“الطفل الخاص”.. من المعاناة إلى النجاح

"الطفل الخاص".. من المعاناة إلى النجاح

عند انتظار الطفل الأول يكون معظم الآباء والأمهات في لهفة .. يسألون في حيرة هل هو ولد أم بنت؟.. إلى من يشبه؟.. يعدون حجرته الخاصة التي سينتقل إليها بعد عام مثلا.. ثم يأتي الطفل.. وتتعرض الأسرة لصدمة كبيرة خاصة إذا كان الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وينشأ لديهم شعور بالذنب والغضب والتوتر والقلق من المستقبل، ويسيطر عليهم سؤال واحد: ماذا نفعل؟

ذوي الاحتياجات الخاصة هم فئة من فئات المجتمع يحتاجون إلى نوع مختلف من التعامل سواء داخل الأسرة أو المدرسة.. منهم من يتم اكتشاف مرضه مبكرا، وهناك أنواع أخرى لا يمكن تحديدها مبكرا وتكون إعاقتهم غير مرئية ولا تلاحظ سريعا.

ولذوي الاحتياجات الخاصة أنواع عديدة مثل المتأخرين دراسيا أو من يعانون من اضطرابات سمعية وبصرية، أو من يعانون من أمراض الكلام، أو يعانون من فرط الحركة وأمراض سلوكية، وتقدر إحصاءات منظمة اليونسيف أن عدد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وصل في عام 2000 إلى 200 مليون طفل.

المعادلة الصعبة

تقبل الأسرة لحالة الطفل ثم كيفية التعامل معه، وما هي المهارات التي يمكن تنميتها لديه؟.. هذه هي المفاتيح التي تؤثر على الطفل من حالة لأخرى، بعض الأسر تنجح في تشكيل نماذج رائعة، والبعض الآخر يعجز عن الوصول لواقع يستطيع كل أفراد الأسرة التكيف معه بشكل لا يؤثر عليهم سلبيا؛ فتتوقف الحياة داخل المنزل على رعاية هذا الطفل ويهمل في المقابل آخرون.

حين تزوجت “أ” كان لها مستقبل واعد وناجحة جدا في حياتها، وحين رزقت بأول طفل لها اكتشفت المرض منذ لحظات الولادة، فصغيرها يعاني من إعاقة حركية كاملة.. حينها قررت أن تتفرغ لذلك الطفل وتقوم برعايته رعاية كاملة مع الإيمان بما قدره الله لها، وبعد ثلاث سنوات رزقت بطفل آخر معافى تماما.

هذه الأم كانت من النماذج التي تمكنت من تحقيق المعادلة الصعبة، فطفلها الأول يبلغ من العمر الآن 24 عاما وهي مازالت مستمرة في رعايته بشكل كامل، أما ولدها الثاني فهو يعمل الآن معيدا بكلية الهندسة.

و”مها” اكتشفت بعد فترة من ولادة طفلتها أن لديها إعاقة جزئية في الجهاز الحركي، فلم تكن تتمكن من السير أو الحبو مثل باقي الأطفال، رضيت الأم بقضاء الله وبدأت في متابعة الأطباء لمساعدة ابنتها التي ظلت تعتمد على العلاج الطبيعي حتى سن 11 عام، ثم قررت بعد ذلك أن تساعد ابنتها في تقوية عضلاتها لتعتمد أكثر على نفسها وكانت تتعامل معها في المحيط الأسري بشكل طبيعي جدا وكأن ليس بها شيء مما زاد ثقتها بنفسها.. حتى التحقت ابنتها بكلية الآداب، ثم أنهت دراستها وتمكنت من الالتحاق بوظيفة، وبداخلها ثقة كبيرة بالنفس زرعتها فيها الأم منذ الصغر.

أما “عبير” فلم تستطع تحقيق النجاح ذاته الذي حدث في الحالتين الأولى والثانية، حيث رزقت الأم بطفلتها الثالثة ولديها فرط حركة وتأخر عقلي مما جعلها في حاجة إلى رعاية كاملة، كانت الأم في شدة القلق على طفلتها وسعت دوما إلى إبعادها عن الأطفال لأنها كانت تقوم بضرب من حولها، وحاول الوالد إقناع الأم بإنجاب طفل آخر لكنها خشيت أن ترزق بآخر معاق.

وأصبح وقتها كله للطفلة وأهملت بقية أسرتها حتى تركها زوجها، وأصبح أطفالها يخجلون من الخروج مع أختهم بسبب نظرات الشفقة التي تحيطها في كل مكان، وأصبحت الأم في شدة الحزن وتشعر بالمرض بسبب كثر ضرب الطفلة لها ولمن حولها.. تبلغ هذه الطفلة الآن عشر سنوات تعيشها الأسرة في مأساة تامة.

واقرأ هنا: كيف يود ذوو الإعاقة أن نتعامل معهم

الثقة أول خطوة

وحتى يتعامل رب الأسرة مع الطفل ذوي الاحتياج الخاص بشكل سوي بحيث يخرج معه من تلك الأزمة ويبني ثقته بنفسه وفي نفس الوقت يحافظ على أسرته ولا يخسرها؛ تقول “نيفين عمر” ،أخصائية تخاطب وعلاج صعوبات تعلم، أن أول مرحلة تمر بها الأسرة هي مرحلة الصدمة الشديدة لما يحدث معها وعدم التصديق للأمر وإنكار الوضع، إلا أنه في كثير من الحالات يبدأ تقبل الوضع ومعالجته، لذلك على رب الأسرة أو الأم على وجه الخصوص أن تعامل الطفل معاملة طبيعية وكأنه طفل سوي غير معاق على الإطلاق.

وتضيف نيفين: لا يجب أن تعطي الأم للناس من حول الطفل فرصة للتعاطف معه، بل بالعكس تحاول على قدر ما تستطيع أن يظهر في التجمعات العائلية بشكل طبيعي، ولا تحيطه بقدر من الغموض والسرية كما يحدث مع بعض الأسر.

وتشير إلى أن هذا الأمر سيعطي ثقة كبيرة للطفل، وخصوصا إذا طلبت منه الأم بعض الأعمال التي يستطيع القيام بها، وتقسم له المهام مع تعامله الطبيعي مع الأطفال الآخرين، كما يمكنه المشاركة في الألعاب الجماعية المنظمة من الكبار مع الأطفال وليست العادية حتى لا تظهر عيوبه ولا يبعد الأطفال عنه.

وتنتقد د.نيفين الخجل الذي تشعر به بعض الأسر تجاه أطفالها من ذوي احتياجات خاصة فتعزلهم تماما عن المجتمع، موضحة أن على الأسرة أن تتخلص من هذا الشعور لتبدو أمام الجميع بمظهر المؤمن الواثق من نفسه المتقبل بقضاء الله عليه، العالم أن الصبر هو الطريق الأمثل للجنة، وتوضح أنه من المهم أن نجعل الأقارب من العائلة على دراية تامة بكيفية التعامل مع الطفل وفي نفس الوقت تذكر الأم أمامهم الأمور التي تحسن فيها طفلها لأن هذا يدعم ثقته بنفسه ويدعمها هي أيضا نفسيا.

وهذا: مقال عن ذوي الهمم

معلومات تهمك

وإلى جانب هذه النصائح فهناك العديد من المؤسسات التي تساعد أسر ذوي الاحتياجات الخاصة على كيفية التعامل مع أبنائهم وتوضح لهم الخيارات التربوية والطبية المتاحة لهم، ومنها جمعية رسالة الخيرية التي تقدم بعمل جلسات للتخاطب وتعديل السلوك، ومؤسسة “ويانا” التي تقدم إرشاد للأسر وفرص توظيف لذوي الإعاقة، ويمكن أيضا التواصل مع نيفين عمر أخصائية التخاطب على هاتفها* وسوف تحاول تقديم المساعدة أو الإرشاد إلى الطريق الصحيح لمعالجة الطفل.

كتبته: مروة أشرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top