خطبة: أهل الاستجابة في القرآن والسنة «مكتوبة – مشكولة الآيات»

أيها الإخوة الأفاضل الأكارم أئمة وخطباء المساجد في كل مكان؛ هنيئًا لكم خطبة الجمعة القادمة هذه؛ والتي تأتيكم بعنوان: أهل الاستجابة في القرآن والسنة. نسوقها إليكم -أدناه- مكتوبة ومشكولة الآيات؛ حتى تتمكنوا من تحقيق أقصى استفادة منها.

وفي نهاية هذه الصفحة أيضًا؛ ستجدون رابط تحميل الخطبة بصيغة pdf.

مقدمة الخطبة

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

الخطبة الأولى

فإن الاستجابة لله ﷻ ولرسوله ﷺ حياة القلوب، ودليل الإيمان الكامل والمحبة الصادقة، حيث يقول الحق ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، ويقول ﷻ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِه﴾، ويقول ﷻ: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

وأهل الاستجابة موققون لشكر نعم الله ﷻ، باستعمال الجوارح التي وهبها الله إياهم في سماع الحق والاستجابة له، يقول ﷻ: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُون﴾، كما أنهم موعودون بالمغفرة والنجاة، والجنة يوم القيامة، يقول ﷻ: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، ويقول ﷻ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾.

ولا شك أن حياة أصحاب نبينا ﷺ تمثل الاستجابة الحقيقية الكاملة لله ولرسوله ﷺ، ففي حادثة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كانت الاستجابة اللحظية منهم -رضي الله عنهم-، حيث استداروا في الصلاة -وكانوا يصلون جهة بيت المقدس- عندما جاءهم من يخبرهم أن رسول الله ﷺ قد أنزل عليه الأمر باستقبال الكعبة في الصلاة.

وهذا أبو طلحة -رضي الله عنه- يسمع قول الله ﷻ: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ فيتصدق ببستانه -بيرحاء- وكان أحب أمواله إليه، يرجو أجر ذلك وخره عند الله.

ولما نزل قول الحق ﷻ في تحريم الخمر بصورة نهائية قاطعة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قال الصحابة -رضي الله عنهم-: انتهينا يا رب، انتهينا يا رب.

ولا شك أن الجزاء من جنس العمل، فمن استجاب لله ﷻ بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ استجاب الله دعاءه، حيث يقول الحق ﷻ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾، ويقول ﷻ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى﴾، ويقول ﷻ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.

ولما بلغ الأنبياء -عليهم السلام- الغاية في الاستجابة لله ﷻ كان دعاؤهم أولى بالإجابة، يقول ﷻ في شأن نبيه نوح -عليه السلام-: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾، ويقول ﷻ في شأن نبيه أيوب -عليه السلام-: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ | فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾.

ويقول ﷻ في شأن زكريا -عليه السلام-: ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ | فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.

ومن رزق الدعاء بصدق رزق الإجابة، يقول نبينا ﷺ: «ما من مسلم يدعو، ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، و إما أن يدفع عنه من السوء مثلها».

وهنا نجِد.. خطبة: حياة النبي ﷺ من الميلاد إلى البعثة – مكتوبة كاملة

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد ﷺ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا شك أن الإعراض عن أمر الله ﷻ، وعدم الاستجابة له من أبرز صفات المنافقين، الذين وصفهم الله ﷻ بقوله: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ | وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ | أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

ويقول ﷻ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا﴾.

أما المؤمنون الصادقون فقد ذكرهم الله ﷻ في مقام المدح والثناء، يقول ﷻ: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

فما أحوجنا إلى الاستجابة لله ورسوله، قبل أن يأتي يوم لا مفر منه ولا مرد، يقول ﷻ: ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ﴾.

اللهم احفظ بلادنا مصر، وسائر بلاد العالمين.


الآن؛ يمكنكم أيضًا تحميل خطبة: أهل الاستجابة في القرآن والسنة كاملة بصيغة pdf من هنا.

وكذلك؛ ندعوكم للاطلاع على خطبة: هدي النبي ﷺ في بيان منزلة الشهادة والشهداء

ولا تنسونا من صالح الدعاء؛ وبالتوفيق للجميع.

أضف تعليق

error: