علاقة التدخين بأمراض السرطان

صورة , التدخين , رجل , مدخن , السرطان
التدخين

“لازال الحديث مستمر على مرض السرطان الذي أصبح من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم لاسيما سرطان الثدي، حيث تشير الإحصائيات إلى إرتفاع معدلات الإصابة به، حيث أنه يصيب سيدة من بين كل ثمانية سيدات، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات السرطان التي يتم تشخيصها في الشرق الأوسط سيتضاعف خلال العقدين المقبلين، لذلك فقد خصصت العديد من المؤسسات والجمعيات والمراكز الطبية حملات خاصة للتوعية بهذا المرض.

ولأجل كل هذه المعطيات كان من الضروري التركيز على التعرف على خطر سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر عنه وأحدث الطرق العلاجية له من خلال سؤال الدكتور “عاصم منصور” مدير مركز الحسين الأردني للسرطان.

هل للتدخين أثر مباشر في الإصابة بسرطان الثدي؟

بما لا يدع مجالاً للشك يعتبر التدخين سبب أساسي وذو أثر مباشر في الإصابة بالعديد من أنواع الأورام السرطانية يتجاوز العشرة أنواع ومن ضمنها سرطان الثدي، فكان من المعروف أن التدخين سبب مباشر في الإصابة بسرطانات الرئة والمثانة والعنق والرأس والدم، ولكن الدراسات الحديثة أبرزت دوره المباشر في زيادة الإصابة بسرطان الثدي عند السيدات المدخنات أيضاً.

هل تخفض طرق الوقاية الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 40% كما يُقال؟

تابع “د. منصور” بالفعل أثبتت الدراسات أن إتباع طرق الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي تساهم في خفض معدلات الإصابة به بنسبة 40%، بل وتعتبر القاعدة الذهبية لتفادي خطر تفشي الإصابة بمرض السرطان بشكل عام هي الإلتزام بطرق الوقاية، وإذا ما فشلت طرق الوقاية ووقعت الإصابة فمن الضروري الكشف المبكر عنه ومن ثَم العلاج.

فقد أثبتت الدراسات البحثية العالمية أن 35% على الأقل من أنواع الأورام السرطانية يمكن تجنبها وتفاديها تماماً بالإلتزام بالطرق الوقائية الصحيحة، ومن بين هذه السرطانات التي يمكن تفاديها الأنواع الناتجة عن التدخين مثل سرطانات الرئة وسرطانات المثانة، وكذلك السرطانات المرتبطة بالعدوى مثل سرطان عنق الرحم وإلتهاب الكبد الفيروسي الذي يتطور مسبباً أورام خبيثة بالكبد.

والخلاصة أن العديد من الأورام السرطانية لها أسباب واضحة جداً، وبالتالي من السهل الوقاية منها بتجنب تلك الأسباب لحماية المريض من مشقة المرض وأعراضه وعلاجاته.

وأضاف “د. عاصم” وتجدر الإشارة إلى أن الأسباب المعروفة للأورام السرطانية من الممكن تصنيفها تبعاً للمناطق الجغرافية، وإذا ما نظرنا لوطننا العربي فسيتضح لنا أن التدخين هو السبب الرئيسي للمرض، وهو المسئول عن 25% من حالات السرطان كلها، في حين أن بعض دول أمريكا الجنوبية مثل البرازيل مثلاً ينتشر فيها سرطان عنق الرحم، وذلك تبعاً لإنتشار العلاقات الجنسية الغير منضبطة، ومن ثَم إنتقال الفيروسات المسببة للمرض عبر هذه الممارسات، وقِس على ذلك المناطق الجغرافية التي تنتشر فيها إلتهابات الكبد B وC، فهنا تنتشر أورام الكبد تبعاً لهذا السبب، وعليه يمكننا القول أن لكل دولة أسباب خاصة تؤدي إلى انتشار أنواع بعينها من السرطانات، وبالتالي عند تفادي هذه الأسباب تحدث الوقاية من هذا المرض الخبيث.

ومن ناحية أخرى توجد أسباب عامة تشترك فيها كل مناطق العالم، وهي أسباب يمكن تجنبها لتفادي خطر الإصابة بالأورام السرطانية، وأبرز تلك الأسباب السمنة والتدخين وعدم ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية وكثرة تناول اللحوم الحمراء المصنعة.

هل يمكن تفادي السرطانات التي تنتقل عن طريق العدوى بالتطعيمات؟

بكل تأكيد تناول التطعيمات الخاصة بالفيروس المسئول عن هذه الأنواع من السرطانات يحمي من خطر الإصابة بها، وهذا واضح من إنخفاض معدلات الإصابة في الدول التي أجبرت مواطنيها على أخذ هذه التحصينات.

إلى أي مدى تقترب البشرية من إنتاج علاج نهائي للسرطان؟

أشار “د. عاصم” إلى أنه لابد من التأكيد على أن تطوير الأدوية المناعية لعلاج السرطان بشكل كامل يجري على قدم وساق منذ قرن من الزمن، وفي هذه السنة تحديداً (2018) مُنحت جائزة نوبل في الطب لعالِمين بالمناصفة أحدهما أمريكي وآخر ياباني، وسبب حصولهما على الجائزة هو إعادة الإعتبار لأهمية تقوية الجهاز المناعي بأدوية معينة قاموا بإكتشافها حتى يستطيع الجهاز المناعي مهاجمة الخلايا السرطانية والقضاء عليها، وهو ما يعد إعادة إحياء لفكرة الأدوية المناعية.

فمن المعلوم للجميع أن الجسم يحتوي بشكل يومي على خلايا ضارة قد تتسبب في مرضه وقد تتحول إلى خلايا سرطانية، ولكن بفضل قدرة الخالق سبحانه وتعالى يقوم الجهاز المناعي بمهاجمتها والقضاء عليها لحظياً، ولكن إذا ضعف الجهاز المناعي أو إذا أنتجت هذه الخلايا مواد مقاومة للجهاز المناعي تقع الإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض الأخرى.

ومن هنا عمل هذين العالمين المتخصصين – وغيرهم – على تقوية الخلايا المناعية في الجسم، حتى تقوم هذه الخلايا بدورها في مهاجمة السرطان والقضاء عليه دون الحاجة إلى أنواع أخرى من العلاج تقوم هي بعنصر المقاومة، ولكن ما توصلا إليه أثبت نجاعته مع سرطان الرئة وسرطان الجلد فقط، وهذا لا ينفي وجود دراسات أخرى تعمل على أنواع أخرى من الأورام السرطانية، ولكن من المبكر الحكم على نجاحها.

والخلاصة أن البشرية تقترب من علاج مناعي نهائي للسرطانات، ولكن لا يمكن تحديد وقت ما أو تاريخ ما لنهاية رحلة البحث، وعليه مازلنا نستخدم أنواع العلاج الأخرى المتمثلة في العلاجات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والجراحية.

هل تلعب الفحوصات الدورية دوراً في الوقاية من السرطان؟

توجد أنواع من الأورام السرطانية التي ثبت جدوى الفحص المبكر عنها، وعلى رأسها سرطان الثدي وسرطان القولون وسرطان عنق الرحم وسرطان الجلد، فكل هذه الأنواع يتوافر طرق خاصة للكشف المبكر عنها، كما أثبت أن الكشف المبكر عنها يمثل 50% من الشفاء والتعافي الكامل منها.

واختتم “د. عاصم” وبالنسبة لتحديد التوقيت المناسب لهذه الفحوصات الدورية فنقول أن هذا الأمر مختلف باختلاف نوع الورم السرطاني، ومختلف باختلاف كل حالة مرضية على حدة، فسرطان الثدي مثلاً أثبتت الدراسات أن السيدات العربيات يصبن به بأعمار أقل بعشرة سنوات من السيدات الأوروبيات، ومن هنا من الضروري الإلتزام بالفحوصات الدورية للكشف عنه بالماموجرام فور بلوغ سن الأربعين إذا لم تمتلك السيدة تاريخ عائلي مع المرض، أما من تمتلك أقرباء من الدرجة الأولى عانين من المرض فيلزمهن الكشف المبكر عنه في فئة عمرية أصغر من الأربعين، وكذلك الحال مع سرطان القولون فمن الضروري الكشف عليه دورياً بفحص البراز مرة كل عام وتنظير القولون مرة كل 5 سنوات منذ بلوغ سن الخمسين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top