خطبة عن وصف الجنة ونعيمها – مكتوبة

اليوم؛ نجِد الشيخ الجليل د. محمد العريفي يُطنب في خطبة عن وصف الجنة ونعيمها، ونحن حاولنا أن نفيدكم بها أيضًا، فعقدنا العزم -بحول الله ﷻ وقوته- على توفير هذه الخطبة من أجلكم، وتكون مكتوبة كاملة. وذلك حتى يتمكن جميع الخطباء الأكارم -ممن اعتادوا على زيارة موقع المزيد ليجدوا جديد الخطب والدروس- من الاحتفاظ بالخطبة مكتوبة في ملف عادي أو pdf أو طباعتها أو الاقتباس المجزوء منها.

يُمكِن تسمية أو عنونة خطبة اليوم بعنوانها الأصلي الذي اخترناه لها، وهو: خطبة عن وصف الجنة ونعيمها. أو الاجتهاد في هذا الشِّق، فيكون العنوان مثلا: خطبة الجنة تنادي مكتوبة أو خطبة الترغيب في الجنة. فجميعها صيَغ لا تُخالف محتوى خطبتنا اليوم.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله ﷻ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والند والنظير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله -صلى الله وسلم وبارك عليه- وعلى آله الطيبين، وأصحابه الغر الميامين، ما اتصلت عين بنظر، ووعت أذن بخبر وسلم تسليما كثيرا.

الخطبة الأولى

أما بعد أيها الإخوة المؤمنون، أقبل الأنصار إلى رسول الله ﷺ لما كان في مكة قبل أن يهاجر، وكانت قريش تؤذيه ﷺ بأنواع الإيذاء.

فاقبلوا واجتمعوا مع النبي ﷺ في ليلة من الليالي في ظلمة الليل، في خفية من قريش، وهم يعلمون أن الناس يحاربون النبي ﷺ، وأن قريشًا وهي أعمامه وقرابته يؤذونه بأشد أنواع الإيذاء فبايعهم النبي ﷺ بيعة عظيمة عميقة.

من ذلك؛ أن يؤمنوا بالله ﷻ، ويذروا ما كان يعبد آباؤهم الأولون، وأن يمنعوه كما يمنعون أبناءهم وأنفسهم وأزواجهم.

شوق الصحابة للجنة

ثم قالوا له: يا رسول الله فإنا قاطعون حبالا كنا واصلوها لأجلك، وإنا محاربون الناس جميعا لأجلك فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ إذا أمنا وقد أعرض الناس عن الإيمان، وأسلمنا وقد أعرض الناس عن الإسلام، وبايعنا وقد أعرض الناس عن البيعة، وأحسنا إليك وأويناك وقد أعرض الناس عنك.

يا رسول الله إذا قاتلنا دونك وسكبنا دمائنا وبذلنا أموالنا وفارقنا ديارنا فماذا تعطينا يا رسول الله؟ فما لنا يا رسول الله؟ قال ﷺ «لكم الجنة».

قالوا: ربح البيع أبا القاسم لا نقيل ولا نستقيل.

كانت قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- منذ أن يقبلوا للدخول في الإسلام مملوءة بالشوق إلى تلك الدار الآخرة، مملوءة بالشوق إلى الجنة وما أعد الله ﷻ فيها بل إنه ﷺ لما قال لرجل من الناس «خذ، أعط هذا اليتيم تلك النخلة» لما اختلف رجل مع يتيم على نخلة في بستان في المدينة، فقال ﷺ لذلك الرجل «أعط اليتيم هذه النخلة، تنازل بها له» فأبى الرجل ذلك، فقال ﷺ «أعطه النخلة ولك بها نخلة في الجنة».

وإذا الرجل غلب عليه حبه لبستانه فقال: لا يا رسول الله، فقام أبو الدحداح، قال: يا رسول الله إن اشتريت هذه النخلة وأعطيتها لهذا اليتيم ألي بها نخلة في الجنة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم «نعم».

فقال أبو الدحداح لهذا الرجل: هل تعرف بستاني الفلاني؟ بستان الذي فيه كذا وكذا من النخيل والأشجار، قال: نعم، قال: هو لك كله بهذه النخلة، بعني إياه فباعه الرجل نخلة واحدة ببستان كامل.

ثم مضى أبو الدحداح إلى بستانه وحرك الباب ونادى زوجته وأبناءه، وقال: اخرجوا فقد بعت البستان بنخلة في الجنة.

هكذا كانت قلوبهم أيها الناس تتعلق بتلك الدار التي قال الله ﷻ فيها ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ﴾.

وصف الجنة في القرآن الكريم

الله يدعونا إلى أن ندخل تلك الجنة التي زينها الله ﷻ لعباده، وقال «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».

ذكر الله ﷻ الجنة في كتابه في أربعين موضعا، زينها الله ﷻ لعباده، ومدحها النبي ﷺ لأصحابه، وذكرها كثيرًا وحرّصهم عليها، وحدثهم عنها وعلق قلوبهم بها.

وقال ﷺ كما عند مسلم «إن موسى -عليه السلام- سأل ربه» حتى الأنبياء السابقون تعلقت قلوبهم بها، «سأل موسى ربه فقال : يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنة الجنة فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ »

أعظم ملك منذ أن خُلقت الدنيا إلى قيام الساعة يكون لي مثل ملكه، في قصوره وارائكه وماله من نعيم؟ نعم، فيقول الله ﷻ له «هذا لك ومثله معه، فيقول رضيت ربي» يعني هذا الملك لك مضاعفا باثنين، فيقول الله «ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله» خمسة أضعاف.

«فيقول العبد رضيت ربي، رضيت ربي، فيقول الله لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت عينك ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، قال موسى يا ربي فما أعظمهم منزلة؟» إن كان هذا هو أدناهم، وما فيهم دنيء، إذ ليس في الجنات من نقصان يا ربي.

«إذا كان هذا أدناهم فما أعظمهم منزلة، فيقول الله ﷻ أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم تسمع أذن ولم ترى عين ولم يخطر على قلب بشر».

أسأل الله وإياكم أن يجعلنا من أهلها.

أولئك الذين لا يذكر نعيمهم حتى يرونه بأعينهم، أولئك الذين لا يفشى سرهم بل هو مخبأ لهم عند ربهم، أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي فلم ترى عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر.

أبواب الجنة الثمانية

هذه الجنة زينها الله ﷻ لعباده، وإذا اقبلوا إليها، وإذا لها ثمانية أبواب، هذا باب الريان يدخل منه الصائمون، وهذا باب يدخل منه أهل الجهاد، وهذا باب يدخل منه أهل البر بالوالدين، وهذا باب يدخل منه أهل القيام، وأهل القرآن.

لها ثمانية أبواب بين مصراعي الباب الواحد، بين جهتي حافتي الباب الواحد مسيرة أربعين سنة من سعة هذه الأبواب.

قال ﷺ «وليأتين عليه يوم وهو مكتظ» مع سعة الباب الواحد مسيرة أربعين سنة إلا أنه مع ازدحام المؤمنين لدخولها يكون مكتظا بزحامهم.

تحية أهل الجنة

إذا دخلها أهلها قيل لهم سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، وأي استقبال أجمل من هذا الاستقبال؟ ويقال لهم ﴿سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.

فيقولون ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾، وعدنا إن صلينا بالجنة فصدقنا، وعدنا إن قمنا إن صمنا إن بررنا إن صبرنا إن غضضنا أبصارنا، إن ابتعدنا عن الحرام.

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثْنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء﴾.

فإذا دخلوها قال ﷺ «والذي نفسي بيده ما أنتم بأعرف في الدنيا بمساكنكم وأزواجكم من أهل الجنة بمساكنهم وأزواجهم».

يدخل إلى الجنة وهو يعرف أين موضع بيته، يمشي إلى بيته كما أنه في الدنيا يعرف موضع بيته فيسير إليه فكذلك هو إذا دخل الجنة ما يحتاج أن يسأل أين بيتي؟ وأين داري وأين قصري؟ وإنما هو يعرفه كما يعرفه في الدنيا كما قال الله ﷻ ﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾.

شجر الجنة سيقانه من ذهب

ثم ينظرون إلى أشجارها وما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب، وينظرون إلى بنائها وإذا لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وينظرون إلى أشجار عظام «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها».

«وفي الجنة خيمة للمؤمن من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا، وطولها في السماء ستون ميلا، للمؤمن في جوانبها أهلون، يطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا»، لؤلؤة، يسكن في لؤلؤة.

نعيم الجنة

وأخبر النبي ﷺ «أن رجلا في الجنة سأل الله ﷻ الولد، قال يا ربي أني أشتهي الولد فيأذن الله ﷻ له بذلك، فإذا أذن الله ﷻ له بهذا، كان حمله وولادته وسنه وشبابه في طرفة عين».

هذا من نعيمها، وأخبرنا النبي ﷺ «أن رجلا سأل الزرع، يا ربي أنا أريد أن ازرع، فيقول الله ﷻ له يا ابن آدم، ألست فيما تشتهي؟ الست فيما تشتهي؟ قال بلى يا ربي، ولكني أحب الزرع؟ فيأذن الله ﷻ له بذلك، فيبادر الطرف نباته واستوائه واشتداده، فيقول الله ﷻ دونك يا ابن آدم».

لا يحتاج أن ينتظر كما ينتظر في الدنيا لا، وإنما خلال وقت يسير وإذا بهذا الزرع مكتمل بين يديه.

وأخبرنا النبي ﷺ بنعيم آخر فقال «إن الرجل لينظر إلى الطائر يطير في السماء فيشتهيه»؛ يشتهي أن يأكله «وإذا هو بين يديه مشويا».

ولما قرأ محمد ابن المنكدر قول الله ﷻ ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا﴾ قال: إن العبد المؤمن يكون على سريره في الجنة فينظر إلى الثمر فيشتهيه فيمد يده إليها، يمد يده إليها، فيدنو ذلك الغصن حتى تقع الثمرة التي يريد في يده، فيقبضها، ثم يعود الغصن إلى مكانه وينبت مكانها مثلها.

وذلك قول الله ﷻ ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا﴾ وهو قول ﷻ ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾.

أهل الجنة يأكلون ويشربون لكنهم لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون وإنما أثر ذلك الطعام والشراب رشح، رشح عرق بريح المسك يخرج من أجسادهم.

وإذا دخلوا الجنة وتنعموا فيها اشتاق بعضهم إلى أهله وأولاده فيزورهم، ويقول الله ﷻ ممتنا عليهم ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ﴾.

إذا كان الأب أو الابن أو الأخ أو الزوجة إذا كان عابدًا صالحًا، وكان في مرتبة عالية فإن الله ﷻ يرفع أهله الذين كانوا في مراتب أدنى منه يلحقهم الله ﷻ به في أعالي الجنان حتى يأنس بذلك أعظم وأعظم.

مرافقة النبي ﷺ في الجنة

وأهل الجنة يذهبون لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم، الذي أحب أمته ودعا لهم واشتاق إليهم.

قال ﷺ يومًا «وددت لو أني رأيت إخواني» قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال «أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي يود أحد لو رآني بأهله وماله».

فيذهب أهل الجنة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرونه، نراه ونسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء.

أحببناه ولم نره في الدنيا فنسأل الله أن نراه في الجنة، نرى أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير الذين أحببناهم واقتدينا بهم، ونحن لم نره فنسأل الله أن يجمعنا بهم في جنته.

ويقول أهل الجنة ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ | الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.

وبينما أهل الجنة في الجنة إذ ﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ | يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ | أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ﴾.

إن هذا لهو الفوز العظيم

يتحدث أهل الجنة بعدما رأوا النعيم المقيم، يقول أحدهم: كان لي صديق في الدنيا، يقول هل أنت مصدق أن هناك آخرة؟ هل أنت مصدق أن هناك جنة ونار؟

استمتع بما ترى من شهوات ليس هناك جنة ولا نار، افعل كما نفعل ونم عن صلاتك وقع فيما تريد من الشهوات كان لي قرين، صديق يقول لي هذا الكلام، قال ﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ | يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ | أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ﴾.

﴿قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ﴾ أنت لا تراه في الجنة إذا هو هناك، ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ | قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ﴾.

كدت أن أصدقك، وأن تفسدني، أنت صاحب سوء ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ | وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ | أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ | إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾.

قال الله ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

هذه النجاة من النار هي الفوز العظيم ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ | لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ﴾.

إذا دخل أهل الجنة الجنة يقال لهم «يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويُقال لأهل النار خلود فلا موت».

رؤية الله ﷻ .. أعظم نعيم أهل الجنة

وأعظم نعيم أهل الجنة نعيم رؤية ربهم ﷻ، يقول النبي ﷺ «إن أهل الجنة بينما هم في الجنة إذ قال الله ﷻ لهم يا أهل الجنة هل أزيدكم؟ إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، قالوا يا ربنا فما تعطينا» يعني؛ ما تعطينا أكثر ونحن فيما اشتهت أنفسنا، «فيكشف الحجاب عن وجهه، فينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم، ما داموا ينظرون إلى وجه ربهم -جل وعلا-».

سوق أهل الجنة

وفي الجنة سوق يقبل إليه أهل الجنة، يقبلون وإذا تلال من المسك، وتلال من الجوهر، وتلال من الياقوت يجلسون على ما شاءوا  منها، وينصب لربنا -جل وعلا- كرسي، ثم يكون قربهم من ربهم كقربهم من الخطيب في يوم الجمعة كتقدمهم إلى التقدم في خطبة الجمعة في الحضور المبكر كما في الحديث.

يقول ﷺ «ويدني الله أحدهم فيقول له: يا عبدي أتذكر يوم كذا يوم فعلت كذا وكذا؟ ويذكره ببعض غدراته في الدنيا؟ فيقول: نعم أذكر يا ربي، أذكر يا ربي، فيقول: وتذكر يوم كذا، لما فعلت كذا وكذا، قال نعم يا رب أذكر يا رب، أذكر يا رب، ألم تغفرها لي؟ فيقول الله ﷻ بمغفرتي أدخلتك الجنة».

ويحاضر الرحمن واحدهم محاضرة الحبيب يقول: يا ابن فلان هل تذكر اليوم الذي قد كنت فيه مبارزا بالذنب والعصيان؟ فيقول رب أما مننت بغفرة قدما فإنك واسع الغفران، فيقول: معفرتي التي قد جنبتك لظى الجحيم وادخلتك جنان.

ثم تمر بهم في ذلك السوق سحابة فتمطر عليهم ما شاءوا ، وتهب عليهم ريح ما شموا أجمل ولا أطيب ولا ألذ ولا أعتق من ريحها، ثم يعودون إلى أهليهم فيقول أهلهم: والله لقد ازددتم جمالا بعدنا، فيقولون: ما لنا ألا نزداد جمالا وقد لقينا ربنا، وما لنا أن لا نزداد جمالا وقد لقينا ربنا.

أخيرا أيها المسلمون يقول النبي ﷺ «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك» يعني أن الذي يُريد أن يعمل للجنة فالعمل إليها يسير، وقال ﷺ «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وقال ﷺ «من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة».

وقال ﷺ «من صلى لله ثنتي عشرة ركعة في اليوم بنى الله له بيتا في الجنة» أن يصلي ركعتين قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء.

«الذي يحافظ على السنن الرواتب بنى الله له بيتا في الجنة» وقال ﷺ «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة» والقطاة نوع من الطير إذا أراد أن يبيض حفر حفرة يسيرة باض فيها «فمن بنى مسجدا ولو صغيرا بنى الله له بيتا في الجنة».

وقال ﷺ «لقيت ليلة أسري بي أبي إبراهيم -عليه السلام- قال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر».

هذا خبر الجنة وما أعد الله فيها، أسأل الله ﷻ أن يجعلنا وإياكم ووالدينا ووالديكم من أهلها.

قولوا ما تسمعون وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

وهنا أيضًا نسوق لكم خطبة «ثلاث منجيات» عظيمة ومؤثرة

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه -صلى الله وسلم وبارك عليه- وعلى آله وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين.

الدعاء

  • اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك ربنا من النار وما قرب إليه من قول وعمل.
  • اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وأحسن لنا ولهم الخاتمة والعاقبة يا رب العالمين.
  • اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
  • اللهم واحفظ جنودنا على الحدود يا رب العالمين.
  • اللهم واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وشر ما تعاقب عليه الليل والنهار.
  • اللهم واحمنا واحفظنا من كل سوء وبلية يا رب العالمين يا حي يا قيوم.
  • اللهم واحفظ أهلنا في كل أرض من أرضك يا عظيم المن يا ذا الجلال والإكرام.
  • اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وسائر ولاة أمور المسلمين يا رب العالمين.
  • اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وختامًا؛ وبعد هذه الخطبة الجميلة حول وصف الجنة ونعيمها؛ نترككم مع اقترحنا الأخير هنا، وهو خطبة الجنة دار المتقين.. خطبة قصيرة جدًا وسهلة. نسأل الله ﷻ لنا ولكم التوفيق والسداد.

أضف تعليق

error: