مقال عن الشائعات.. قديمًا وحديثًا

حتى تفهم كيف تنمو الشائعة وتتكاثر، بل وحتى تعرف كيف تصبح فتاكة ومميتة، فكل ما عليك عزيزي القارئ الكريم هو إجراء التجربة البدائية التالية، احتفظ في الذاكرة بأي حدث مهما كان عابرا، كحادث مروري نجا منه أحدهم بينما مصير صاحبه مجهول، فيما لا أخبار كافية عن أطراف السيارة الأخرى، ثم اختر البيئة المناسبة لنمو الخبر السابق وتكاثره، كأن تكون في مجلس يحوي على الأقل عنصرا أو أثنين من أولئك المرشحين للفوز بجائزة «ويأتيك بالأخبار من لم تزود»!

الآن، اترك المقادير السابقة تتمازج لبرهة من الوقت، وبعد أربع ساعات بالضبط ستكون موعودا بسماع أو قراءة الرواية التالية «حادث مروري بشع بين أربع سيارات وشاحنة يخلف أربعة قتلى وتسعة مصابين فيما لا يزال خمسة آخرون في عداد المفقودين»! هنا ستكون النتيجة فتاكة، وأقول فتاكة فقط لأن النتيجة الأكثر فتكا هي أن ينتقل جميع أطراف الخبر إلى رحمة الله تعالى!

الفائز بدور البطولة في كل الرواية السابقة هي تلك العناصر التي لا تجد حرجا في نقل كل شيء عن أي شيء، مرة بقصد الفوز بالأسبقية، ومرة لحاجة في نفس يعقوب، وثالثة لامتلاكها جينات «اللقافة» ومرة رابعة لأسباب تتعلق بالبلاهة!

صحيح أن الشائعة عانت قبل ثورة الاتصالات مشكلة الجغرافية، فتلك الشائعة التي تولد في الشرق ستحتاج إلى مسيرة شهر حتى تصل لأقصى الغرب، إلا أنها اليوم وبعد أن اخترع أحدهم الهاتف، وبعد أن تكفل آخر بفكرة الإنترنت، فإن الشائعة التي تولد في الغرب اليوم لن تحتاج سوى إلى مسيرة إصبع إلى لوحة المفاتيح لتصبح مادة جاهزة لتلوكها الألسن ولتتداولها صفحات «الفيس بوك» تباعا!

اليوم لم تعد هناك أي مكابح للشائعات، خاصة مع متلازمة السبات التي تصيب الجهات ذات العلاقة بالشائعة، ما يضفي مزيدا من الشرعية لها وما يعطي مناخا ممتازا لكي تزداد وتتوسع طولا وعرضا! بينما لا يجد كثيرون أي تفسير واضح لصمت الجهات المعنية سوى أنه علامة الرضا!

بقلم: ماجد بن رائف

وهنا نقرأ أيضًا عن: المجتمع السعودي والإنترنت.. بعيدا عن الضجيج

وكذلك؛ يُمكنك الاطلاع على: أثر الهواتف الذكية على حياتنا

أضف تعليق

error: