قبل شراء هدايا عيد الأم.. إليك الأهم والأجدر أن تستدركه

شراء هدايا عيد الأم

قبل أن تذهب إلى المتاجر أو تزورها على الإنترنت لشراء هدايا عيد الأم لهذا العام لوالدتك؛ أود أن أرحِّب بك في رياض الجنة؛ وقد يقول قائل: وهل في الدنيا جنة حتى تحدثني عن الجنة؟

أقول له نعم؛ إن ما ترى من جمالٍ ومن أنهارٍ ومن خضرة؛ أن هذا الجمال يوجد في الدنيا ولو في الأراضي القاحِلة.

جنة الدنيا

أتدري أين يوجد جمالها؟ يوم أن يرزقك الله جل وعلا خفض جناح الذُل لأمك ولأبيك؛ يوم أن تكون بين أيديهم خادمًا خاضعا، كالعبد الرقيق عند السيد الحازم الذي لا يرحم؛ وصفٌ ذكر بن عباس -رضي الله عنهما-.

إن في الدنيا جنان جمالها يوم أن ييسر الله لك الانكباب على يد أبٍ أو على يد أمٍ؛ وتنظر بعين الرحمة فتنظر إليهما فتقول: رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

الجنة والسعادة في رضا أمك

أتحدث وإياكم عن الجنة؛ لا تقل بخضرتها ولا بمياهها؛ إنما عند قدمين لامرأة لربما قد بلغت من السِّن عتيا؛ قد شاخت واليد قد ارتعشت؛ ولربما الأقدام قد خارت؛ ولربما البدن قد ضعُف؛ لكن الجنة ثَم عند أقدامها.

السعادة يوم أن يبقي الله لك في الحياة باب يوصلك إلى رضاه؛ يفتح لك هذا الباب. ولذا؛ فقد صدق عليه الصلاة والسلام حين قال “رغم أنف امرئ، ثم رغم، ثم رغم أنفه؛ من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة”.

كيف يدخل الجنة وهو لم يستطيع أن يدخلها في الدنيا؟

نحن مع الربيع ومع الجنانِ ومع زهرة الحياة؛ نتحدث عن ساقيه المكارم؛ قرة العين؛ عن السعادة. أنها حاضنة الحياة.

نعم؛ أمي وأمك، حاضنة الحياة؛ إنها حلوة اللبن التي لازلت أنا وأنت نستطعمُ لذة إكسير الحياة الذي رضعناه منها.

مواقِف مع حلوة اللبن

البِرُّ ميراث الأنبياء؛ فقد ورَّثوا البر لأبنائهم ولأقوامهم. منهم من ذاق بر أبناؤه، ومنهم من تجرع غصص العقوق؛ ولكن الله حكيم عليم، حتى ترتفع منازله عند ربه.

آدم أبو البشر

فهذا آدم عليه الصلاة والسلام؛ رُزِق بهابيل وقابيل؛ قابيل قتل هابيل؛ حسد دخل بينا هذا القلب وذاك القلب؛ وعمل الشيطان بينهما تلك الخميرة السوداء التي تُفرِّق الأسر؛ وتوقِع العقوق وتجعل بعض الأبناء يرفع صوته على أبيه؛ ويقطع رحمه.

وكان من دعاء آدم لابنه قابيل أن دعاه لبر أخيه هابيل، عند الاختلاف على زواج أختيهما.

ما أجمل أن يرى الآباء بر الأبناء في حياتهم.

ومن أكبر ما يجرح الفؤاد ويدمع العين، ويفتت الكبد؛ يوم أن يقف الأب أو أن تقف الأم تشاهد الحروب والمطاحنات بين الأبناء.

نوح عليه الصلاة والسلام

كذلك نوح عليه الصلاة والسلام؛ كان له من الأبناء أربعة؛ أحدهم ما استجاب لدعوته؛ تألم والده؛ لكن حكمة رب العالمين جل وعلا.

“يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ | قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ” ~ الآية -٤٣٤٢ من سورة هود.

هل يعصمك من أمر الله إذا جاء شيء؟ ولكنه كما قال الحق “وكان من المغرقين”. بل ناداه الله فقال “إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ”.

أنبياء الله دعوا أبنائهم للتوحيد وللبِر وللصِلَة.

إمام الأنبياء محمد

ولذلك؛ بر الوالدين ميراث الأنبياء؛ وكان إمامهم وقائدهم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام برًا مع أن أمه كانت ماتت على الكفر، لكنه سح دموع حارة على نصائِب قبرها، وقال “هذا قبر أمي”.

في مقبرة من المقابر كان هناك رجل قد جثى على ركبتيه، واحتضن نصائب القبر؛ وإذا به يبكي، وقد اختلط شعر رأسه ولحيته شيبًا.

قصة مؤثرة عن حب الأم

سأله رجلٌ كان واقف على قدميه: ما هذا الدمع، ومن الذي تحت الأرض الذي تبكيه؟ من الذي آلم قلبك؟

رفع رأسه والدموع قد بللت تلك اللحية؛ فقال: هذا قبر أمي.

ثم سأله: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: إلزم قدميها واحتضنها، وابذل لها في الحياة ما تستطيع؛ فوالله لقد أظلمت الدورب وانطفأ السراجُ بعد رحيلها.

قبل شراء هدايا عيد الأم

فحتى لا نصل أيها الأخيار إلى قبورِ الأمهات، نبكي ونسح الدموع، ونشتكي إلى الله رحيل باب السعادة، وحاضنة الحياة. ما أجمل أن نستدرك وأن نعود من جديد نسترضيها؛ ونُقبل قدمها.

نقبلها في المراضات، وننظر إليها بعين الرحمة ونفتح باب السعادة لها، بأن ننثُر الساعات والدقائق كلها لها.

هل هو كثيرٌ على أمهاتنا؛ أن بدل لهن الأموال والأوقات؟ أليس عليه الصلاة والسلام عندما سئل بأحق الناس صحبة؛ يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ أي: يا رسول الله من ألزم في الحياة ولا أفترق عنها حتى يفرقنا الموت؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من: قال أمك. قال ثم من: قال أبوك.

أي أن البر أربع مراحل؛ الأولى والثانية والثالثة للأم، والرابعة للأب. أي أن ثلاثة أرباع البر في الحياة يجب أن يساق إلى الأمهات؛ عسى أن يرضى رب الأرض والسماوات.

فحتى لا ندخل يومًا المقبرة، وقد حملنا أمهات، وهُنَّ الأكباد والعيون والقلوب والمُهَج، ونبكي أن نواريها الثرى؛ حتى لا نصل إلى ذاك المكان، استدرك وعُد إليها من جديد، وقل: رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

قبل البحث والتفكير في شراء هدايا عيد الأم لها؛ انثر زهرة شبابك تحت أقدام أمك؛ فوالله إن الجنة هناك؛ اللهم اجمعنا بها وآبائنا في جنات النعيم.

أضف تعليق

error: