الميتوكوندريا في الخلايا وفي الإنسان

تمت الكتابة بواسطة:

عضيات الميتوكوندريا

العضيات المحاطة بأغشية تتواجد في الخلايا حقيقة النواة فقط، ولا توجد في الخلايا بدائية النواة. وعند الحديث عن الخلايا حقيقة النواة أول ما يخطر لكم هو وجود نواة محاطة بغشاء. وجود حمض النووي DNA بداخل هذه النواة.

لكن العضيات في الخلايا حقيقية النواة لا تقتصر على النواة محاطة بغشاء فقط، بل يوجد عدد من العضيات الأخرى المحاطة باغشية كذلك كالميتوكوندريا، والتي في المرتبة الثانية بعد النواة من حيث الأهمية بالنسبة إلى الخلية.

في الحقيقة فإن كلمة ميتوكوندريا بالإنجليزية تُشير إلى الجمع، أي؛ عدد من عضيات الميتوكوندريا، في حين أن المفرد منها يسمى ميتوكوندريو، لكننا نستخدم كلمة ميتوكوندريا بشكل أكبر.

لأننا نتحدث عن هذا النوع من العُضيات بشكل عام. يُشبه العلماء ميتوكوندريا بمراكز توليد الطاقة في الخلية؛ وذلك لأنها المسؤولة عن إنتاج جزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات والذي يرمز له بالرمز ATP.

يعتبر العلماء هذا الجزيء عمله نقل الطاقة في الخلية، فهو يتكون من روابط غنية بالطاقة بين مجموعات الفوسفات الثلاثة المكونة له. وعندما تحتاج الخلية إلى طاقة، فإنها تكسر إحدى هذه الروابط لإطلاق الطاقة.

وينتج عن ذلك؛ جزيء أدينوسين ثنائي الفوسفات، بالإضافة إلى جزيء فوسفات حر، وهذا ما يحدث في أجسامكم عند حاجتها إلى الطاقة للقيام بنشاط معين كالحركة والتفكير وغيرها من الأنشطة.

نُدرك من ذلك مدى أهمية الميتوكوندريا للخلايا؛ فهي تزودوها بالطاقة عندما تحتاج إليها. لهذا السبب تتواجد الميتوكوندريا بأعداد أكبر في خلايا العضلات وخلايا الأعضاء التي تحتاج إلى طاقة أكثر.

سبب وجود الميتوكوندريا في الخلايا

تعلمون أن الخلية هي؛ وحدة بناء الأجسام الحية وفقا لنظرية الخلية. وبالنسبة للميتوكوندريا فإن أكثر النظريات شيوعاً حول تفسير وجودها في الخلية؛ هي التي تفيد بأن الميتوكوندريا كانت عبارة عن كائنات حية دقيقة شبيهة بالبكتيريا، وتعيش بشكل مستقل.

وفي مرحلة ما من مراحل التطور الطبيعي للكائنات ابتلعت إحدى الخلايا حقيقية النواة الموجودة آنذاك واحدة من هذه الكائنات الدقيقة. وبدلاً من أن تتمزق داخلها وتتحول إلى أشلاء، أو أن تُهضم وتؤكل أصبحت جزء من الخلية وبقيت على قيد الحياه بداخلها في علاقة تكافلية.

وذلك بسبب قدرتها على القيام بعدة أشياء؛ كاستخدام الجلوكوز، وتوليد الطاقة. واستمرت إلى يومنا هذا في الوجود على شكل عُضي يعيش بداخل الخلايا حقيقية النواة بعلاقة تكافلية. وعليه؛ فإن وجود الميتوكوندريا بداخل خلية ما يدل على أنها خلية حقيقية النواة.

تركيب عُضي الميتوكوندريا

تتكون أغشية الخلايا، وأغشية العضيات من دهون مفسفرة، وتكون على شكل طبقة مزدوجة.

إذاً الأغشية عبارة عن طبقة مزدوجة من الدهون المفسرة.

الميتوكندريا

وفي الصورة التي أمامكم نوضح فيها الطبقة المزدوجة من الدهون المفسرة. فالرؤوس المحبة للماء تتجه للخارج، أما الذيول الكاره للماء تتجه إلى الداخل، وهكذا تبدو الطبقة المزدوجة من الدهون المفسرة، لو أخذتم مقطعاً عرضياً للغشاء الموضح بالصورة.

لا تقتصر أغشية الخلايا والعضيات على الدهون للمفسرة فحسب، بل يوجد في هذه الأغشية مجموعة من البروتينات والأنزيمات. كل هذه الأغشية تحتوي على مجموعة من البروتينات والأنزيمات المضمورة فيها.

ومن هنا؛ فالميتوكوندريا هي عبارة عن عضيات داخل الخلايا تمتلك تركيباً معقداً بحد ذاتها.

فهي لها مجموعتها الخاصة من البروتينات والأنزيمات، والقادرة على تنظيم ما يجري بداخلها وخارجها.

أحد أنواع هذه البروتينات الموجودة في الغشاء الخارجي للميتوكوندريا هو الميتوكوندريا، وهذا النوع لا يوجد في الميتوكوندريا فقط.

تتميز هذه البروتينات ببنائها الخاص واحتوائها على قنوات، مما يجعلها تعمل كأنابيب صغيرة في الغشاء الخارجي للميتوكندريا.

لا تسمح هذه البروتينات بعبور الجزيئات الكبيرة من خلالها؛ بينما تسمح للجزيئات الصغيرة؛ كالسكريات والأيونات بالعبور إلى داخل الميتوكوندريا. ولذلك فإن تركيز الأيونات، وجميع الجزيئات الصغيرة متعادل على جانبي الغشاء الخارجي.

بالإضافة؛ إلى الغشاء الخارجي، هناك غلافُ داخليُ أيضاً للميتوكندريا. وينثني الغلاف الداخلي بطيات نحو الداخل، مما يزيد من مساحة سطحه، ويبدو بشكل مجعد.

لجدير بالذكر أن؛ سطح الغشاء الداخلي مهم للغاية؛ فهو يحتوي على مجموعه البروتينات التي تعرف بسلسلة نقل الإلكترون، والتي تساهم في عملية إنتاج جزيء الطاقة ATP

وهنا تكمن أهمية هذه المساحة الإضافية للغشاء الداخلي. تُدعى هذه الثنيات أو التجعدات في الغشاء الداخلي بالأعراف والواحدة منها تُسمى عرف.

والغشاء الداخلي بحد ذاته هو أيضاً؛ عبارة عن طبقة مزدوجة من الدهون المفسفرة، والمنطقة بين الغشاء الداخلي والغشاء الخارجي تُسمى بالحيز ما بين الغشائين.

يتعادل تركيز الجزيئات الصغيرة في هذا الحيز مع تركيزها في العصارة الخلوية خارج الميتوكوندريا؛ والسبب يعود إلى بروتينات البورين التي تسمح لهذه الجزيئات بالعبور.

إلا أن تركيزها في هذا الحيز مختلف عن تركيزها في الجانب الآخر من الغشاء الداخلي، وذلك بسبب عدم وجود بروتينات البورين في جداره.

هذا الاختلاف في التركيز ضروري للعمليات التي تقوم بها سلسلة نقل الإلكترون، فالاختلاف في تركيز هذه الأيونات بين الحيز ما بين الغشائين والجانب الآخر للغشاء الداخلي يساهم في إنتاج جزيء الطاقة ATP

ما يحدث هو أن أيونات الهيدروجين H موجب تنتقل عبر بروتين أو إنزيم خاص، وهوة إنزيم إنتاج ATP.

وتنتقل من هذا الجانب حيث تتركز بشكل أكبر إلى داخل الميتوكوندريا، أو الجانب الآخر من الغشاء الداخلي عن طريق إنزيم إنتاج الـ ATP مما يُساهم في إنتاج جزيء الطاقة ATP.

حشوة الميتوكوندريا

يكون تركيز البروتينات في منطقة الحشوة أكبر منه في العصارة الخلوية خارج الميتوكوندريا، لذلك فالحشوة أكثر لزوجة من العصارة الخلوية.

وجميعنا يعلم أن التنفس الخلوي له عدة مراحل؛ أولى هذه المراحل هي مرحلة التحلل السكري؛ ويحدث هذا في العصارة الخلوية للخلية.

لكن المراحل الرئيسية الأخرى لعملية التنفس الخلوية، كدورة حمض الستريك مثلاً المعروفة بحلقة كريبس، فهي تحدث في حشوة الميتوكوندريا.

وتعرفنا سابقاً عن سلسلة نقل الإلكترون؛ وهي مجموعة من البروتينات المضمورة في جدار الغشاء الداخلي أو جدار الأعراف.

تقوم بالعمليات المسؤولة عن إنتاج معظم جزيئات ال ATP، ومن خصائص الميتوكوندريا المثيرة للاهتمام أيضاً هو وجود DNA خاص بها.

وقد ذكرنا أن الميتوكوندريا كانت شكل من أشكال الحياة، وأنها عاشت بشكل مستقل كالبكتيريا قبل ابتلاعها من قبل إحدى الخلايا حقيقية النواة، لتعيش بداخلها بعد ذلك ضمن علاقة تكافلية.

وحتى يعتبر أي كائن شكل من أشكال الحياة لا بد له من طريقة لنقل معلوماته وخصائصه الوراثية. وبالفعل فإن الميتوكوندريا لديها حمض نووي خاص بها، وهو ما يعرف ب DNA الميتوكوندريا، أو الحمض النووي الميتكوندري، وتحتوي الميتوكوندريا على أكثر من نسخة منه.

يتخذ الحمض النووي الميتوكندري شكل حلقات، تماماً كالحمض النووي في خلايا البكتيريا الموجود في النواة، وهو قريب جداً من الحمض النووي البكتيري، وبينهما العديد من الخصائص المشتركة مما دفع العلماء للاعتقاد بأن عضيات الميتوكوندريا السابقة، والتي عاشت بشكل مستقل. بما كانت شكلاً من أشكال البكتيريا، أو لها علاقة بها.

على الرغم من أن غالبية الحمض النووي الخاص بكم يتواجد في نواة الخلايا في أجسامكم، إلا أن جزءاً من الحمض النووي الوراثي موجود في عُضي الميتوكوندريا.

الميتوكوندريا في الإنسان

المفيد أن تعرفوا أيضاً أن الإنسان يرث الميتوكوندريا والحمض النووي الخاص بها من جانب الأم؛ ذلك لأن البويضة البشرية تحتوي على عدد هائل من عضيات الميتوكوندريا.

في المقابل فإن الحيوان المنوي يحتوي على عدد قليل مقارنة بالذي في البويضة.

يحتاج الحيوان المنوي إلى الطاقة التي تمده بها الميتوكوندريا، لأن عليه التنافس بشدة لاختراق هذه البويضة وتخصيبها.

وما وصل إليه العلماء إلى هذا اليوم هو؛ أنه عند إخصاب البويضة من قبل الحيوان المنوي فإن عضيات الميتوكوندريا الخاصة بالحيوان المنوي يتم هضمها وتحليلها بداخل البويضة بمجرد دخوله إليها.

بذلك فإن الميتوكوندريا التي يرثها الإنسان هي التي من طرف الأم، وبما أن الميتوكوندريا لديها DNA خاص بها فهي قادرة على إنتاج RNA خاص بها أيضاً، بالإضافة إلى الرايبوسومات والتي تتواجد في الحشوة.

إلا أن الميتوكوندريا لا تنتج جميع البروتينات الموجودة فيها بنفسها، فالكثير منها يتم انتاجه خارج الميتوكوندريا وفقاً للصفات الوراثية المشفرة في الحمض النووي DNA الموجود في النواة.

ثم تدخل هذه البروتينات بعد إنتاجها إلى داخل الميتوكوندريا، ونُلاحظ كم هي مذهلة، فهي تعيش في علاقة تكافلية بداخل الخلايا، كما أن لها القدرة على الانقسام ومضاعفة ذاتها.

والصورة التي عرضناها سابقاً للميتوكندريا شبيه بمعظم ما ترونه في الكتب المدرسية.

لذا سنعرض صورة مجهرية لعُضي ميتوكندريا حقيقي وتوضح هذه الصورة الأجزاء التي تحدثنا عنها، وكذلك الأعراف، وكيف تنثني إلى الداخل.

صورة مجهرية للميتوكندريا

كما يوضح هذا الرسم المتطور أكثر إلى اليمين أن الأعراف ليست عبارة عن ثنيات بسيطة في الغشاء الداخلي فحسب، بل يوضحُ أنها تمتد إلى الداخل بطريقة تجعلها تبدو وكأنها مشبوكة بالحشوة.

كما يوضح الرسم أن لدى الغشاء الداخلي قنوات تصل تجويف الأعراف بالحيز بين الغشائين.

وتلاحظون الفرق بين الرسم البسيط الذي اعتدتم رؤيته في الكتب المدرسية، وبين هذا النموذج المتطور؛ الذي يُظهر التقاطعات بين الأعراف، وكيفية امتدادها في الحشوة.

وعليه فإن الرسم المبسط للميتوكندريا لم يعد مقبولاً لتمثيلها، لأنه لا يعكس شكلها الحقيقي.

وعندما تدرسون الميتوكوندريا وتنظرون إلى هذه الرسوم التي تمثلها، ربما تعتقدون أن العلماء يعرفون الآن كل شيء عنها.

لكن الواقع هو أنهم ما زالوا يبحثون في بناء الميتوكوندريا لفهم تركيبها بشكل أفضل، ومعرفة كيف يساعدها هذا التركيب في أداء وظائفها بهذا الشكل الرائع والمنظم للغاية.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: