سنوات الزواج الطويلة.. لماذا تهرب منها الزوجات؟

تمت الكتابة بواسطة:

سنوات الزواج الطويلة.. لماذا تهرب منها الزوجات؟

بعد أكثر 25 سنة زواج.. ما الذي يحدث للزوجات؟ سؤال مجازي أثاره ما يرد على موقع أون إسلام من استشارات تتنوع في محتواها ما بين سيدات أو زوجات انقلب حالهن للنقيض؛ فإما أنهن ارتدين الحجاب وأصبحن يذهبن للمسجد لحضور حلقات الذكر ويسعين جاهدات لحفظ القرآن حتى يصبح هذا هو شغلهن الشاغل مبتعدين رويدا رويدا عن الزوج وطلباته الشرعية والغير شرعية.أو أنهن يطلبن الطلاق فيقررن ترك الأولاد والزوج بهدف التفرغ لذواتهن أو تحقيق أحلامهن أو بهدف الإنطلاق وعيش الحياة كما يجب من وجهة نظرهن، أما بعضهن فقد يذهب لشرب السجائر أو غيرها…

الهروب على سجادة صلاة

تقول إحدى الفتيات في استشارة بعنوان “أبي يخون أمي على “الفيس بوك” والدتي بعد المعاش أصبح القرآن والصلاة كل حياتها… فأصبح البيت هي في حجرة تقرأ القرآن أو بتتفرج على برنامج ديني وغالباً صائمة، ووالدي في حجرة أخرى على الإنترنت يتصفح الصحف.. كما أصبحت والدتي مقصرة لا تهتم بنفسها أبدا”.

وفي استشارة أخرى بعنوان ” التزام أمي سبب تعاستي” تقول الابنة: المشكلة الحقيقية هى علاقة أمى بأبى دايما تتخانق معاه ودايما تقوله قوم صلي، على فكرة والدى مش على درجة دينيه كويسة كده زى ماما، وعلى الرغم إن ماما متدينة لكن عمرى ما شفتها بتعمل زى ما ربنا قال إن الزوجة لازم تهتم بزوجها وتتزين له وهكذا دايما أقول لماما اهتمى بمظهرك وشكلك وبلاش تتخانقى كل يوم الصبح مع بابا.. ولكن مفيش فايدة بابا بيبعد يوم عن يوم عننا أكتر وبقى دايما يعامل ماما بطريقة وحشة وأصبح مفيش تعامل بينهم.. وأنا مضايقة من ماما لأنى حاسه إن أسلوب تدينها بيضر أسرتنا وبيبعد بابا عننا أكتر.. ”

وفي استشارة ثالثة بعنوان “بعد 25 سنة ..زوجتي تدخن!” يقول أحد الأزواج: بعد حياة زوجية لمدة خمسة وعشرين سنة اكتشفت أن زوجتي تدخن، وسألتها لماذا هذا، هنا ردت علي أن نفسيتها غير مستريحة فزعلت من هذا الرد، وقلت لها هل الذي نفسيته غير مستريحة يدخن.”

أما بالنسبة لطلب الطلاق فقد تعددت الاستشارات التي يشكو فيها الزوج زوجته، لأنها بعد 25 سنة أو ما يزيد فإنها تطلب الطلاق، ليس لسبب محدد ولكنها كمن يصحو من النوم فجأة وقد اكتشف أن حياته كلها لم تكن تعجبه فيقرر أن يترك كل شىء خلفه ويذهب لعيش تلك الحياة التي كان يتمناها.

تقول إحدى الزوجات: كنت قبل زواجي شخصية خجولة جدا وكنت منغلقة على نفسي بشكل كبير.. أجلس بالمنزل فترة طويلة، كان زوجي وأولادي يهتمون بي ولكني كنت أشعر أنني قطعة ديكور أو أساس بالمنزل ليست لي أهمية، بعد فترة بدأت أشعر بالضيق من حياتي كلها وما ساعدني أن أولادي كانوا قد كبروا ويستطيعون الاعتماد على أنفسهم، فطلبت الطلاق وقررت تغيير مجرى حياتي كله.. فابتعت سيارة وبحثت عن عمل وغيرت من طريقة لباسي الكئيبة وقررت عيش ما تبقى من حياتي بالشكل الذي أريد حتى وإن لم يكن يعجب الكثيرين.

فن الاستمتاع بالحياة

يقول د.عمرو أبو خليل الطبيب النفسي: السبب الرئيسي وراء انقلاب الزوجات وتطرفهن في اختيار الطلاق أو التدين المزيف في بعض الأحيان هو عدم استمتاعهن بحياتهن الزوجية في كل مرحلة منها على حدة؛ بما يشعرهن بعد فترة أن حياتهن وشبباهن ضاع هباء وأن الحل الوحيد يكمن في كيفية الهرب منها إما بالسعي إلى الالتزام وحفظ القرآن والتقرب من الله وإهمال ما دون ذلك أو بطلب الطلاق وعيش حياة مختلفة عما كانت تعيشها من قبل، فالتدين أو الالتزام بالشكل السليم لا يعني إهمال الزوج ولا الأبناء، ولا حتى يعطي الحق في أن تقصر الزوجة في حق نفسها، كما أن الدين لا يعني عدم الإقبال على الحياة.

هذا النوع من التدين ناتج عن فهم خاطىء، كما أنه يمثل في بعض الأحيان حالة من الهرب من الواقع بعد أن تصل الزوجة لسن معينة ويكبر الأولاد وتحال المرأة على المعاش، فنحن كمجتمع مصري ننشغل دائما بالعمل وجمع المال اللازم للحياة، وعندما ينتهي كل ذلك ويكون هناك وقت فراغ  نفشل في إدارة علاقة مع الأبناء ومع الزوج أو الزوجة، فيكون الهرب حلا وحيدا في أحيان كثيرة.

إذن غياب ثقافة التفاهم والاستمتاع بالوقت والحياة هي السبب الرئيسي وراء شعور الكثيرات بعد سن اليأس أنهن يقتربن من الموت ولم يحققن أي شىء على المستوى الشخصي ربما نجحن في تربية ابنائهن ولكنهن يعتبرن ذلك جاء على حساب شبابهن لأنهن ببساطة لم يعشن حياتهن كما يجب.

بينما الأمر مختلف تماما لدى الأجانب فعندما نذهب للأماكن السياحية نلاحظ وجود أزواج وزوجات كبار في السن، فبعد أن كبر أبنائهم وأنجزوا جل مهامهم يذهبون هم كزوجين لإنجاز خططهم المعلقة فيكثروا من الرحلات والسفر والتقرب من بعضهم البعض، وهذه الثقافة غير موجودة لدينا لذا فعندما يصبح هناك وقت فراغ نفضل أن نقضيه بعيدا عن الزوج وعن الأولاد.

التطرف حلاً

يقول أبو خليل أن الزوجات ممن يخترن التدين أو ممن يخترن الطلاق أو الانطلاق لعيش حياتهن هن نساء يعانين من نفس المشكلة وأنهن يخترن التطرف حلا، أما الوسطية فهي تعني عيش الحياة لحظة بلحظة والاستمتاع بكل مرحلة فيها حتى لا يأتي وقت نشعر فيه بأن حياتنا سرقت لصالح الآخرين سواء الزوج أو الأولاد، فالزوجة تستمع بحياتها وبأدوارها المختلفة تجاه الزوج وتجاه الأولاد وتجاه نفسها، صحيح أن هناك أولويات في حياة كل واحد لكن من المهم ألا يطغي جزء على جزء.

ولو كان هناك تطور طبيعي للزوجين فإنه يحدث لهما معا ومع بعضهما البعض نتيجة العشرة والمودة والرحمة والحب التي تملء حياة الآباء البسطاء العاديين، فالحياة الزوجية حزمة على بعضها من المشاعر والمهام وليست عبارة عن أشياء منفصلة تعلو مصلحتنا فيها، لذا فعندما تفقد الزوجة جزء من رشاقتها لا تشعر أنها أصبحت بلا قيمة، فهنا تأتي أهمية وقيمة العشرة والوليف في الحياة. وكذلك عندما يمرض أحد الزوجين يقوم الآخر بتمريضه، لأن الحياة الزوجية حالة من التآلف.

ويؤكد أبو خليل على أن غياب القيمة المجتمعية هي من أدى لظهور مثل تلك الأزمات، فظواهر التفسخ الاجتماعي تعبر عن نفسها في تجليات مختلفة ومتطرفة وشاذة كإحساس الناس بالزهق والتمرد على الحياة، ولحل تلك الأزمة لابد من حياة متوازنه يجيد فيها الناس فن الاستمتاع بالحياة، وأن يكون لكل مرحلة طبيعتها في طريقة الاستمتاع بها.

“قانون التراكمات”

من ناحيتها تقول سمر عبده —المستشارة الاجتماعية— أن تمرد النساء بعد فترة من الزواج قد يكون نابعا من عدم رضائهن عن العلاقة الزوجية من الأصل، ولكنهن يصبرن حتى تنتهي مهمتهن الخاصة بتربية الأولاد وتزوجيهم.

وقد يكون السبب نابعا من “قانون التراكمات”؛ والمقصود به تراكم المشكلات الصغيرة داخل كل من طرفي الزواج وخصوصا الزوجة وعدم التوجه لمعالجتها أو التخلص منها والتطهر منها، وهذا يجعل الزوجة بعد فترة معينة لا تحتمل ربع أو ثمن ما كان يحدث معها من قبل “كالقشة التي تقسم ظهر البعير” فالتراكمات الكثيرة الغير معالجة تؤدي في النهاية إلى القضاء على ظهر البعير وهو هنا العلاقة الزوجية.

وتضيف عبده قائلة: أن الأزمة تتصاعد في وقت سن اليأس ولكن في الحقيقة أصلها كامن طول الوقت في الزواج، فطبيعة سن اليأس بما تحمله من تغيرات في الحالة المزاجية والنفسية وفي نفس الوقت موقف المجتمع الذي يحمل شعار “كبرنا على الكلام ده” وأن الحب والعلاقة الخاصة والاهتمام بالذات انتهي وقته و”يلا حسن الختام” يشجع على ظهور هذه الحالة من الانسحاب من الحياة الزوجية بشياكة بحجة “أنا مع ربنا ..عندك مانع”.

إليك أيها الزوج

أما محمد جمال عرفة —المستشار الاجتماعي بموقع أون إسلام— فيقول أن معرفة السبب وراء تقلب هؤلاء السيدات تؤدي بنا إلى معرفة الحل، فقد تشعر الزوجة برتابة الحياة مع الزوج، أو عدم ارتياح من جانبها في علاقتها الزوجية.

وعلى كل زوج يلاحظ على زوجته أي تغيير أن يسألها بصراحة وهدوء عن السبب، وليكن في لقاء هادئ خارج المنزل كنوع من الفضفضة: اسألها.. هل هناك ما يغضبها منك في المنزل؟، وهل علاقتكما الزوجية والجنسية تسير سيرا حسنا أم لا؟، وهل لديها مشاكل في العمل؟.. ولتبدأ من الأسئلة السهلة عن عملها وظروفها في المنزل وحالتها النفسية عموما، ثم تعرج على المشاكل التي يمكن أن تكون أنت كزوج سببا فيها من حيث لا تدري كالعلاقة الزوجية.

فهناك مشاكل كثيرة تعاني منها الزوجات —كما علمتنا التجارب— ولا يعلم عنها الزوج شيئا أو يتجاهلها، وهذه المشاكل تدفع الزوجة لكراهية معاشرته أو البقاء معه في المنزل خصوصًا مسألة الإشباع الجنسي للمرأة التي لا يراعي الكثير من الأزواج الطرق الصحيحة فيها ولو بسؤالها مباشرة بلا حرج، وهناك أيضا مشاكل اجتماعية أخري تتعلق بإهمال الزوج للزوجة وفتور الحب بينهما في الوقت الذي قد تحتاج فيه الزوجة لهذا الحب والسؤال عنها لتخرج من حالتها النفسية السيئة.

وعلى هذا – والكلام مازال للمستشار— فربما يكون “تدخين” الزوجة مثلا كنوع من التمرد مجرد وسيلة للتنفيس عما بداخلها من غضب أو عصبية أو عدم رضاء عن العلاقة، أو رد فعل طبيعي على حالة الفتور الزوجي والفراغ الذي تعاني منه الزوجة لعدم شغل زوجها لهذا الفراغ.

ويؤكد عرفة على أن الحل باختصار – أو الدواء— يتلخص في أن يقدم الزوج على توفير جو عائلي هادئ لزوجته، وأن يرتب للخروج معها في لقاء خاص بدون الأولاد يكون بمثابة تغيير لها تذهب فيه إلى مكان تحبه كنوع من استعادة أيام الشباب والزواج الأولى، ثم يجلس الزوجان للنقاش في مكان هادئ، ويترك لها الزوج الأمان والحرية كاملة في الحديث بلا خجل أو غضب وأن يصبر على ما تقول.

يسألها عما يغضبها ولماذا هي تعيسة ولماذا نفسيتها سيئة؟ يسألها بدون أن تغضب هل هي راضية عن علاقتهما الحميمية والأسرية أم لا؟ وما الذي تشكو منه بدقة في هذا الأمر؟ قل لها إنك في هذه اللحظة مستعد لتنفيذ كل ما تطلب بدون غضب أو حرج لو كان هناك تقصير منك كزوج، فهذا حقها عليك كزوجه وأم أولادك، وتبدأ أنت إصلاح العلة الأساسية، التي قد تتسبب في أي عرض قد لا يرضي الجميع.

بقلم: ليلى حلاوة


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: