تقوى الله زاد الناجين

صورة , تقوى الله , القرآن الكريم , مسلم
القرآن الكريم

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى- بدر الدجى وشمس الضحى وأصحابه نجوم الهدى ومن بهم اهتدى، أما بعد فعن التقوى ومفهومها وفائدتها نتحدث، لنعلي قيم المراقبة والرقي ومحاسبة النفس والوقوف على زلاتها وأخطائها، والانشغال بإصلاح فسادها والتخلص من عيوبها بدلا من إهدار العمر في تتبع زلات البشر والتنقيب عن أخطائهم والانشغال بأحوالهم.

تعريف التقوى

تعريف التقوى هو ذاته التعريف القديم الذي درسونا إياه حين كنا نخطو أولى خطواتنا في طلب العلم الشرعي، لم يتغير ولسنا في حاجة لأن يتغير فقط نحن بحاجة إلى فهمه والوعي بمدلوله وتطبيقه، حتى نصل إلى الخلاص ونجد الجواب الشافي عن كل الأسئلة والفتن التي توافينا بها الأيام والمستجدات والأقدار، كل يوم بل كل ساعة.

التقوى قالو عنها أنها الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل، ويمكننا القول أن الجملة الأولى فيها الخلاصة والخلاص، فالخوف من الجليل سيقودنا حتما للعمل بما في التنزيل ويؤهلنا للاستعداد اللائق بيوم الرحيل، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ولو أردنا تبسيط المعنى وتوضيحه فيمكننا القول بأن الخوف من الله وتقوى الله هي أن تجعل الله دائما نصب عينك، والحَكًم في كل تعاملاتك ، وأن تعلم أنه الرقيب عليك في خلواتك، فإنه يراك من حيث لا تراه ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

التقوى هي أن تقصد الله في تعاملاتك وعباداتك، تبتغي الأجر والجزاء من الله، وتفر من غضب الله، أن تتق الله في عملك رغم يقينك من غياب رئيسك في العمل، هي أن لا تنتهك حرمات الله رغم يقينك أن لا أحد سيراك ولا يحاسبك، أن تترك طعامك وشرابك مختارا بقصد التقرب لله، وأن تتصدق خفية غير طالب لرياء ولا سمعة فقط ابتغاء مرضاة الله، التقوى هي أن تدور حياتك وتفاصيلها وأن تقوم اختياراتك فيها على أساس واحد لا منافس له، هو مرضاة الله.

تقوى الله في ميزان الشريعة الإسلامية

تقوى الله هي أساس كل طاعة، وهي الدافع الحقيقي للبعد عن كل معصية، وهي الوازع للصبر على الطاعات، والصبر عن الشهوات، وقد حثنا الله عز وجل في محكم التنزيل على التقوى، وجاء لفظ التقوى ومشتقاته في عدد كبير جدا من آيات القرآن الكريم، وفي مواضع مختلفة، ومنها على سبيل المثال قوله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) ﴿١٩٧ البقرة﴾, ومنها قوله تعالى في موضع آخر:(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا) ﴿٤٨ البقرة﴾، وغيره الكثير من المواضع التي ورد فيها الحث على التقوى، والدعوة إليها.

بعض ثمرات التقوي وفوائدها

التقوى هي المعين على طاعة الله والبعد عن معصيته، ومراقبة الله هي المانع عن الوقوع فيما لا يرضاه، فمن كان ديدنه تقوى الله، سهل عليه الالتزام بأوامره واجتناب نواهيه، والوقوف في وجه الفتن التي تعرض له والتصرف فيها بما يرضي الله عز وجل، أما عن ثمرات التقوى في الرزق والنجاة من المهالك والبركة في النفس والمال فحدث ولا حرج، فمن يتقي الله يسخر له دائما من يقيل عثرته ويمد له يد العون والمساعدة، بلا حول منه ولا قوة.

من ثمراتها العظمى ان الله جعلها مقياسا للتفاضل بين الخلق، فقال تعالى في كتابه الكريم:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13)، وأكد نبيه الكريم –عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ذلك المعنى وأصًله في خطبة الوداع إذ قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى).

ومن فوائد التقوى وثمراتها المباركة كذلك أن الله وعد أصحابها بالرزق وتفريج الكروب، وتيسير ما يستعصي عليهم وقضاء حوائجهم، وليس أدل على ذلك من قوله عز وجل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وما أعظمها من فائدة.

وأخيرا من ثمرات التقوى أن يفوز العبد بمعية الله ونصرته ومحبته ، وهو وعد صريح من الله لعباده وأوليائه من المتقين (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ويقول في موضع آخر: (بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (76) وكفى بها نعمة.

أضف تعليق

error: