حكاية السيد «مريع».. حِكمة وعِبرة

بقليل من الوحشة كان السيد «مريع» يركل الحجارة في طريقه إلى الغابة. من يشاركونه الغابة ينادونه بالدب «مريع»، لكن صغار السن يتحدثون عنه باسمه مسبوقا بمفردة التبجيل التي يحبها: «السيد». ها قد بدأت حكايتنا بقليل من الوحشة، ثم قمنا بتعريف ماهية السيد «مريع»، لكننا حين انتهينا من التعريف كان السيد قد ضاعف وحشته بقدر ما ركل من حجارة.

في الغابة، تلك التي أصبحت معروفة باسمه، لم يعد أحد يتذكر كيف جاء «مريع» إليها، ولا ما إذا كان هذا السيد وفد إلى الغابة أم ولد هنا. يخيل لكبار السن أن هذا السيد سابق لوجود الغابة، وأنه سيكون باقيا حين يحاصرها الدمار الحتمي الذي يقصه عليهم السيد بحكمته المعهودة. يقول إنه عاش قصة وحيدة، هو يحياها الآن، وإن هذه القصة الوحيدة تدور حول وحشته المضاعفة، لكنه سعيد بوحشته لأنها تمنحه رؤية دقيقة لما سيحدث مستقبلا. حين يتحلق حوله من يؤمنون بحكمته اللانهائية، يصمت السيد، ويحدق في عيون الصامتين من حوله، تصمت الغابة فيصدر عن قلب «مريع» وجيب يعيد ترتيب الغابة، قبل أن يهمس: «عاش مريع، الذي يعرف نفسه جيدا، قصة وحيدة».

لماذا سمي بهذا الاسم؟ لا أحد يجيب. يقول القرد الحكيم إننا قبل أن نفكر في سبب تسمية السيد لا بد أن نناقش لماذا يقبع قلب «مريع» خارج قفصه الصدري!. قبل ملاحظة القرد لم ينتبه أحد لهذه الحقيقة الواضحة أمام الجميع. ربما كان الآخرون لا يشاهدون إلا ما يريدون مشاهدته فقط. بحثوا طويلا في القصة الوحيدة لذلك السيد ونسوا السؤال عن سبب وجود قلبه في العراء. قيل إن لهذا المشهد المريع علاقة بالاسم. لكن أحدا لا يؤكد ولا أحد ينفي.

بوحشة مضاعفة شوهد السيد «مريع» يركل الحجارة في زاوية من زوايا الغابة قبل أن يختفي. كثير من قاطني الغابة يقسمون على أنهم مازالوا يسمعون صوت وجيب قلبه في كل لحظة صمت. لكن عاشقا حقيقيا أقسم أنه رأى السيد «مريع» ينام مطمئنا في سرير مرافقته، وأنه عرف منها أنها تعد دقات قلبه حين تصغي لقلب السيد، فتعرف أن هناك من يفكر فيها على الدوام. وبوحشة مضاعفة، أيضا، صدقت الغابة هذه الرواية. جميعهم كان يقع في حب هذه الفتاة، ويحلمون أن تنصت لأحاديث قلوبهم من خلال وجيب قلب «السيد».

بقلم: حامد بن عقيل

وهذه لكم: قصة قصيرة للكبار | اُحْزُمْ وقتك واستعد للمتعة

أيضًا؛ لدينا: الإنسان وأشياء أخرى.. كلمات حزينة

أضف تعليق

error: