حين تترك أثرا جميلا!

تفحص الأحداث التي تحتفظ بها ذاكرتك، ستجد أن غالبها بقي في الذاكرة لأنه مرتبط بأثر سلبي أو إيجابي، لذا بقي هناك ولم يبارح الذاكرة رغم تقادم الأثر، تستعرضه دوما ثم ربما يؤثر في اللحظات التالية لعملية استعراضك!

في أحيان كثيرة تصادف شخصا لم تلتق به من قبل، غير أنه ترك أثرا جميلا في نفسك قبل رحيله، إما بتصرف نبيل أو بكلمة طيبة نطق بها أو بمثالية تعامل بها في موقف عابر، ويظل هذا الأثر في نفسك لتعود إليه من حين لآخر، وكل ذلك من أثر لحظة لم يستغرق حدوثها دقيقة واحدة.

فيما قد تصاحب زميلا لك في العمل لمدة عام كامل من دون أن تظفر منه ولو ببادرة لأثر إيجابي يضيفه لحياتك، بل تحتاج أحيانا لدفتر «أبو ثمانين» لتسجيل الآثار السيئة والحماقات المتكررة التي يرتكبها يوميا.

وبناء على ما سبق، فمن الجميل أن تترك أثرا جميلا في قلوب من تتعامل معهم، فقد لا يمنحك القدر فرصة أخرى لتصحيح الأثر السيئ الذي رسمته في ذاكرة شخص تقابله للمرة الأولى، ولست أظن أن ترك الأثر الجميل يكلف شيئا على الإطلاق، فالابتسامة مثلا، ليست بالأمر الذي يتطلب «كتالوجا» لمعرفة طريقة استخدامها، ولا لدورات تدريبية للتمرس عليها!

كل ما في الأمر أن تظهر أكبر قدر من أسنانك الأمامية فقط! وهو الأمر الذي لا أراه مكلفا بالدرجة التي تجعل موظفي خطوط الطيران لدينا يضربون جميعا عن التبسم ويظهرون قدرا هائلا من العبوس حتى تعتقد أنهم يعملون من دون رواتب! أو أنهم يقدمون لك خدمة مجانية نظير رحلتك التي ستتأخر عن موعدها حتما!

وكلما كان الانطباع الذي تتركه في نفوس الآخرين مؤثرا، كان أكثر رسوخا في الذاكرة. وهذا ما يفعله بالضبط الابن الأصغر لجاري محمد عندما يتركان أثرا راسخا ومؤثرا للغاية في كل مرة تزورنا عائلتهم الكريمة، فبقع الشوكولاته التي تزين جدران منزلنا بعد زيارتهم الميمونة تظهر بوضوح يده الصغيرة وأصابعه الخمسة، ولا تدع شكا في أن هذا الصغير يريدني أن أتذكره على الدوام، ثم أكيل الدعوات لمصانع الشوكولاته!

بقلم: ماجد بن رائف

واقرأ هنا: العيش المشترك وتقبل الآخر

كما يمكنك الاطلاع على: نظرة على الحملات التوعوية

أضف تعليق

error: