أغذية صحية.. مشروع لا يخسر

أغذية صحية.. مشروع لا يخسر

منتجات صحية غير تقليدية تسهم في حل مشكلة مرضى السكري والسمنة مع تناول بعض الأطعمة فتمكنهم من الاستمتاع بالشيكولاتة والمربى دون قلق.. وفي نفس الوقت تُعَدّ مشروعًا مبتكرًا يدرّ دخلاً ويغني الشباب عن الانتظار في طابور الباحثين عن فرصة عمل.. يكفي أن تقوم بزيارة إلى مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية التابع لوزارة التجارة الخارجية والصناعة المصرية؛ لتتعرف على قائمة من المنتجات الغذائية التي نجح المركز في إنتاجها، وتتميز بأنها لا تحتاج إلى تكنولوجيا عالية معقدة أو تكاليف مرتفعة لإنتاجها.

في البداية وقبل أن نخوض في تفاصيل هذه المنتجات يقول د. أحمد خورشيد مدير المركز: إن مشكلتنا الأساسية أننا تعودنا على أغذية معينة، ولا نحاول تجربة أغذية أخرى، رغم أن هذه الأغذية المنسية تتميز بميزتين هامتين، الأولى أنها صحية فهي لا تسبب المشاكل المعروفة للأغذية التي تعودنا عليها، والثانية أنها رخيصة جدًّا في السعر إذا ما وضعت في مقارنة مع الأغذية التقليدية؛ ولذلك فإن الهدف الأساسي الذي وضعه المركز أمامه هو محاولة الاستفادة من هذه الأغذية المنسية بتصنيعها في الأشكال المعروفة للمنتجات الغذائية لتحقيق الإقبال عليها.

صويا مدمس ومربى حرنكش

وعن أهم تلك المنتجات يقول د. رضا سكر مساعد مدير المركز إنه فيما يتعلق بوجبة الغذاء نجحنا في إنتاج برجر نباتي 100% كبديل عن برجر اللحوم، وذلك باستخدام حبة فول الصويا التي يتم تعريضها لجهاز البثق الحراري –وهو جهاز سعره منخفض– وعن طريقه يتم تعريض الحبة لحرارة تحت

الضغط لكي تكون مؤهلة بعد ذلك لخلطها مع الخضراوات في جهاز الخلط لتنتج عجينة تستخدم في تصنيع البرجر.

أما فيما يتعلق بوجبتي الإفطار والعشاء فقد نجح باحثو المركز في إنتاج العديد من المنتجات غير التقليدية لهاتين الوجبتين، ومنها: مربى من فاكهة الحرنكش وهي من الفواكه الشعبية التي لا يقبل عليها الكثيرون رغم قيمتها الغذائية العالية، وطريقة تصنيع هذه المربى لا تختلف عن الطريقة المعروفة في تصنيع المربى مع فرق بسيط، وهو أننا نستخدم في تصنيعها سكر الأستيفيا كبديل عن سكر السكروز، وهذا النوع من السكر نجحت زراعة النباتات التي يستخلص منها في مصر.

وتتميز الأستيفيا بأن حلاوتها تفوق السكر العادي 200 مرة، لكنها حلاوة غير ضارة؛ لأنها لا تعطي أي سعرات حرارية، كما أنه ليس لها الأعراض الجانبية لمادة “الأسبرتيم” التي يستخدمها معظم مرضى السكري والسمنة. وهذه الميزة مكنتنا أيضًا من استخدام هذا السكر في إنتاج حلاوة خاصة بمرضى السكر والسمنة.

ومن المنتجات الأخرى الخاصة بهاتين الوجبتين طحينة الصويا والصويا المدمس. ولا تختلف طريقة تصنيعهما عن الطرق المعروفة لإنتاج الطحينة والفول المدمس، ولكن الفرق أننا نستخدم في التصنيع حبة فول الصويا ذات الفائدة الصحية كغذاء خافض للكوليسترول ومضاد للسرطان وواقٍ من الإصابة بأمراض القلب وهشاشة العظام.

⇐ وهنا تقرأ: الشغل مش عيب.. مشروع «عرائس باكينام» تتحدى البطالة

شيكولاتة بدون كاكاو!

ومن أكثر المنتجات التي تثير الإعجاب في المركز الشيكولاتة، فهذا المنتج يعشقه الكبار والصغار بلا استثناء، ولكن مشكلة هذا المنتج أنه لا ينصح بتناوله بكثرة لسببين، الأول هو نسب السكر العالية التي تحتويه الشيكولاتة والتي تؤدي للسمنة، والثاني هو خطورة الإكثار من مادة الكاكاو والأساسية في صناعة الشيكولاتة.

ويؤكد نبيل حسين الباحث بالمركز أن أبحاثهم قد أسفرت عن شيكولاتة ليس بها هاتان المشكلتين، فالسكر المستخدم في صناعتها هو سكر الأستيفيا الذي لا يحمل أضرار السكر العادي، والكاكاو تم استبدال مادة مستخلصة من نبات الشيكوريا “السريس” المنتشر بالأراضي الزراعية المصرية به، وهو نبات يظهر بجوار زراعات البرسيم دون رغبة من المزارع.

وعن طريقة استخلاص المادة الشبيهة بالكاكاو منه يقول الباحث إن هذه المادة يتم الحصول عليها من جذور هذا النبات، حيث يتم تجفيف الجذور وتحميصها؛ ليتم بعد ذلك طحنها وتنعيمها للحصول على مادة تشبه الكاكاو في طعمها ورائحتها وبذلك نحصل على الشيكولاتة.

ومن المنتجات الأخرى المرتبطة بالأطفال منتج لبن “حب العزيز” الذي يتم تصنيعه عن طريق نقع حب العزيز في الماء لمدة يوم، ثم يؤخذ ليضرب في الخلاط ويصفى؛ لنحصل على سائل أبيض يسمى لبن حب العزيز، وهو غني بقيمته الغذائية لاحتوائه على العناصر المعدنية كالحديد والنحاس والفوسفور والماغنسيوم والكالسيوم، كذلك يحتوي على نسبة مرتفعة من البروتينات والألياف. ويتميز بأنه يحل مشكلة الانتفاخات التي تصيب الأطفال عند تناول اللبن؛ لأنه لا يحتوي على اللاكتوز الذي يسبب هذه الانتفاخات. ويمكن استخدام هذا اللبن في تصنيع المنتجات الأخرى التي تعتمد على اللبن كالجبن والزبادي والآيس كريم.

صحية.. وعن الطعم اسأل

سؤال يطرح نفسه بعد عرض هذه المنتجات، هل طعمها مقبول ويشابه الطعم المعروف للمنتجات التقليدية؟ يجيب على ذلك التساؤل المهندس أمجد القاضي أحد العاملين بمعمل الاختبارات الحية بالمركز والذي أكد أن أي منتج لا يتم إقراره إلا بعد إخضاعه لاختبارات يتم الاعتماد فيها على 10 متطوعين على الأقل يقومون بتذوق المنتج وشبيهه بالسوق وتسجيل ملاحظاتهم حول الطعم والرائحة؛ ليتم إدخال هذه البيانات إلى جهاز كمبيوتر يحمل برنامجًا لتقييم هذه الملاحظات والخروج بالنتائج النهائية التي قد تكون إيجابية 100%، أو تكون هناك بعض جوانب القصور التي يشترط البرنامج علاجها حتى يكون المنتج إيجابي.. ولا يتم إقرار أي منتج إلا إذا اجتاز الاختبار وكانت النتيجة إيجابية.

وحتى يكون كلامنا أكثر صدقًا وواقعية التقينا مع بعض المتطوعين والذين يحلو لرئيس المركز د. أحمد خورشيد أن يسميهم بالذواقة لمعرفة تقييمهم للمنتجات التي يقومون بتذوقها.

يقول حسين فتحي –بكالوريوس هندسة–: إنه لم يلمس أي اختلاف في الطعم بين الحلاوة التي أنتجها المركز لمرضى السكر والحلاوة الموجودة بالأسواق “حتى إنني قلت لمسئولي المركز عند تذوقهما إنهما منتج واحد”، ونفس الكلام قاله خالد حفني –مدرس– فقد أكد أن طعم مربى الحرنكش ولبن حب العزيز كان مقبولاً جدًّا “لدرجة أنني تعجبت وقتها لماذا هذه الأغذية غير متداولة الاستخدام؟!”

أما محمد أبو رية –كيميائي– فلم يستطع أن يكون رأيه إيجابيًّا عن شيكولاتة الشيكوريا من أول مرة كالسابقين، “في البداية لم يكن رأيي إيجابي، حيث كان لي بعض الملاحظات التي اتفقت فيها مع غيري من المتطوعين”، وبعدما قام الباحثون ببعض التغيرات البسيطة في طريقة إعداد المنتج كان تقييمه في المرة التالية إيجابي 100%.

وأخيرًا.. كان لقاؤنا مع د. محمود حامد –صيدلي– الذي أبدى إعجابه الشديد بمنتجات الصويا وطعمها الرائع الذي يتفوق من وجهة نظره عن المنتجات التقليدية، ولكنه لم يستطع رغم ذلك أن يخفي قلقه من تداول هذه المنتجات بالأسواق بعدما أثير مؤخرًا من جدل حول الصويا وتأثيرها على هرمونات الأنوثة والإنجاب عند السيدات.

وردًّا على هذا يقول د. أحمد خورشيد مدير المركز إن هذا الاتهام مردود عليه من ناحيتين، الأولى بأن الدول التي تستهلك الصويا بشكل أساسي وهي اليابان والصين تعاني من مشكلة كثرة الإنجاب، والثاني بأنه لا يوجد أي غذاء تضمن أنه آمن 100%، فأي غذاء إذا زاد معدل استهلاكه عن المعقول يصبح غذاء ضار، وقياسًا فإن النسبة التي قيل إن استهلاكها يؤثر على الهرمونات الأنثوية لا يمكن لأي فرد أن يصل إليها ولو استهلك الصويا في الوجبات الثلاث.

⇐ طالع أيضًا: مشروع روضة أطفال «حضانة».. ضحك ولعب ومكسب

مشروعات بتكلفة معقولة

وبعد الاطمئنان على الطعم، تصبح مسألة التأكد من قابلية تنفيذ مشروعات لإنتاج هذه المنتجات أمرًا ضروريًّا حتى تكتمل الصورة، تؤكد د. نادية صالح الأستاذة بالمركز أن إنتاج هذه المنتجات على مستوى تجاري ضيق يلائم شباب الخريجين.

فالشاب لا يحتاج إلا لمساحة تصل إلى 100 متر، ورأس مال يتراوح ما بين 150 إلى 225 ألف جنيه للإنفاق على شراء الخامات والأدوات، وهو مبلغ معقول يمكن لأي شاب اقتراضه من صناديق دعم المشروعات الصغيرة.

ومن المتوقع –كما تقول د. نادية– إن الأرباح التي سيجنيها الشاب ستكون مرتفعة –إن شاء الله– خاصة أن دراسات الجدوى التي أجراها المركز تشير إلى أن هذه المنتجات ستلقى قبولاً من المستهلك لطعمها المتميز مع السعر المنخفض فبرجر الصويا –مثلاً– لن يتعدى ثمنه 25 جنيهات (0.8 دولار)؛ لأن سعر كيلو الصويا 12 جنيه (0.4 دولار)، في حين يصل سعر كيلو اللحم إلى 240 جنيهًا. ومنتج شيكولاتة الشيكوريا الذي يستبدل بمادة الكاكاو مرتفعة السعر المادة المستخلصة من نبات الشيكوريا منخفض السعر.

⇐ نصيحة أخيرة: قبل أن تبدأ مشروعك.. حدد رغبتك

أضف تعليق

error: