المصيف في البيت.. أفكار تربوية ممتعة

المصيف في البيت.. أفكار تربوية ممتعة

الإجازة الصيفية هي أكثر ما يشغل تفكير الوالدين، وغالبا ما يحتار الآباء والأمهات، يطرحون حول ذلك تساؤلات لا نهاية لها، يتشاورون فيما بينهم أي الأشياء أفضل لأبنائهم، هذا التفكير يروق لي كتربوية، وأكون في قمة السعادة عندما يستشيرني أحدهما عن أفضل الطرق التي يمكن أن يستمتع بها أبناؤهم في الإجازة الصيفية على اختلاف أعمارهم، فالتكاليف المادية هامة، وتنمية قدرات الأبناء الشخصية هام جدا، والتعبير عن الذات بحرية وسعادة هو جوهر التنمية الذاتية التربوية في الإجازات، وفي السطور القادمة أطرح للوالدين عدة نقاط تعينهم على قضاء الإجازة الصيفية أو ما تبقى منها بشكل تربوي ممتع.

المصيف بين الضرورة والإلحاح

أول شيء يبحث عنه أبناؤنا صغارا كانوا أو كبارا، في أي مصيف سنكون في إجازتنا الصيفية؟ وقت هذا السؤال ينظر الوالدان كلاهما للآخر نظرة حيرة وخوف أحيانا، وهذه النظرة تتزايد بإلحاح الأبناء وإصرارهم.

والحقيقة التربوية هنا تلزم الوالدين بعقد جلسة أسرية، لاجتماع أسري يعقد بكامل الأعضاء، ويطرح فيه طموحات الأبناء في الإجازة الصيفية، وتعرض الإمكانيات المادية والاجتماعية، وتناقش وجهات النظر، ويتم الاتفاق على ما يناسب الأسرة بأكملها، ولهذا الاجتماع فوائده التربوية الخاصة، منها أن الأبناء يتعلمون أهمية المشاورة في الأمور الأسرية، ويكتسبون صفات الحوار المنظم وديمقراطية الرأي، ويطرح على عاتقهم جزءا من المسئولية، فيقدرون إمكانيات أسرتهم ونظامها الاجتماعي.

واقرأ: الرياضة الصحيحة وممارستها في فصل الصيف

الأنشطة والرحلات الأسرية

أصبحت النوادي منتشرة بكثرة في المدن والأحياء والقرى، لكن أي نشاط يناسب أطفالنا؟ وأي لعبة أفضل لتنمية قدراتهم وتدعيم إيجابياتهم؟ وهل يمكن لنادي الأنشطة أن يكون بديلا للرحلات الأسرية؟

كل له ميزته الخاصة، والأول يكمل الثاني، وكلاهما هام في تنشئة أبنائنا ومتعتهم، فنادي الأنشطة لا يغني عن الرحلات الأسرية، فكل منهما له فوائده التربوية والنفسية؛ فالنادي يلبي رغبات الأبناء الشخصية والجسدية من لعب الرياضة، أو التنس، أو كرة القدم، أو السباحة، أو ركوب الخيل، أو ممارسة متعة السباق بالأقدام، فكل ما سبق يساعد الأبناء على تبني منهج الاستقلالية، والاعتماد على الذات وتحقيقها، وبناء علاقات اجتماعية حميمة.

أما الرحلات الأسرية فهي ذات طابع مميز سيكولوجيا؛ فهي تقوي الانتماء الأسري، وتوثق الروابط الأسرية، ويشعر الأبناء بالدفء الأسري المخفي خلف ستارة الضغوط النفسية الأسرية في أغلب الأحيان، ويرون صورة أجمل للوالدين بالذات إن كانت الرحلات في الهواء الطلق بين أحضان الطبيعة، وضحكات الجميع الصافية، أيضا إن زيارة المتاحف والمناطق الأثرية التاريخية، وتضاريس البلاد كالجبال والتلال والهضاب، ومواردها الطبيعية كالأنهار والشلالات والآبار، فاكتشاف الطبيعة عن قرب، ولمس عظمة الأجداد تمنح أبناءنا الشجاعة من أجل الاستمرار، ومواجهة الصعاب، كما تملكهم من طاقة نفسية وفعالية ذاتية عالية.

وبالمناسبة: صيف أكثر متعة في مدن عربية ساحرة

باقة تربوية صيفية

من أجل إجازة أجمل لأبنائنا، والذين هم مصابيح البيوت وزينتها، أضع بين أيديكم مقترحات تربوية، تنفذ في داخل المنزل، تجعل الإجازة الصيفية ذات مذاق مختلف، كما تنعكس على ذات أبنائنا وذواتنا نحن الآباء والأمهات بالسعادة والإيجابية والترابط الأسري، منها:

الجلسات المسائية

افتقدت أسرنا طابع الجلسات المسائية وحفلات السمر العائلية، وهنا أدعو لها من جديد؛ لما فيها من مزايا تربوية عميقة الأثر؛ فجلسة مسائية لمدة ساعة في اليوم الواحد تعطي نكهة مميزة للأجواء العائلية، وإن جلستين في الأسبوع لمدة ساعتين لكل منهما تمنح أبناءنا فرصة الإبداع من أجل جلسة سمر تستحق تقدير الوالدين، وجلسة أسبوعية في نهاية الأسبوع لحفلة سمر يخطط لتنفيذها بحيث يكون لكل فرد من أفراد الأسرة حفلته الخاصة يخطط أنشطتها بنفسه ويتعاون معه الجميع لكنه هنا هو القائد؛ حيث يدور دور القائد ليصل الجميع حتى الوالدين، هذا يوفر للأسرة ترابطها وتكاملها، ويثير السعادة والتفاؤل والتشوق في الأجواء الأسرية.

وقت منظم.. متعة مضاعفة

جميل أن ينظم الوقت، وأن يربى أبناؤنا على احترام الوقت، وأن هناك متعة حقيقية في استثماره، والتعاون المشترك من أجل إنجاح مخططات الأسرة لإجازة صيفية ممتعة، فلا متعة من إدمان الإنترنت أو التلفاز، ولا متعة من قضاء كل الوقت خارج المنزل مع الرفاق، فالمتعة الأجمل أن تتكامل الأنشطة، وتتنوع في اتجاهاتها الترفيهية.

لمسات فنية راقية

الأوراق البيضاء.. الألوان المائية والشمعية والسائلة والجافة ويرافقها قوس قزح في قلب كل فرد في الأسرة توجه الجميع نحو متعة فنية ترتقي بالمشاعر والأحاسيس إلى مكانة رفيعة في النفس، بل تجعل الذات في تعبير مستمر باللون، وإسقاط اللون بصورة نفسية فريدة وخاصة، كل يختلف عن الآخر في الإسقاط والتعبير، هذا التنوع يبعث في نفوس أعضاء الأسرة الإثارة والإبداع والرغبة في التميز، وعلى الوالدين تشجيع الأبناء على الرسم حتى إن كانوا لا يرغبونه؛ فخطوط بسيطة على الورقة البيضاء تمنح النفس الراحة والاسترخاء، أيضا عليهم توليد الأسئلة حول ما رسم الأبناء، واستثمار أفضل الرسومات في تزيين المنزل.

السيكودراما لعبة نفسية ممتعة

السيكودراما في أبسط صورها هي التمثيلية النفسية، فلو أتيحت فرصة النشاط التمثيلي مرتين في الأسبوع للأبناء بمشاركة الوالدين أنفسهم، فهذا سيتيح إمكانية تعبير الأبناء عن طموحاتهم وآمالهم المستقبلية ومشكلاتهم اليومية في فكرة تمثيلية، كما يتيح لهم تقمص أدوار لا يمتلكونها في الوقت الحالي، لكن لديهم تصور خاص حول هذا الدور، كدور الأب أو الأم أو دور القائد الذي بيده تغيير مجرى الأمور لو تمتع بالسلطة، ويتيح للوالدين فرصة التوجيه غير المباشر للأبناء في كل ما يرغبون، بالإضافة إلى أنه نشاط ينشر المتعة والتعاون في الأجواء الأسرية.

الطهي قصة طريفة تجمع حولها القلوب

لنشاط الطهي نكهة فكاهية ممتعة، ومذاق مميز؛ فهو من صنع الأيدي الصغيرة والكبيرة معا، خاصة لو أتيحت الفرصة للأبناء لإبراز أفكارهم الخاصة في الطهي، وممارستها في المطبخ، وإن كللت بالتميز تستحق من الجميع التقدير ومن الوالدين جائزة مميزة، فأجواء الطهي تساعد الأبناء على اكتساب سلوكيات التعاون والمنافسة الإيجابية، وتقوي أجواء الأسرة بروابط فريدة وجميلة.

كتبت: وفاء أبو موسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top