أسباب ودوافع الهجرة وكيف تؤثر على ثقافتنا العربية

صورة , رجل , السفر , الهجرة

الدراسة، العمل، التطور الوظيفي، أو حتى الحروب وغيرها من الظروف قد دفعت العديد من الأُسر العربية للهجرة إلى دول أخرى والعيش فيها حالمين بالعودة مرة أخرى إلى أوطانهم ومتمسكين بذكرياتهم هنا في دولنا العربية ويحاولون نقلها إلى أبنائهم هناك في الدول التي هاجروا إليها بشتى الطرق.

الأسرة المغتربة بين الحلم بحياة أفضل وحنين يشدها لأوطانها تظل دائماً تعيش هذا الصراع الذاتي في وطنها الجديد التي تعيش فيه وتحلم دوماً بتحقيق حلم العودة حين تتماشى الظروف مع هذا الحلم الجميل.

ما هي أسباب ودوافع الهجرة عند البعض؟

ترى الدكتورة ندى العابدي ” عضو مركز همم للبحث والتحليل الاجتماعي ” أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع البعض إلى التفكير في الهجرة للعيش في وطن لطالما ظلوا يحلمون العيش فيه بكرامة، ورأينا أمثلة عديدة في أوطاننا العربية مثل العراق ومصر والسودان ولبنان ولعل آخرها سوريا العربية الشقيقة التي ذاق أهلها مرارة الاغتراب مؤخراً لأسباب لا تخفى على أحد وهي الحرب التي متى ارتبطت بأي شعب كانت سبباً في دماره وهجرة شعبه الذي يظل يرى وطنه دائماً طوال سنوات الهجرة هو المأوى الحقيقي له ولتاريخه وأرضه وحضارته وللأناس الذين يعيشون ويشتركون معنا في كثير من المشتركات التاريخية والثقافية التي تربط كلانا بالآخر بجانب المشتركات الآنية التي تحمل نفس الآن والحلم والتطلع لوطن آمن.

هاجرت أغلب أُسر الدول العربية في صحيح القول لعدة أسباب منها:

  • الصراعات الخارجية.
  • المشاكل الداخلية.
  • الحروب.
  • سوء استخدام الثروات والسلطات.
  • العنصرية الشديدة داخل الدولة.
  • المطاردات السياسية والعرقية والعنصرية للبعض.
  • الوضع المعيشي السيء.
  • عدم احترام كرامة الإنسان داخل الدولة.

هذا إلى جانب أسباب أخرى عديدة والتي جعلت الإنسان يطمح للهجرة إلى وطن تُحترم فيه كرامته وإنسانيته خاصةً وأن الغرب قد تقدم علينا أشواطاً عديدة في الحفاظ على كيان الإنسان ووجوده كريماً في وطنه بأساليب عديدة منها:

  • التعليم.
  • التأمين الصحي.
  • توفير الأمن العام.
  • الحياة الكريمة.

ولكن على الرغم من ذلك يُفضل العديد من الأفراد أن يموتوا بأوطانهم بدلاً من أن يذوقوا مرارة الغربة بعدما يروا ما يتعرض له أبناء تلك الشعوب التي تشعر بالقهر والذل في حضن الوطن الأسير، ونعني بهذا دولتي سوريا وفلسطين على وجه الخصوص.

ما هي التحديات التي يواجهها البعض في الدول التي يهاجرون إليها؟

هناك الكثير من التحديات التي تواجه العديد من الأُسر خاصةً التي هاجرت من مناطق بها صراعات وحروب، ومن هذه التحديات التي يرونها هذه الأُسَر:

  • الشعور بالعنصرية داخل المناطق التي يهاجرون إليها حيث هناك حركات في تلك الدول ترفض هجرة الشرقيين إلى الغرب وبالتالي هناك نوع من العنصرية والرفض لهؤلاء المغتربين، حتى أن هناك عدة أصوات تنادي بطرد هؤلاء المغتربين لاتهامهم بعدة حجج واحدة منها الإرهاب وأمور أخرى كمنافستهم في سوق العمل.
  • التعرض لتحديات الاندماج الثقافي في الدول المهاجَر إليها حيث يأتي العرب من بيئات تختلف تماماً عن البيئة الغربية، لذلك من الصعب جداً أن يندمج هؤلاء المهاجرين في هذه الدول الغربية إلا بعد مرور فترة طويلة من الزمن.
  • وجود تحديات تتمثل في تربية الأبناء في البيئة الجديدة التي هاجروا عليها.
  • صعوبة الحفاظ على الرباط الوطني بأوطانهم داخل الدول الغربية.
  • الشعور بتحدٍّ كبير وهو الشعور بالوحدة داخل هذا الوطن الغريب حيث أن الإنسان في هذا الوطن لا يجد نفسه محاطاً بأقربائه وأصدقائه الذين يشاركونه همومه ويساعدوه في حل مشاكله.
  • عدم الاستقرار داخل هذه الدول التي هاجروا إليها بسبب عدم استقرار أوضاعهم الاقتصادية، وبالتالي قد يضطر المهاجر إلى الانتقال من مكان إلى آخر.
  • التعرض لتحديات أخرى أبرزها الأمراض النفسية والتي من بينها home sick الذي يعيش فيه المهاجر حالة من القلق حيال المستقبل والمجهول فضلاً عن الخوف من الأشخاص العنصريين تجاهه.

كيف يمكن للمهاجرين وصل أبنائهم بأوطانهم الأم ثقافياً؟

قد تتقاطع أو تتعارض معظم الثقافات الغربية مع ثقافتنا العربية وهو ما يمثل تحدياً كبيراً على الأبناء في كيفية دمج وربط الأبناء بثقافة بلدهم أو وطنهم الأم، لذلك يجب على الأهل القيام بعدة أمور لربط أبنائهم بالثقافة العربية والغربية في نفس الوقت منها:

  • ضرورة تشرب الأهل للثقافة الغربية ومعرفتها جيداً ومعرفة آليات التكيف معها.
  • الحفاظ على تراث البلد العربي التي جاءوا منها والذي يتمثل في وجود حالة من استذكار كل ما هو عربي في هذا البلد الغريب عنهم.
  • ضرورة أخذ المهاجر لبعض القطع الأثرية والصور الثقافية لهذا البلد العربي الذي أتي منه خاصةً وأن الشعب العربي يضم في ذاته حضارة عريقة.
  • محاولة إدامة العلاقة مع الأُسر العربية في أوقات الهجرة حيث أنه كلما كان هناك تباعد بين المهاجر العربي وإخوانه العرب كلما كانت الأٌسر العربية المهاجرة غربية تماماً بعد التأثر بثقافتها خاصةً بعد اندماج الأطفال العرب بالمجتمع الغربي بشكل سريع لأنهم لم يجدوا من يذكرهم بأصولهم العربية طوال الوقت.
  • التواصل المستمر مع الأهل داخل الوطن كالأبوين والأعمام والأجداد خاصةً في ظل وجود الإنترنت الذي وفر لنا مساحات قصيرة جداً نستطيع من خلالها أن نتصل بالجميع.
  • وجوب وجود مساحة كبيرة مخصصة من للأهل لأبنائهم لنقنعهم بثقافتنا العربية بشكل ديموقراطي وحضاري حتى لا تتعارض مع ما يتلقونه في مدارسهم الأوروبية أو الغربية لأن ممارسة فرض الرأي على الأبناء في هذه النقطة سيجعلهم يرفضون كل ما نبديه لهم ونحاورهم فيه حتى وإن كان ما يبدر منا يخص التذكير بثقافتنا العربية لأن الأطفال سيربطون حتماً بين لغة خطابنا بالثقافة التي أتينا منها، وهذا يجعلهم يعتقدون أن ثقافتنا العربية بعيدة تماماً عن الثقافة الغربية المتحضرة خاصةً وأن هناك تشويه منهجي في هذه الآونة على ثقافتنا العربية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص.

وختاماً، يُعد أكبر تحدي يواجه العائلة المهاجرة إلى أي دولة غربية هو المفاهيم الغربية التي تختلف وتتعاكس مع مفاهيمنا العربية، ولعل واحدةً من هذه المفاهيم هو مفهوم الحرية كالحرية الفكرية والحرية الشخصية، وبالتالي لابد لنا من أن نتفهم أن أبنائنا في الغرب يملكون حرية واسعة تمكنهم من التمرد علينا في أي وقت والعيش منفردين، لذلك يجب علينا استيعاب مفهوم الحرية بإطارها الغربي ولكن بمحدداتها الشرقية وفق منظومة القيم العربية والشرقية دون أن نتخلى عن إنسانيتنا الشرقية مع مراعاة ضرورة عدم فرض آرائنا الدينية على أبنائنا وإنما من الممكن التحدث معهم وسحبهم إلينا بحوار هادئ دون اتباع سياسة لوي الأذرع أو فرض الرأي بل يمكننا جعلهم يتطلعون على شخصيات عربية وإسلامية عريقة أو منجزات حضارية عربية نفخر ونعتز بها حتى يفتخرون بأصلهم العربي طوال الوقت على ألا يذوبوا تماماً في البلد التي هاجروا إليها أو وُلدوا وعاشوا فيها.

أضف تعليق

error: