خطبة أسوة حسنة — عن الرسول قدوتنا ﷺ

أحبابنا في كُل الأقطار الإسلامية، هنا لكم خطبة الجمعة في سلطنة عمان لهذا الأسبوع، وهي بعنوان: أسوة حسنة. وهنا نضعها بين أيديكُم مكتوبة لكي يتسنَّى لكم قراءتها وحِفظها بسهولة.

هذه هي الخطبة الرَّسمية والتي تأتي متوافِقة مع المولد النبوي الشريف. وقد وفَّرنا لكم هنا -في ملتقى الخطباء الأسبوعي والمحفلي- المزيد من الخُطَب في هذا الموضوع فيُمكِنكُم القراءَة والمُتابعة؛ والبحث عن كثْب لتجدوا المزيد من الخُطَب.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي أرسل إلينا رسوله يتلو علينا آياته، ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة لنكون من أهل طاعة الله ومرضاته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه المسارعين إلى مغفرة الله وجناته.

أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله- تكونوا خير أمة أخرجت للناس {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم}.

الخطبة الأولى

عباد الله: تعالوا بنا نقف وقفات عند قول ربنا تبارك وتعالى {وإنك لعلى خلق عظيم} فإن في هذه الآية الكريمة توكيدات تدعو المتدبر إلى إمعان النظر ورجع البصر؛ فإن خلق النبي ﷺ لم يكن موضع شك ولا جحود، بل كان مجمعا عليه، يعرفه به البعيد والقريب، والبغيض والحبيب.

إذن فما الغرض من تلك التوكيدات الشريفة؟ لقد أراد القرآن الكريم لفت العقول البشرية إلى عظمة هذه الشهادة الربانية في رسول الله، وتنبيه المخاطبين لأهمية الخبر، وما أدراك ما الخبر؟! فإن أخلاقه ما كانت لتجتمع في مخلوق واحد، وسجاياه الكريمة ما كانت لتستوعبها نفس واحدة، وإن الأخلاق العظيمة التي تفرقت في الأنبياء والمرسلين كلهم، جمعها الله كلها في النبي محمد ﷺ؛ فاستحق من الثناء من ربه جل جلاله ما لم يكن لأحد من العالمين قبله ولا بعده؛ فقال فيه مولاه {وإنك لعلى خلق عظيم}.

فأراد القرآن بتلك التوكيدات الجامعة أن يلتمس الناس تلك الأخلاق، ويتحسسوا تلك السجايا؛ ليعرفوه كما يعرفون أبناءهم أو أشد معرفة، وعند ذلك لن يملك الإنسان إلا أن يتأسى بتلك الأسوة الحسنة، ويقتدي بذلك الهدي القويم، غير مكره على ذلك، بل إيمانا وتسليما؛ لأنه لن يجد مثلا أعظم من ذلك المثل، ولا أسوة أرقى من تلك الأسوة، ولا هدى أقوى من ذلك الهدى؛ فيتحقق مراد الله جل جلاله {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}.

أيها المؤمنون: لقد ذكر القرآن الكريم القيم السامية، والأخلاق العظيمة؛ فتجد في القرآن الإسلام والإيمان والإحسان، ونجد فيه الرحمة والعفو والحكمة والموعظة الحسنة، ونجد فيه التعاون والمحبة والخير والمجادلة بالتي هي أحسن، ونجد فيه البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل نجد فيه ما لا تنقضي عجائبه من الأخلاق والقيم.

ولم يكن النبي ﷺ يفسر ذلك أو يشرحه غالبا بالكلمات، أو يضع لتلك المفاهيم تعريفات؛ بل كان من حوله يرى ذلك عين اليقين في أحوال النبي ﷺ، في كلامه وصمته، في قيامه وقعوده، في صلاته وصيامه، في صدقاته وحجه، في تعاملاته مع أتباعه وأعدائه، في سعيه في حاجات الناس، في رحمته للصغير وتوقيره للكبير، في عيادة المريض وسؤاله عن الغائب، بل كانت قلوبهم لا يتراءى لها شيء إلا ويجدون فيه لرسول الله ﷺ أثرا حسنا؛ حتى تملك قلوبهم حب النبي الكريم؛ فكان أحب إليهم من والديهم وأولادهم وأموالهم والناس أجمعين، ولم يجدوا وصفا لخلقه إلا أن يقولوا: {كان قرآنا يمشي على الأرض} إي وربي {كان قرآنا يمشي على الأرض}.

يا أيها الذين آمنوا: لقد وقف الموصوفون بكرم أو حلم أو علم أو شجاعة أو بلاغة أو حكمة حيارى أمام ما رأوه أو سمعوا به من خلق النبي العظيم؛ حتى رأوا أن ما أوتوا ليس شيئا أمام ما أوتي النبي ﷺ؛ وقد عد طائفة منهم خلقه العظيم معجزة كبرى من معجزاته، وآية عظمى على صدق نبوته، ولا عجب؛ فإن ذلك كان غاية من غايات بعثته، ومظهرا جليلا من مظاهر دعوته، وإن من أجمع الكلم قوله الشريف: {{إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق}}.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين.

أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن خير هدي تربى عليه الذرية هدي رسول الله، ولن يبلغ ذلك قلوب أولادكم حتى يروه فيكم؛ فإن ما تكسبه الناشئة مما تراه أكثر بكثير مما تسمعه، ولا يمكن لصغير أن يستجيب لكبير ينصحه بالصدق وهو لا يصدق، أو على الأمانة وهو غير أمين، أو على إقام الصلاة وهو لا يقيم الصلاة، أو على رحمة الصغير وتوقير الكبير وهو لا يرحم الصغير ولا يوقر الكبير، أو على حسن القول وهو لا يقول للناس حسنا، والتربية بالأسوة الحسنة منهاج القرآن الذي أدب به رب العزة والجلال نبيه فأحسن تأديبه؛ ولذلك لا بد أن يكون النبي ﷺ حاضرا في كل شأن من شؤوننا، حيا في كل حال من أحوالنا، لا يغيب عنا طرفة عين {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.

هذا وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدعاء

  • اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
  • اللهم أعز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، واجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.
  • اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.
  • اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.
  • اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.
  • ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
  • اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.

خطبة أسوة حسنة

وفَّرنا لكل إخواننا خطبة بعنوان أسوة حسنة «مكتوبة» تتواكب مع ما يطلبه الخطباء والأئِمَّة من خطب عن مولد النبي المصطفى عليه أَفضل الصلواتِ وأَكمل التحيات.

إذا كان لديكُم أي طلب أو تعليق، فسنكون في غاية الامتنان لو أخبرتمونا بما يدور في خلدكم عبر التعليقات أدناه.

أضف تعليق

error: