استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان

صورة , العمل , الكتمان , وظيفة
العمل

اللهم صلي على سيدنا محمد في الأولين وصلي على سيدنا محمد في الآخرين وصلى وسلم عليه في كل وقت وفي كل حين، أما بعد.
فالله عز وجل علم نبييه ما لم يعلم، وخصه بعلمه اللدني، فأضحى حديثه وحي من الله، وأخباره مسلمات لا يتطرق إليها الشك، وأوامره ونواهيه طريق للنجاة لا يقبل التكذيب، فهو الذي لا ينطق عن الهوى، تمضي الأيام وتتكشف الحقائق ويوافينا العلم بالجديد كل يوم، لنكتشف إعجاز السنة النبوية المطهرة، ونتبين علل ما أمرنا به رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فبعد قرون مرت على دعوته يأتي العلم كل يوم ليكشف لنا فيضا من أسرار سنته.

وهنا سوف نتطرق لأحد الأحاديث المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسوف نبحث في معناه ومبناه ونستشف ما فيه من التعاليم التي تستقيم بها حياتنا، وتتحقق بها أهدافنا، فالحبيب لا يوصينا إلا بالخير ولا يدلنا إلا على ما فيه صلاح ديننا ودنيانا وفلاح مسعانا.

شرح الحديث

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود).
هذا حديث من أحاديث النبي -صل الله عليه وسلم- التي يعلمنا بها طرفا من فنون تدبير الحياة، والتحايل على مصاعبها ومشقاتها، وتجاوز عقباتها وكيف نحسن التخطيط لما ننوي القيام به، وحاصل شرح الحديث: أن من فطنة المسلم وحسن إدارته لحياته أن يتثبت ويدرس هدفه جيدا، ويسعى لتحصيل أسباب الوصول إلى هذا الهدف بما لا يخرج عن نطاق الشرع ورضا الله عز وجل، ومن ضمن السعي المحمود أن يحيط سعيه بالسرية ولا يعلن لمن حوله عن كل خطواته أولا بأول، وذلك تحسبا لأي طارئ قد يجد عليه ومنعا لأي عراقيل قد تعيق طريقه.

بين لنا النبي –صل الله عليه وسلم- أن كل ذي نعمة محسود، فقد يحبط تخطيط الإنسان لمشروع أو عمل ينوي القيام به بسبب عين حاسدة أو قلب حاقد، أو كاره للخير، وقد يتعدى الضرر مجرد الاكتفاء بالحقد أو الوقوف عند خطر الحسد، فيتدخل الكاره لك بعمل يفسد عليك سعيك أو يفوت عليك فرصتك.

وكلمة الحوائج هنا شاملة لكل ما يحتاجه الإنسان أو يسعى إليه من تحصيل منفعة دنيوية أو أخروية، ما دامت غاية مشروعة.

علماء الطاقة يفسرون: طاقة الحسد والإحباط تعمل ضد نجاح أي عمل

لم يعد التفسير قاصرا على المعنى الظاهر من الحديث فقط، بل هناك تفسيرا أكثر عمقا وواقعية يؤكد إن إطلاع الناس على مخططاتك ومساعيك يعمل ضدك، ويجعل مهمة النجاح في إنجاز مهمتك أصعب وأشق، ولكن كيف يحدث ذلك.

هناك قاعدة في علم الطاقة تقول أن كل مشاعرنا تترجم إلى طاقات غير مرئية تحيط بنا من كل جانب، فمثلا حين يفكر الإنسان في حاجة يسعى إليها ويجتهد في الحصول عليها تتولد لديه مشاعر الإصرار والأمل والإرادة والعزم على تحقيق تلك الحاجة، وكل هذه المشاعر تتحول إلى طاقات كونية لها تردداتها الخاصة، والتي تعمل لصالح الهدف، فيكون ما يكون من توفيق الله للشخص وتيسير الأمر وتذليل الصعاب، وتسخير الأسباب، وفتح الأبواب.

فحين لا يعلم أحد شيئا عن أفكارك وخططك، فإن طاقاتك واستعانتك بالله وحسن توكلك عليه، كلها تعمل لصالحك، أما حين يشيع الخبر ويعرفه عدد من الناس فيصبح الموضوع أعقد وأكثر تداخلا، بمعنى أن كل من يصبح على علم بمساعيك تتولد لديه مشاعر خاصة تجاهك وتجاهها، فمنهم من لا يثق بقدرتك على تحقيقها، فيكن لديه مشاعر شك، ومنهم من يرى انك لا تستحق النجاح، ومنهم من يعلم انك تستحق ولكنه يكره ذلك الخير لك ويحسدك عليه وتتولد داخله أمنيات بالفشل والإخفاق في تحقيق ما تصبو إليه، كل هذه المشاعر تتولد عنها طاقات سلبية تتوجه تجاه حاجتك، فتعيق وصولك إليها وتعقد مهمة حصولك عليها.

وهذا يتفق تماما مع تفسير الحديث، وإن كان التفسير يبدو غير نمطي إلى حد ما إلا أننا كمسلمين نؤمن بطقة الحسد وقدرتها على إلحاق الأذى بالإنسان، وهذا ما أشار إليه الحبيب –صل الله عليه وسلم- في قوله: (فإن كل ذي نعمة محسود).

كما أن هناك ضرر من نوع آخر يلحق بالإنسان كلما كان واضحا معلنا عن نواياه وخططه، وهو أن التصريح بأهدافك يجعل فشلك أصعب وتحملك له أقل، حيث يتداخل لديك عوامل أخرى مثل كلام الناس أو الخوف من شماتتهم أو سخريتهم، وكلها عوامل تربك التفكير وتشتت طاقتك وتضاعف همك.
فاحتفظ بخططك لنفسك، تسلم!

أضف تعليق

error: