله النبي ﷺ فيما رواه مسلم في صحيحه.

وأما معشر المدراء، فيا أيها الإداريون عامة ورؤساء الإداريين المدراء خاصة اتقوا الله فيما أسند إليكم من إيتاء كل ذي حق حقه.

وأيضا عدم إيتاء من لا يستحق شيئا ليس بحقه فاتقوا الله فيما تؤتون وفيما تمنعون وحسبكم هذه القاعدة.

استعداد الطلاب للعودة إلى المدرسة

وأما أولادنا الطلاب الذين في الثانوية والمتوسطة وبالأخص أولادنا في المراحل الابتدائية فالله الله فالمجتمع ينتظركم، فإنما يكون المجتمع بأهل العلم في كل صنوف العلم.

لا غنية لعلماء الشريعة عن علماء الدنيا، كما أنه لا غنية لعلماء الدنيا عن علماء الشريعة مع تفاوت مراتبهم ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾.

يعني سخر الله بعضكم لبعض فلا ملك دولة ولا رئيس جمهورية يستغني عن عامل النظافة، ولا عامل النظافة يستغني عن ملك دولة أو رئيس جمهورية، وما بينهما لا يستغني بعضهم عن بعض ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.

على العالمين جميعا، من فضائله أنه سخر بعض الناس لبعض، وأن دفع بعضهم ببعض، دفعهم فيما؟ دفعهم في تحصيل المقاصد وفي درء المفاسد، وهذه سنة الله القدرية.

فلنكن خير دافع للخير، وخير مانع عن الشر والضير لنكون من خير البشر. أسأل الله الحي القيوم أن يجعلنا وإياكم من مفاتيح الخير من مغاليق الشر.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونثني عليه الخير كله ونشكره، ونؤمن بالله ﷻ ولا نكفره، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله الأمين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الإخوة المؤمنون فينبغي مراعاة الجانب الصحي، كما ينبغي مراعاة الجانب العلمي.

الاستعداد الصحي للعودة للمدارس

الجانب الصحي ينبغي لنا أن نولف أنفسنا وأن نولف أولادنا على العودة بما يحقق مقصود الشريعة من حفظ النفس فإن في ذلك أجرًا إذ إن الله ﷻ أمرنا في كتابه وأمرنا رسوله ﷺ بحفظ أنفسنا من التهلكة، ومن الإتلاف؛ القتل.

كما أنه جاء في السنة النبوية صريحًا بحفظ النفس حتى عما يضرها، أو عما يضر الإنسان به غير نفسه كما في الحديث الذي جاء عند بعض أصحاب السنن من مسند جملة من الصحابة، وهو حديث ثابت بمجموع الطرق «لا ضرر ولا ضرار»، وهذه قاعدة من القواعد الخمس الفقهية الكبرى الضرر يزال، وأصلها أدلة من القرآن والسنة.

فابتغوا الأجر بالاحتراز الصحي لأنه يحصل به تحقيق مقصود الشرعي في حفظ النفس مما يتلفها في من يموت، ومما يضرها في من يضرب ولو لم يمت.

فينبغي لنا أن نتخذ الاحتياطات، ووزارة الصحة هم أعلم بآلية الاحتياطات التي يتخذها الإنسان، إذا قيل التباعد فلنتباعد، أو قالوا: تقنعوا تقنعنا بما يسمى الكمامات.

وإذا قالوا اتخذوا فُرشا اتخذنا فرشا، ما لم يلزموا به فلا يلزمنا وهم اعلم بذلك لأنهم أهل التخصص.

وإذا قيل اتخذوا التطعيمات فكما سبق ذكره مما لا حاجة لإعادته وتكراره.

واسألوا الله من وراء ذلك كله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

واسألوا الله المعافاة في الدنيا والآخرة كما أمركم نبيكم ﷺ بذلك في حديثين كلاهما عند أصحاب السنن «سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة»، الحديث الثاني «اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة».

ادعوا الله بهاتين الدعوتين فإنها من أجمع الدعوات.

الدعاء

  • اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
  • اللهم إنا نسألك المعافاة في الدنيا والآخرة.
  • اللهم اهدنا وسددنا.
  • اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى بغير حساب ولا عذاب لنا ولوالدينا ولكل من له حق علينا.
  • اللهم إنا نسألك الهدى والسداد لكل ولاة أمور المسلمين كافة يا حي يا قيوم.
  • اللهم اجعلهم رحمة على رعاياهم، اللهم خذ بنواصيهم لكل خير، اللهم أنف عنهم كل شر وضير.
  • اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
  • اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


خُطَب جمعة ذات صِلة

بعد خطبة الجمعة عن الدخول المدرسي هذه؛ والتي أتتكم والتي ألقاها فضيلة الشيخ فؤاد الجهني؛ جزاه الله خيرا. نود أن نطرح عليكم مزيدًا من الاقتراحات بخطب ذات صلة بنفس موضوع خطبة اليوم.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: