لك الله يا غزة العزة

جاءني طفلي الصغير في إحدى الليالي العاصفة، وقد أفزعه هزيز الرياح عبر فتحة نافذة غرفته؛ لأنها لم تكن محكمة الإغلاق، فظن صوت الهواء صراخا أو عويلا، لشدة الرياح في تلك الليلة الشتوية، فعندما أفهمته أن الصراخ لم يكن سوى صوت الهواء، هدأ خوفه واطمأن فاطمأننت عليه وأعدته إلى سريره.

أخذت حينها أتصور حال أطفال غزة المحاصرة! فقلت إذا كان طفلي فزع من أصوات الريح الهائجة، فكيف بأطفال غزة والصهاينة يمطرون مدنهم وقراهم بالقصف المزلزل، ويغزون شوارعهم وأحياءهم بدباباتهم وعتادهم، بينما هم وآباؤهم عزل لا حول لهم ولا قوة إلا برحمة العزيز الجبار.

هذه الدويلة المحتلة، والتي لو غفلت عنها حاميتها أمريكا، وتركها أعوانها من دول أوروبا والذين ما برحوا منذ إنشائها يقدمون لها الدعم والتأييد ماديا وسياسيا في كل محفل، لو توقف كل ذلك، وهذا مستحيل! لانتهت خلال سنوات قليلة.

ولكن أيضا عجزنا وتخاذلنا وتفرقنا هو ما أعطى لكل أولئك الجرأة والوقاحة، ولأولئك الممقوتين الصهاينة أن يعربدوا في فلسطين وشعبها منذ الانتداب البريطاني القذر عام 1917، ومن ثم قيام دويلة الاحتلال على أرض فلسطين السليبة عام 1948، على امتداد كل هذه السنين ماذا جنى العرب إلا الغدر والإجرام والمذابح من الصهاينة! ومذابح دير ياسين وخان يونس وصبرا وشاتيلا بمعاونة حزب الكتائب اللبناني عام 1982، ومجزرة قانا عام 1996، وليس آخرها بالطبع جرائمها في غزة، والتي لم تفرق فيها بين طفل صغير وشيخ كبير!

لكن صور أطفال غزة، والتي نشرت إحدى الصحف العربية قبل أيام صورة لطفل وهو يقرأ على ضوء مصباح يعمل بالغاز؛ لأن التيار الكهربائي مقطوع بعد أن توقف الاتحاد الأوروبي عن دعم الوقود المخصص لمحطة الكهرباء في غزة! منظر ذلك الطفل ينبئ بالغد المقبل، وبزوغ الفجر بعد اشتداد الظلام.

هذا الطفل هو الأمل المجسم والإرادة التي لا تموت في هذه الأمة مهما غفلت، والإصرار في هذا الشعب الذي لا تزيده النار إلا صلابة ونقاء كالذهب.

وأعجب ما رأيت منع قافلة شريان الحياة المكونة مما يزيد على مئتي شاحنة يقودها أوروبيون وعرب لإغاثة غزة المحاصرة! وبدلا من دعم هؤلاء يتم منعهم من الدخول!! فالحصار من بني صهيون ومن بعض المتخاذلين! فلك الله يا غزة!!

بقلم: عمر الرشيد

وفي مقترحاتي كذلك..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top