الاستعدادات الأمنية للـ«الحرب» بين الأهلي والزمالك!

الأهلي والزمالك

تعمدت بالأمس مشاهدة كل البرامج الحوارية على القنوات المختلفة لأعرف كيف سيكون خطاب هذه البرامج استعدادا لمباراة القمة –كما يطلقون عليها– بين فريقي الأهلي والزمالك قطبي الكرة في مصر.. لم أكن أتخيل ما شاهدته.. فالاستعدادات ليست لمباراة وإنما لحربا ضروس: تقارير عن الاستعدادات الأمنية المكثفة لمديرية أمن القاهرة.. وتقارير عن الاستعدادات المرورية.. ناهيك بالطبع عن البرامج الرياضية “التحليلية” على حد قولهم وتوقعات كل برنامج لخطط الفريقين وتشكيل الفرق.. وختاما حديث د. خالد الجندي عن التعصب الكروي في مقدمة برنامج مصر النهارده!.

وصادف هذا اليوم اتصالي بأحد المراكز العلاجية لتحديد موعد ففوجئت بالسكرتيرة تبلغني أن المركز سيغلق أبوابه من الخامسة لمشاهدة المباراة!، وفي رحلتي القتالية اليومية للعمل فوجئت بقلة عدد السيارات وسهولة المرور؛ فسألت من حولي ما الذي حدث؟.. هل وجودت الحكومة حلا للكثافة المرورية الطاحنة؟.. ولكن للأسف عرفت أن السبب هو رغبة الكثيرين في عدم الخروج من المنزل هذا اليوم لمشاهدة المباراة.

دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ

حلقات يربطها إحساس الشباب بالفراغ والضياع حين وجدوا أنفسهم غير مرتبطين بهدف يعملون من أجله، وبالتالي فالتعصب نتيجة طبيعية للشعور بهذا الإحساس، وتذكرت وقتها “موقعة أم درمان” وكيف تم شحن الجماهير مسبقا، وما تسببت فيه هذه المباراة من خسائر مادية وبشرية وصلت لقطع أرزاق المصريين العاملين في الجزائر وغلق الشركات المصرية هناك وتدميرها، والسؤال الآن كيف وصل بنا الحال لذلك؟..

ووجدت في حديث الرسول ﷺ خير دليل على مقت التعصب ونبذ الإسلام لهذا السلوك حيث جاء في البخاري أن رجلان من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه ﷺ فَقَال: مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.

⇐ لا يفوتك أيضًا الاطلاع على: أسباب التعصب الرياضي في السعودية

الاعتدال في التشجيع والمشاهدة

ولأنني أتمنى أن يتحلى الجميع بالروح الرياضية، كما يقول أهل الرياضة، فبحثت عما يمكن أن يعلي من تلك الروح، ووجدت عددا من الأمور ربما بمراعاتها نصل إلى الاعتدال في التشجيع والمشاهدة؛ يوضحها لنا د. مسعود صبري عضو مجمع البحوث الإسلامية على موقع الجمعية الشرعية وهي:

  1. أن ندرك أن الهدف من المشاهدة؛ هو مجرد التسلية والترويح عن النفس، وأن التعصب في التشجيع يسوق إلى الحرام؛ من السب والشتم وغير ذلك؛ مما هو منهي عنه.
  2. التعصب لمشاهدة مثل هذه الألعاب يشغل المسلم عن أداء أشياء أكثر إفادة على المستوى الفردي والجماعي، كما أنه يعود بالضرر على نفسية الإنسان، مما يولد تعصبا ليس في التشجيع فحسب، ولكن في كثير من الممارسات اليومية في الحياة.
  3. على المرء أن يعود نفسه على ألا يكون أسيرا لشهوة ما أياً كانت؛ فيمكنه أن يتخلّى عن المشاهدة في بعض الأحيان، وأن يعلم أن فوز فريق ما لا يترتب عليه كسب للإنسان إنما هي حالة النشوة اللحظية، فلا نجعلها سببا في تقطيع الأوصال والروابط مع الناس.
  4. أن يعيد المرء ترتيب أولوياته، وأن يمارس بعض المشاهدات المباحة الأخرى حتى لا يكون التشجيع الرياضي وحده هو الشغل الشاغل، وأن يسعى للممارسة العملية للرياضة؛ فذلك أفضل لجسمه من التركيز على المشاهدة فقط، وأن يسأل الله أن يعينه حتى لا يكون أسيرا لنفسه ولهواه.

بقلم: وفاء محسن

أضف تعليق

error: