التعرض لنفحات شهر رمضان المبارك

صورة , شهر رمضان , رمضان كريم , الهلال

تسألون عن معنى نفحات رمضانية! نعم؛ الله عز وجل كريم، والكرم أحد الصفات الثابتة له سبحانه وتعالى، لذا يجود على عباده الصالحين وغيرهم بفيض عطائه ورحماته ونعمه التي لا تنقطع عنهم أبدًا، ومن كرمه أن أفاض علينا فوق العطايا عطايا وفوق النعم نعمًا أخرى يتعهدنا بها في مواسم معينة وأحايين متفرقة، وهذه هي النفحات التي جاء ذكرها في أحاديث النبي -صلى اله عليه وسلم-، وقد أوصانا باغتنامها والتعرض لها بهدف تحصيل خيري الدنيا والآخرة.

وهنا سيدور حديثنا عن معنى النفحات ومفهومها ومواسمها التي على رأسها شهر رمضان المبارك، وكيف يتعرض لها المسلم ويحسن اغتنامها، داعين الله عز وجل أن يجعلنا وإياك عزيزي القارئ ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

ما هي النفحات؟

قد يتساءل متسائل عن معنى النفحات أو المقصود بها، فنجيب إن النفحات هي فتح أبواب العطاء المتوقعة وغير المتوقعة، وبلوغ الكرم قمته، فيكون العطاء بلا حدود ولا قيود ولا شروط، بل هو فيض من الكرم يشمل المعطي به كل من يشاء ممن يحتاجون عطائه ويتأملون في كرمه، وقد اخذت لفظة “نفحة” من معنى الريح الطيبة التي تهب بلا توقع، وإذا كانت النفحات من بشر إلى بشر داعيًا من دواعي السعادة والبشر والرضا فما بالنا إذا كانت النفحات من رب كريم يعطي عباده عطاء من لا يخشى الفقر ولا تهدده الفاقة، فحين تأتي النفحات من رب العباد تكون أكبر وأعظم وأرجى وأبقى وأطيب.

ومن تمام معنى النفحات ومعرفة المقصود بها أن نعرف أن هناك فارق بين العطاءات والخيرات، فالنفحات التي تعني العطاءات هي عطاءات معنوية غير ملموسة، كأن ينزل الله سكينته على قلب عبد من عباده فيبدله محل الخوف أمنًا وسلامًا، فلا يشقى ولا يحزن أبدًا، أما الخيرات فهي الرزق الملموس والنعمة المحسوسة، كالمال والصحة والولد وغيرها.

نفحات شهر رمضان العطرة

لا شك أن شهر رمضان على رأس مواسم البركة والخير والسعادة جميعها، فقد خصه الله بفضائل لم يخص بها غيره من الشهور، ومن أمثلة تلك النفحات أن يقيد الله في ذلك الشهر الكريم الشياطين ويغلهم، ويقي المسلمين من ويلات وسوستهم، ومنه ذلك الإقبال الإلهي الذي تطيب به الحياة على كل مسلم، فالله ينادي عباده للتوبة ويفتح أبواب القبول على مصراعيها لعل أحد عباده أن يغتنمها ويدخل فيها، فلا يشقى بعد ذلك بكل ذنوبه التي أثقلت كاهله.

ومن نفحات رمضان العطرة تلك الليلة الخاصة التي أهدى الله بها عباده كفيض غير محدود من العطاء والكرم، فهي ليلة تعدل العبادة فيها عبادة سنوات في غيرها، وهي ليلة لا يرد فيها سائل ولا تائب لا مستغفر ولا ذي حاجة من حوائج الدنيا ولا الآخرة إلا مجبور الخاطر قد أوتي سؤله وتحقق مطلبه.

ومن نفحات الله أن يمن على عباده بحلاوة الإيمان فيجدون في القرب من الله لذة وفي محراب عبادته متعة لا تدانيها متع الدنيا ونعيمها، ويرى في الأنس بالله أنسا ينفي عن القلب أي وحشة، وفي القرب منه موطن لا يعرف الغربة ولا الوحدة.

كيف نتعرض لنفحات الله في شهر رمضان الكريم؟

ورد عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)، فهذا أمر من النبي –صلى الله عليه وسلم- لكل المسلمين أن يحرصوا على التعرض لنفحات الله، فلا يتركوا بابًا من أبواب رحماته إلا يطرقوه فلا يتركوا لحظة من لحظات استجابة الدعاء إلا ويغتنموها، ولا يتركوا وعدًا من الله بقبول التوبة إلا ويغتنموها أيضًا.

والتعرض لنفحات الله في رمضان يعني حسن الاستعداد للشهر وتعمير كل لحظة من لحظاته بالذكر وتلاوة القرآن والصلاة، والدعاء والصدقات وكل ما يتيسر من الأعمال الطيبة والصالحة، حتى إذا ما حانت نفحة من نفحات الله حاز فضلها ونال بركتها، ووفق إليها سواءً كان عارفًا لها أو غير عارف، منتبهًا لها أو غير منتبه.

وختامًا: نعود فنؤكد أن شهر رمضان منحة ربانية غالية وعطاء إلهي عظيم، يحرص عليه المؤمنون والصالحون ويعرف قيمته الباحثون عن سبل النجاة من مهالك الدنيا والآخرة فيجب أن كون منهم.

أضف تعليق

error: