سفرية.. من أجل الاحتفاء بالسنة الميلادية الجديدة 2024

أنحاء مختلفة من العالم تستعد للاحتفاء بالسنة الميلادية الجديدة 2024، بشموعها المعهودة، وهداياها المعروفة، ولكن الجديد ليس في حلول سنة، وتواري أخرى، ولا في عدم السماح بمظاهر احتفالية في الداخل، لمعارضتها للشرع الإسلامي، كما ليس جديدا حرص الأهالي على منع أبنائهم من التعاطي مع الواقع الاحتفالي بصورة التقليد الأعمى، ولكن الجديد بات في مدى الإقبال على الاحتفالات السنوية، ليس في الداخل بل في الخارج.

بعض الشباب السعوديين باتوا يتعاطون مع روح الاحتفالات بواقع جديد، اسمه «احتفال وإلا»، وفيما تشهد المملكة حركة نزوح غير اعتيادية لما وراء البحار والحدود في صيف كل عام، باتت احتفالات ليلة رأس السنة عادة يحتفل بها البعض، فإن تسنى لهم في الداخل خفية، فهلا، وإن لم يكن فالجهر في الخارج «أسلم».

وما دامت الاحتفالات في هذه السنة 2024، ربما تشابهت مع احتفالات بداية العام الماضي 2022، والمتوافقة مع إجازة نهاية الأسبوع للموظفين والمدارس، والمتمثلة ابتداء من نهاية دوام اليوم الأربعاء والخميس والجمعة، فإن شكل الاحتفال حتما يأخذ منحى آخر.

في إحدى البلدان العربية الشهيرة بالسياحة، بدأ الترويج لاحتفالات ليلة رأس السنة أملا في كسب مسبق للغلة الخليجية، قبل أيام من السنة الميلادية الجديدة.

قالوا في الإعلان المكتوب والمسموع والمرئي: «يستعد فندق «..» لاستقبال رأس السنة بتزيين لوبي الفندق وجميع المطاعم بديكورات رأس السنة، وإعداد قوائم طعام خاصة لهذه المناسبة لتناسب كل الأذواق، كما سيقام حفل كبير يحضره كل نزلاء الفندق في قاعة «..» لإضاءة شمعة رأس السنة وسط الأنوار والديكورات الملونة الخاصة بهذه المناسبة، والاستمتاع بأغاني رأس السنة التي يقدمها فريق كورال أطفال، وذلك في وجود بابا نويل في موكب خاص حاملا الهدايا والحلوى ليوزعها على الأطفال والتقاط الصور التذكارية معه في جو من المرح والسعادة، كما استعدت إدارة الفندق بقائمة طعام متميزة تضم أشهى أطباق المنطقة، وذلك على أضواء الشموع وأنغام الجيتار والفلوت الساحرة في جو رومانسي ساحر، هذا بالإضافة إلى البوفيه المفتوح الذي يضم العديد من الأطباق الباردة والساخنة وبوفيه خاص للحلويات الشهية في مطعم التراس كافيه المطل على المنظر الساحر».

وفي دولة خليجية مجاورة، على ذمة صحيفة الديلي ميل البريطانية فإنه تم تجهيز أغلى شجرة في العالم، لهذا العام، تقدر قيمتها بنحو سبعة ملايين جنيه استرليني.

ولأن الشجرة غير اعتيادية، ومن المزمع تقديمها لموسوعة جنيز للأرقام القياسية، فإنهم قالوا «سبب قيمتها المرتفعة تطعيم هذه الشجرة التي يصل ارتفاعها إلى 13 مترا بعدد 181 قطعة من الألماس والذهب والأحجار الكريمة من زمرد وياقوت ولؤلؤ، وأوضح المدير العام للفندق الذي يعرض الشجرة أن تكلفة الشجرة نفسها وصلت ل عشرة آلاف دولار، والمجوهرات بقيمة 11.5 مليون دولار، ولأن الفندق يعتبر من أفخم فنادق العالم، حيث يحمل تصنيف سبع نجوم، فإن لديهم باقة سياحية فاخرة في الفندق لمدة سبعة أيام بقيمة مليون دولار. حيث إنه يعد ثاني فندق في العالم بعد أحد فنادق ألمانيا الذي يحوي آلة صرف ذهب مماثلة لتلك التي تصرف النقود».

لا حجوزات

كل تلك الملامح الدعائية، دفعت الأمر محليا للتصعيد، فالاحتفالات تتوافق مع الإجازة السنوية، والفنادق تقدم أفضل العروض، والدول تعرض أفضل المزايا، فماذا بعد؟

فحص سريع على واقع الحجوزات الجوية من الرياض وجدة والدمام، باتجاه ثلاث دول تشمل بيروت ودبي والقاهرة على الترتيب كشفت الأمر، حسب اعترافات أحد المختصين في مجال الحجوزات «ذهبوا فرادى وجماعات، ولم يكن في المشهد ما يمكن أن يجعل أحدا يتخلف، خاصة أن العرض يشمل يومين وثلاثة، والمستهدف الشباب السعودي، لأن الأجانب من غير المسلمين، قلة منهم التي تعود لأهاليهم في هذا التوقيت، والكثير منهم يفضل الاحتفال في ديارهم، وليس في فنادق الدرجات من الألف إلى الياء».

سألنا المختص برحلات السفر الذي فضل الانزواء خلف إخفاء الاسم منعا للإحراج، إن كانت المقاعد شاغرة، فلم يتردد في التأكيد على أن الأسعار ارتفعت: «بعض خطوط الطيران العربية وضعت ما يسمى بالباكيج ليشمل تذكرة السفر والإقامة في الفندق بخيارات من أربع وخمس نجوم، أما ما يفضح العرض فتلك الأيام المعدودات، يمكنك أن تتأكد من ذلك، عبر الاتصال بأرقامهم، يعرضون عليك اليومين والثلاثة أيام بسعر لا يزيد على ثلاثة آلاف ريال، صحيح أن من حقهم التسويق، لكن المفترض ألا تتم المزايدة على أخلاقيات أمة، فكم من الأجانب من يريد السفر في هذا التوقيت؟ ذكرني الأمر بالعروض الصيفية التي تنشط فيها وكالات السفر والسياحة».

حقيقة أم خيال

عدنا للشارع، لتفحص الوجوه، سألنا الشباب، ما إذا كان هناك موعودون برحلات مماثلة، فلم نجد الخوف من القول لا، وإن كان الحياء يمنع قولها جهرا أمام أولياء الأمور.

«وما الذي يمنع؟» سؤال أعاده إلينا شاب في العشرينات من عمره، وإن كانت تبدو عليه ملامح تفضيل الاحتفالات داخليا.

وواصل رامي العامري «لن أقصد السفر لدولة ما، لكنني أعرف الكثيرين الذين بدؤوا في حساب الدقائق الأخيرة قبل السفر، هناك يرون أنهم يجدون أنفسهم وحياتهم الشبابية، لا تقل لي على حساب شيء، فهم لا يعرفون شيئا، فالمهم الاحتفال فقط، وما عدا ذلك خارج الحسابات».

لكن رامي الذي يرى أهمية الحفاظ على القيم في احتفالات الداخل، يشدد على أنه عازم على عدم ارتكاب أي محظور شرعي.

بادرناه، إن كان لا يرى في الاحتفال بحد ذاته محظورا شرعيا، فرد «لا أخوض أبدا في أي مخالفات شرعية أو ممارسات غير لائقة، إنما أكتفي فقط بأجواء الاحتفالات والبهجة والسرور، ربما تعطيك مظاهر الاحتفال في المدن والشوارع أجواء خيالية، ما يجعل الأمر أكثر حماسا، فالشوارع المزينة، وما تعرضه المحال من عروض لماركات عالمية كالساعات ومواد التجميل والعطور وغيرها من السلع التي يكثر الإقبال عليها في هذه الفترة من السنة، تجعل الاحتفال قائما، دون أن يعرف أحد، والمشاركة في هذه الأجواء ليس من باب الاعتقاد، فلا يكفيني أن أقف موقف المتفرج فقط، بل أحاول الدخول إلى أعماق هذه الفعاليات، حتى أستشعر فعلا أنني وسط احتفالية كبيرة».

مسافر سرا

وعلى النقيض من رؤية رامي، يقف الشاب سليمان القواحص ،25 عاما، مبديا حرصه الشديد على حضور فعاليات احتفالات «رأس السنة» خارج البلاد، خاصة بعدما جربها وذاق طعمها «خلال العامين الماضيين، حضرت الأعياد في دولة البحرين بعد استشارة أحد الأصدقاء، وعرضت على أحد أصحابي المقربين نيتي في حضور هذه الاحتفالات، فاقترح علي الذهاب إلى هناك، ونالت الفكرة استحساني كثيرا، وسأسافر مع نهاية الأسبوع إلى البحرين لحضور الفعاليات، بعدما حرصت هذه المرة على إقناع اثنين من أصدقائي للاحتفال معي، أما العذر الذي أنوي التذرع به أمام والدي فهو الذهاب للعمل، لأنهما لو علما بما أفعله لمنعاني من ذلك».

باب التغيير

أما النموذج الثالث من الفئة المهاجرة لأعياد رأس السنة الميلادية فكان الشاب أحمد المختار، 23 عاما، الذي صادفت إجازته السنوية تلك الأعياد، حيث حدد جهة سفره لإحدى الدول المجاورة، معتبرا التلميح باختيار التوقيت تحديدا لا يرد إلا بضحكات «صادفت إجازتي هذه الاحتفالات، وهي فرصة في ظل العروض الشتوية الرخيصة، وإن كانت الاحتفالات رفعتها، لكن شراء الباكيج مبكرا لأيام قبل وبعد الأعياد قلل القيمة، واقترح علي أحد الأصدقاء زيارة إحدى الدول المجاورة.، وهي المرة الأولى التي أمر فيها بمثل هذه التجربة، لكنني كنت أسمع كثيرا عن احتفالات رأس السنة التي تقام في الدول المجاورة وفي البلاد الغربية، ووصفوها بأنها أجواء احتفالات رائعة جدا فأحببت من باب التغيير قضاء الإجازة هناك».

ذكور وإناث

اعترف نائب المدير العام لوكالة المؤيد للسفر والسياحة مساعد المؤيد أن الإقبال على حجوزات الطيران المواكبة لرأس السنة يشكل ما نسبته 55% من قبل سعوديين ومقيمين، وإن كان يراه ضعيفا في هذا العام عن العام الماضي. لكن المؤيد فجر المفاجأة بشكل آخر، بالتأكيد على الحجوزات المتعمدة من شباب وشابات، وإن كانت بصورة فردية «لمسنا من خلال الحجوزات إقبال فئة من الشباب والفتيات على الحجز لوجهات محددة وعلى نفس الرحلات، ولفنادق بعينها، مما يدلل ضمنيا على وجود علاقات بينية، وتخطيط مسبق للترافق في الرحلة، أما العوائل السعودية فلا تشكل من قائمة المغادرين سوى نسبة محدودة جدا، لا تقاس بإجازة منتصف العام الدراسي».

ويتفق موظف في مكتب سياحي آخر أحمد إبراهيم، مع ما توصل إليه المؤيد «لم ألحظ مجموعات بالشكل العام، لكن هناك حجوزات فردية من فتيات وشبان على نفس الوجهات والفنادق لا يمكن نفيها، لكننا مجرد جهات تحجز، ولسنا اختصاصيين اجتماعيين يحللون الأبعاد».

وأشار إلى أن مكتبهم سجل ارتفاعا في عدد المسافرين السعوديين بنسبة 35% عن العام الماضي «وجهة الأغلبية بيروت وشرم الشيخ».

ويضيف المؤيد عدة وجهات أخرى «سجلنا رحلات لكل من مصر ولبنان وفرنسا وبريطانيا والمغرب، لكن الزحام في الرحلات على أشده أيام الأربعاء حتى السبت موعد العودة، لكن 60% من المسافرين غيروا وجهات السفر من لندن وباريس بسبب موجة البرد، وخوفا من تأخر الرحلات، ما يدلل على أنهم موظفون».

إقبال مقيمين

ويرى مدير صالة وكالة الطيار للسفر والسياحة بالرياض دخيل الطيار أن الإقبال مرتفع من قبل المقيمين أكثر من السعوديين، الذين لا يشكلون سوى 35% من الإجمالي «حجوزات العودة تكتظ خلال أيام 4، 5، 6 يناير، وحجوزات السعوديين تكثر فجر السبت ويوم السبت الأول من يناير». ويشير مدير أحد فروع الفرسان للسفر مقبول أبشر إلى أن نسبة السعوديين المسافرين للخارج لقضاء إجازة رأس السنة لا تتجاوز 25% من إجمالي المسافرين، بانخفاض 15% عن العام الماضي «لدينا أغلب المسافرين من العوائل الذين يقررون قضاء الإجازة غالبا في شرم الشيخ أو القاهرة أو دبي وهي الوجهات المفضلة للسعوديين، لكن الملاحظ لدينا أن أغلب المسافرين من الكبار في العمر وليسوا من الشباب».

ويحدد مسؤول إحدى وكالات السفر جميل أحمد نسبة السعوديين المسافرين في الحجوزات للخارج بنحو 10%.

ويعتبر مسؤول أحد المكاتب المتخصصة بالرحلات واسمه سعود أن الانخفاض في العدد موجود وملموس «ربما الإجازة الصيفية وراء ذلك، وربما المانع من السفر للدول الغربية موجة الطقس البارد وإجراءات التأشيرة».

ويشير الموظف بمكتب سفريات مشتاق خان، إلى أن نسبة السعوديين المسافرين إلى الخارج مقارنة بالأجانب لا تتجاوز 5%.

ويرى موظفون في مكاتب أخرى، أن هناك زيادة في عدد السعوديين بنحو 35%.

12 رحلة يوميا

تطير من الرياض إلى المدن الرئيسية في دبي وبيروت والقاهرة والإسكندرية، حيث هناك ست رحلات على الإماراتية والعربية والاتحاد والسعودية، تنقل ألف راكب يوميا إلى دبي.

وهناك 600 شخص يوميا ينقلون إلى القاهرة والإسكندرية على أربع رحلات، على المصرية والسعودية وناس.

فيما يتم نقل 400 راكب يوميا إلى بيروت على رحلتي السعودية والشرق الأوسط.

تقرير؛ بقلم كلا من: راكان المغيري وعبدالعزيز الرباح وعلي بن حاجب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top