كيف تعلم طفلك التعاطف مع الآخرين في سن مبكر

التعاطف مع الآخرين

التعاطف مع الآخرين مهارة يتعلمها الأطفال، وهذه المهارة ذات أهمية كبيرة لكل إنسان، ولا تعتمد على الوراثة، مثل الذكاء أو الجمال أو الملامح.

وفي المراحل الأولى من حياتنا، يكون كل همنا الحفاظ على حياتنا، لذلك يحتل الطعام والدفء والسلامة سلم الأولويات في حياتنا، كي تواصل أدمغتنا واجسامنا النمو، ولكن ماذا عن تنامي مشاعر الاحساس والتعاطف مع الاخرين؟

كيف نعلم أطفالنا التعاطف مع الآخرين

تقول الاختصاصية في علم النفس “ستيفاني غانم” أن التعاطف يمكن أن نزرعه في أطفالنا من خلال القدوة؛ فالأطفال يقلدون ما نفعله، ولا يفعلون ما نمليه عليهم.

ونحن بحاجة إلى زرع هذه القيم الإنسانية بداخل أطفالنا؛ فالمدارس تعلم أطفالنا القراءة، والرياضيات، والعلوم، وغيرها؛ لذلك فدورنا نحن أن نجعل أطفالنا يتقبلون الاختلاف سواء الديني، العرقي، أو الاختلاف في الشكل؛ فمثلاً عندما نقابل أشخاص في الأسواق مختلفين في الشكل أو لديهم إعاقات ما فغالباً ما ننظر لهم نظرة شفقة، وعدم تقبل، كما ينظر له الطفل بالخوف والاشمئزاز.

لذلك فلابد وأن نظهر تعاطفنا نحن حتى يحاكي الطفل هذه المشاعر الإنسانية الراقية، وتتكون لديه مشاعر التعاطف وليس الشفقة فهناك فرق كبير بينهما:

  • فالتعاطف: يعني أن نحب الأخر مهما كان مختلفاً، ونتقبله، وتتواصل مع الشخص بدون حواجز.
  • أما الشفقة: فنحن نشعر بأننا في مرتبة أعلى من الشخص الآخر، وبالتالي يصبح التواصل صعب، أو شبه مستحيل.

وفقرنا لهذه المشاعر يجعلنا في مأزق حقيقي، وإذا كان المعلم في المدرسة والطلاب ليس لديهم القدرة على التعاطف مع الأطفال المختلفين أو مع من لديهم احتياجات خاصة، فالأفضل ألا يتم دمج هؤلاء الطلاب معهم.

التعاطف مع الآخرين

وانطلاقاً من هذا المبدأ، يقول الدكتور “جاد نصر” الاختصاصي في طب وجراحة الأسنان للأطفال: أنه من خلال تعامله مع الأطفال في عيادة الأسنان، ابتكر أفكار جديدة حتى ينمي روح المرح والدعابة لدى الطفل أثناء العلاج، فبدلاً من الصورة التقليدية والمخيفة التي رسمها الأطفال في مخيلتهم تجاه طبيب الأسنان، قام بخلق جو ملئ بالضحك كوسيلة للعلاج بشكل أفضل بدون خوف.

وتلك الطريقة تناسب بشكل كبير الأطفال الذين لديهم احتياجات خاصة، حيث أغلبهم لا يقبل بأن يقترب أحد منهم، نظراً لفكرتهم بأن هذا الشخص سوف يؤذيه بشكل أو بآخر؛ كما تبني هذه الطريقة علاقة ثقة بين الطبيب والمريض؛ وعلاقة الثقة هذه مهم جداً أن تُبني بين الطفل وأهله، ومعلمه؛ حتى يتقبل الطفل أن يتشبه بصفات الأهل، أو معلميه.

ومن الجدير بالذكر أن في وجود التكنولوجيا الحديثة الآن، أصبح التعاطف وغيره من الصفات الإنسانية في حالة من الاختفاء البطيء، فبدلاً من أن يكون هناك علاقات حقيقية في حياة الطفل، يبني علاقات مع جهاز معدم المشاعر، كما أن هذه الأجهزة تسبب للطفل مشاكل واضطرابات في النوم، والأكل، والهضم، ذلك بالإضافة إلى إمكانية حدوث هلوسة للطفل.

التعاطف مع الآخرين

فقديماً كان الأطفال اجتماعيين أكثر، يلعبون في الشوارع والأندية، ويبنون مجتمع متكامل لديهم، أما مع وجود الأجهزة الحديثة، والالعاب الالكترونية أصبح الطفل منطوي، لا يتعامل مع الأشخاص كما في السابق، وبالتالي اختفت صفة التعاطف وغيرها من الصفات الإنسانية.

ومن هنا جاء دور الأهل، بعدم ترك الطفل يستخدم هذه الأجهزة والالعاب لفترة طويلة، وأن يدمجوه في الأنشطة الرياضية، وفي مخيمات، كما لابد وأن يقوم الأهل بخلق لغة حوار مع الطفل، حتى يكون لديه شخصية قادرة على النقاش والحوار بعيداً عن تلك الألعاب المرهقة ذهنياً، وبدنياً.

وأخيراً، فإن الحب الذي نريه لأطفالنا، هو الحب الذي ينمي بداخلهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top