لماذا أحب الله؟

تمت الكتابة بواسطة:

لماذا أحب الله؟

أحب الله لأنني كلما ازددت معرفة به، ازددت حباً له، وشوقاً لمعرفة المزيد لما يتكشف لي من جلاله وكمال صفاته، ولو أمضيت عمري كله أتأمل في تلك الصفات ما مللت ولا ارتويت، كيف أملّ وكلما ازددت معرفة و قرباً منه سبحانه، انقشعت عني ظلمات الجهل التي كانت تشقى بها روحي، فمعرفته جل في علاه سبيل إلى طمأنينة نفسي وهنائها، كيف لا أحب من اجتمعت كمال قدرته وقوته وجبروته وعزته مع كمال عفوه وحلمه وعدله ورحمته؟

أحب الله لأنني كلما تقربت إليه شبراً تقرب إلي ذراعاً، وكلما تقربت إليه ذراعاً تقرب إلي باعاً، بينما لو تقربت لأي مخلوق فلا بد أن أحسب خطواتي، لأني لو بالغت في حبي له لأذلني ولازداد نفوراً مني، ولما بادلني حباً بحب.

أحبه لأنه الحي الذي لا يموت، فمهما امتلأ قلبي بحبه، وتعلق بحباله، فلن يفجع يوماً بموته أو فنائه.

أحبه سبحانه لأنه يتودد إلينا وهو الغني عنا، ونحن الفقراء إليه، وبابه سبحانه مفتوح على الدوام، وأبواب الملوك موصدة، فإذا فتحت وجدنا دونها ألف حاجب وحاجب، أما بابه فليس عليه حجاب، نقصده بالليل والنهار فلا يمل من كثرة السؤال، يعطينا سؤلنا ثم يجازينا خيراً على السؤال.

زاد حبي عندما..

كم زاد حبي لملك الملوك! عندما قرأت كلامه في الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا”، وأين هذا من شأن ملوك الدنيا الذين يستبيحون لأنفسهم ما يحرمونه على الرعية؟

وكم زاد حبي للتواب الغفور! عندما علمت أنه يمد يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويمد يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وكم فاض قلبي عشقاً عندما أدركت كم يفرح سبحانه لتوبة عبده “لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته- فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح”.

هل يملك قلب البائس الذليل أن لا يحب إلهاً عظيماً يتودد إليه في خطابه الذي يفيض حباً وحناناً؟ : “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم”

أحبه.. فأحبهم.. فيحبونني!

أحب الله سبحانه لأنني كلما ازددت حباً له شعرت بحلاوةٍ في قلبي، وسعادة تملأني وتغمرني من فوقي ومن تحتي، وعن يميني وعن شمالي، وأراني أعيش في وئام مع الكون كله، فالكون كله ساجد ومسبح لله، فأجد نفسي أحب كل ما حولي من المخلوقات، وأكره أن أمد يدي بسوء إلى شيء منها، وأجدني أحب كل من حولي، ثم إذا نظرت في وجوههم استشعرت حبهم لي، فوالله ما ذلك بفضل مني بل بفضل ربي، وستره الجميل علي، ولو عرف هؤلاء نواقصي ما أحبوني.

أحبه سبحانه لأن حبه دواء كله شفاء، دواء لا أخشى من زيادة جرعاته، ولا من سلبية آثاره، بل هو البلسم الشافي الذي كلما ذقت منه قلت: هل من مزيد؟ وكلما أخذت منه ازددت عافية وهناءً.

أحبه سبحانه! ولو ملأت الكون قصائد عشق ما وفيت حقه، ولو أمضيت عمري كله في محرابي أذرف الدموع تذللاً وشوقاً، سجوداً وركوعاً ما أديت شكره، لكنه سبحانه هو الله، هو الشكور، هو الحميد الودود، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، يقبل مني القليل، ويغفر لي الكثير، ويظهر مني الجميل، ويستر القبيح، فكيف لا أحبه؟ “اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يبلغني حبك”

 بقلم: فاطمة العمادي


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: